الغسل من المحيض
الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - الطهارة (10)
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة
عن عائشة، أن أسماء سألتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسل المحيض؟ فقال: ((تأخذ إحداكن ماءَها وسِدْرتَها، فتطهر، فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها، فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فِرْصةً ممسَّكةً فتطهر بها))، فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: ((سبحان الله، تطهرين بها))، فقالت عائشة - كأنها تخفي ذلك -: تتبعين أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: ((تأخذ ماءً فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء))، فقالت عائشة: (نِعْمَ النِّساءُ نساءُ الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)[1].
عن عائشة، أن أسماء سألتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسل المحيض؟ فقال: ((تأخذ إحداكن ماءَها وسِدْرتَها، فتطهر، فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها، فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فِرْصةً ممسَّكةً فتطهر بها))، فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: ((سبحان الله، تطهرين بها))، فقالت عائشة - كأنها تخفي ذلك -: تتبعين أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: ((تأخذ ماءً فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء))، فقالت عائشة: (نِعْمَ النِّساءُ نساءُ الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)[1].
المسألة الأولى: معاني الكلمات:
قوله: (أن أسماء سألت)، ذكر مسلم في إحدى الروايات أنها: (أسماء بنت شَكَل)، بالشين المعجمة والكاف المفتوحتين ثم اللام، وروى الخطيب في المبهمات هذا الحديث فقال: (أسماء بنت يزيد بن السكن)، بالمهملة والنون الأنصارية التي يقال لها: خطيبة النساء، وتبعه ابن الجوزي في التلقيح والدمياطي، وزاد أن الذي وقع عند مسلم تصحيف؛ لأنه ليس في الأنصار مَن يقال له شكل، وهو رد للرواية الثابتة بغير دليل، وقد يحتمل أن يكون شَكَل لقبًا لا اسمًا، والمشهور في المسانيد والجوامع في هذا الحديث: (أسماء بنت شَكَل)، كما في مسلم، أو أسماء لغير نسب كما في أبي داود[2].
قال السندي قولها: (إن أسماء بنت شكل)، أنصارية صحابية، وليست هي أخت عائشة، فظهر موافقة آخر الحديث بهذا، والله أعلم[3].
قوله: (عن غسل المحيض)، وفي رواية: (من غسل المحيض)، وفي رواية: (كيف تغتسل من حيضتها).
قوله: (فِرْصة)، بكسر الفاء وإسكان الراء وبالصاد المهملة، وهي القطعة من صوف أو قطن أو جلدة عليها صوف.
قوله: (من مَسك)، بفتح الميم، والمراد قطعة جلد، وقيل بكسر الميم والمراد الطيب المعروف، وصوب ابن حجر الأول، ومال النووي للثاني.
قال النووي: والمقصود باستعمال الطِّيب دفع الرائحة الكريهة على الصحيح، وقيل: لكونه أسرع إلى الحبل، ثم قال: فعلى الأول إن فقدت المسك استعملت ما يخلفه في طيب الريح، وعلى الثاني ما يقوم مقامه من إسراع العلوق.
وضعف النووي الثاني، وقال لو كان صحيحًا لاختصت به المزوجة، وإطلاق الأحاديث يرده، والصواب الأول (يعنى الكسر)، فإن لم تجد مِسكًا، فطيبًا، فإن لم تجد فمزيلاً كالطين، وإلا فالماء كاف[4].
قوله: (تطهري)، وفي رواية: (توضئي)؛ أي: تنظَّفِي.
قوله: (سبحان الله)، وفي رواية: (استحيا وأعرض).
وللإسماعيلي: (فلما رأيتُه استحيا علمتُها)، وزاد الدارمي: (وهو يسمع فلا ينكر)، والمراد بقوله: (سبحان الله)، التعجب؛ أي: كيف يخفى مثل هذا الظاهر الذي لا يحتاج في فهمه إلى فكر؟!
قوله: (تتبَّعي أثر الدم)، المراد به الفَرْج عند جمهور العلماء، وقال المحاملي وحدَه: إن المراد تطيب كل موضع أصابه الدم من بدنها، وظاهر الحديث حجة له كما عند الإسماعيلي: (تتبعي بها مواضع الدم).
قوله: (تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا، ثم تصب عليها الماء)، قال القاضي عياض: التطهر الأول من النجاسة وما مسها من دم الحيض، والأظهر - والله أعلم - أن المراد بالتطهر الأول الوضوء، كما جاء في صفة غسله - صلى الله عليه وسلم.
قوله: (حتى تبلغ شؤون رأسها)، بضم الشين المعجمة وبعدها همزة، ومعناه أصول شعر رأسها، وأصول الشؤون: الخطوط التي في عظم الجمجمة، وهو مجتمع شعب عظامها، الواحد منها شأن.
قوله: (قالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار...)، فيه سؤال المرأة العالِمَ عن أحوالها التي يحتشم منها[5].
المسألة الثانية: دم الحيض:
ضوابط وفوائد للمرأة المسلمة لمعرفة دم الحيض:
• اعلمي أن الدماء الطبيعية الخارجة من المرأة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 - دم الحيض: هو دم أسود غليظ له رائحة كريهة منتنة، يعرفه أغلب النساء.
2 - دم النفاس: هو دم ينزل بعد الولادة.
3 - دم الاستحاضة: هو دم يميل للحمرة خفيف، أشبه بالنزيف، يعرفه بعض النساء.
• اعلمي أن الاستحاضة لا تمنع المرأة من صلاة ولا صوم بإجماع العلماء، خلافًا للحيض والنفاس.
• يُعلَم إقبال الحيض بدفعة الدم، ويعلم إدباره بإحدى حالتين:
إما بالجفاف، والمراد وضع شيء في فرج المرأة، ليعلم هل جف أم لا؟
وإما بخروج القصَّة البيضاء، وهي عبارة عن ماء أبيض يخرج من الرحم عند انقطاع دم الحيض.
• اعلمي أن الحيض والنفاس ليس له حد لأقله أو لأكثره، على الراجح، فمتى رأت المرأة الدم فهو حيض، ومتى رأت الطهر اغتسلت وتطهرت[6].
• اعلمي أن الكدرة والصفرة[7] إذا كانت وقت الطهر فهي طهر، وإذا كانت في وقت الحيض والنفاس فهي حيض.
اعلمي أن المرأة المستحاضة لها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: المعتادة: وهي أن تكون لها عادة؛ أي: تعرف المدة والوقت التي كانت تحيض فيه، فهذه المرأة تحتسب وقت حيضتِها والباقي تعتبره استحاضة؛ فعن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاضُ فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا، إنما ذلك عرقٌ، وليس بحيضٍ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصَّلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، ثم صلِّي))[8].
الحالة الثانية: المميزة: وهي أن تكون ليس لها عادة معلومة، ولكنها مميزة؛ أي تستطيع أن تفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة، ففي حديث فاطمة بنت حبيش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن دم الحيضة أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الأحمر، فتوضئي وصلِّي، فإنما هو عرق))[9].
الحالة الثالثة: الحائرة: وهي التي ليس لها عادة معلومة، ولا تستطيع التمييز بين دم الحيض والاستحاضة، فهذه تعمل بغالب النساء، فيكون حيضها ستة أيام، أو سبعة أيام من كل شهر، ويكون بقية الشهر استحاضة؛ ففي حديث حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضةً كثيرةً شديدةً، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضةً كثيرةً شديدةً، فما ترى فيها، قد منعتني الصلاة والصوم، فقال: ((أنعَتُ لك الكُرْسُف؛ فإنه يُذهِب الدم))، قالت: هو أكثر من ذلك، قال: ((فاتخذي ثوبًا))، فقالت: هو أكثر من ذلك، إنما أثجُّ ثجًّا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سآمرك بأمرين أيهما فعلتِ أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم))، قال لها: ((إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيتِ أنك قد طهرت، واستنقأتِ فصلي ثلاثًا وعشرين ليلةً أو أربعًا وعشرين ليلةً وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن، ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخِّري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك))، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وهذا أعجبُ الأمرين إلي))[10].
الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة:
1- اللون: دم الحيض أسود، ودم الاستحاضة أحمر.
2- الرِّقَّة: دم الحيض ثخين، دم الاستحاضة رقيق.
3- الرائحة: دم الحيض منتن الرائحة، دم الاستحاضة غير منتن.
4- التجمد: دم الحيض لا يتجمد، دم الاستحاضة يتجمد.
المسألة الثالثة: ما يحرم على الحائض والنفساء:
1 -2 الصلاة - الصيام:
أجمع العلماء على أنه يحرُمُ على الحائض والنفساء الصلاةُ والصيام، فرضُهما ونفلُهما، وأجمعوا على أنه يسقط عنها الصلاة، ولا يسقط عنها الصيام[11]؛ فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم))، قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان دينها))[12].
وعن معاذة، قالت: سألتُ عائشة، فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحروريَّة أنتِ؟ قلتُ: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: (كان يصيبُنا ذلك، فنُؤمَر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة)[13].
3- الجماع:
نعني بالجماع إدخال ذَكَر الزوج في فرج المرأة، ولا بأس بالمباشرة والتقبيل دون الفرج؛ قال - تعالى -: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222]، لما نزلت هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اصنَعوا كلَّ شيء إلا الجماع))[14].
4 - الطواف:
يحرم على الحائض والنفساء الطواف بالبيت، وأما بقية المناسك فلا حرج؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فافعلي ما يفعل الحاجُّ، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري))[15]، [16].
المسألة الثالثة: أمور اختلف فيها العلماء بالنسبة للحائض والنفساء مع بيان الراجح:
1- قراءة القرآن:
اختلف العلماء في جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء على قولين ما بين محرِّم ومحلِّل.
فذهب عمر، وعلي، والحسن، والنخعي، وقتادة، والشافعي، وأصحاب الرأي، إلى عدم جواز قراءة القرآن لهما.
وقال الأوزاعي بجواز قراءة الأذكار المشتملة على بعض الآيات.
بينما ذهب المالكية، وأهل الظاهر، وابن المسيب - واختاره ابن تيمية - إلى جواز قراءة القرآن لهما[17].
كذا البخاري، وابن جرير، وابن المنذر؛ حكاه ابن حجر في الفتح.
أدلة المانعين للحائض والنفساء من قراءة القرآن:
1 - حديث عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقرأ الجُنُب والحائض شيئًا من القرآن))[18].
وعندهم تفاصيل لا دليل عليها، منها:
عند الأحناف جواز قراءة بعض القرآن على سبيل الدعاء لا بنية القراءة.
وعند الشافعية جواز تمرير القرآن على قلبها دون تحريك شفتيها.
وعند الحنابلة يحرم عليها قراءة آية فصاعدًا، أما بعض آية، فجائز؛ لأنه لا إعجاز في بعض الآية.
والحق والصواب مع المالكية ومَن وافقهم، ومما يدل على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة، وهي حائض: ((فافعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري))[19].
ومعلوم أن الحاج يذكر الله ويقرأ القرآن، بل أفضل الذكر قراءة القرآن.
وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الحُيَّض بالخروجِ يومَ العيد، فيكنَّ خلف الناس، فيُكبِّرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم[20].
قال ابن حزم في المحلى: (قراءة القرآن، والسجود فيه، ومس المصحف، وذكر الله - تعالى - أفعال خير مندوب إليها مأجور فاعلها، فمَن ادَّعى المنع فيها في بعض الأحوال كلِّف أن يأتي بالبرهان)[21].
2- مس المصحف:
اختلف العلماء في مس المصحف للحائض والنفساء:
فقال ابن عمر، والحسن، وعطاء، وطاوس، والشعبي، والقاسم بن محمد، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: بالمنع.
بينما ذهب داود الظاهري ومَن وافقه بالجواز، وقال حماد بن أبي سليمان - شيخ أبي حنيفة - بجواز مسه بظاهر الكف[22].
أدلة المانعين من مس المصحف للحائض والنفساء:
1 - قوله - تعالى -: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79].
وأجيب بأن المقصود بالآية اللوح المحفوظ لا يمسه إلا الملائكة؛ لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور، كما هو معلوم عند أهل اللغة، وأقرب مذكور هو ﴿ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ﴾ [الواقعة: 78]؛ أي: الكتاب الذي في السماء؛ وبه قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، والضحاك، وأبو الشعثاء، وجابر بن زيد، والسُّدي، وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم[23].
وقال الشيخ محمد إبراهيم شقرة - (ص 20 - 21) - في شرحه للآية: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾: (وإنه لمن الغريبِ العجيب حقًّا أن يجوِّز بعض العلماء مس المصحف للجنب إن كان معلِّمًا أو متعلِّمًا، أو إن كان بعضًا منه كالآية والآيتين، أو قراءة الجنب للآية أو الآيات إن قصد بقراءتها الدعاء، كل هذا التفريق لا دليل عليه، لا من كتاب ولا من سنة، إنما هو الرأي وحده، فإن جوزوا مثل هذا بالرأي، فلماذا عدلوا عن الرأي بقولهم: لا يجوز مس المصحف للجنب؟ أَلِئن الآية والآيتين ليستا قرآنًا؟ إن قالوا ذلك، فقد حادُوا عن الصواب، فالجزء كالكل، والآية الواحدة كالسورة، والسورة كالقرآن كله، أم لأن الدليل من صريح القرآن وصحيح السنة يلزمهم بذلك؟ إن قالوا ذلك، فقد أعلمناهم أن صريح القرآن والسنة معنا، ليس معهم، ولم نعمد إلى مناقشة الأدلة لإلزامهم بقول رضيناه، فالإلزام إنما يكون عن قبول ورضا واقتناع، إنما عمدنا إليها لإظهار وجه الحق، وحسبنا ذلك وحده، فهنيئًا لمن كان له قلب بريء من هوى الجهل، وآصار التعصب).
2 - حديث: ((لا يمس القرآنَ إلا طاهرٌ))[24].
وأجيب بأنه ضعيف، وعلى فرض صحته فإن لفظة: ((طاهر))، من الألفاظ المشتركة المحتملة لأكثر من وجه، فيحتمل طاهر من الشرك، ومن النجاسة، ومن الحدث الأكبر والأصغر، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
استدلوا ببعض الآثار عن الصحابة، منها:
1 - أثر إسلام عمر، وقول أختِه له: (إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون)[25].
2 - أثر سلمان الفارسي عن عبدالرحمن بن يزيد قال: كنا مع سلمان فخرج فقضى حاجته ثم جاء، فقلت: يا أبا عبدالله،لو توضَّأت لعلنا نسألك عن آيات، قال: (إني لستُ أمسه، إنه لا يمسه إلا المطهرون، فقرأ علينا ما شئنا)[26].
3 - أثر سعد بن أبي وقاص عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، أنه قال: كنت أُمسِك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت، فقال: لعلك مسست ذَكَرك؟ قال: فقلت: نعم، قال: قُمْ فتوضأ، فقُمْت وتوضأت، ثم رجعت)[27].
يجاب عن تلك الآثار بما يلي:
• أن أثر عمر بن الخطاب ضعيف لا تقوم به الحجة، كما ظهر لك.
• أن أثر سلمان الفارسي صحيح، لكن ليس فيه دليل على منع الحائض والنفساء من مس المصحف، إنما يصلح دليلاً على منع المحدث حدثًا أصغر من مس المصحف، وهذا اجتهاد من سلمان الفارسي رحمه الله؛ لأن قياس الحائض والنفساء على المحدث حدثًا أصغر أو أكبر قياسٌ مع الفارق؛ لأن الجنب في إمكانه التطهر، أما الحائض والنفساء فلا، كما أن الجنب لم تَطُلْ مدَّة جنابته، أما الحائض والنفساء فغالبًا تطول.
• أن أثر سعد بن أبي وقاص صحيح، ولكنه يصلحُ دليلاً على مسألة الوضوء من مس الذَّكَر، وقد تقدَّم الكلام على تلك المسألة في "باب مس الذكر"، فراجِعْه غيرَ مأمور، كما أن فعل سعد بن أبي وقاص عن اجتهاد منه، وقد خالفه جمع من الصحابة؛ منهم: عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، ومن المعلوم عند علماء الأصول أن قول الصحابي ليس حجة على غيره من الصحابة، أَضِفْ إلى ذلك أنه ورد عن سعد بن أبي وقاص عدمُ نقض الوضوء من مس الذَّكَر، كما أشرنا في الهامش، زِدْ على ذلك أن كلام الطحاوي في الجمع بين روايات أثر سعد بن أبي وقاص له وجه من الصواب[28].
3- المكث في المسجد:
اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافًا شديدًا، ولكل فريق وجهته، وسوف أسوق أدلة الفريقين إن شاء الله، والرد عليها بشيء من الاختصار:
ذهب جمهور العلماء إلى منع الحائض والنفساء من المكث في المسجد.
ورخَّص بعضهم في المرور دون اللبث، كما روي عن ابن مسعود، وابن عباس، وابن جبير، ومالك، والشافعي.
وقال الثوري وإسحاق بن راهويه: لا يمرُّون في المسجد، إلا ألا يجد ماءً فتيمَّموا، وهو قول أصحاب الرأي[29].
• بينما ذهب الظاهرية ومَن وافقهم إلى الجواز مطلقًا.
أدلة المانعين والرد عليها:
1- قول الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ [النساء: 43].
قالوا: وجه الاستدلال من الآية أن الصلاة المقصود بها مواضع الصلاة، وهي المساجد، ففي الآية منع الجنب في السفر دخول المساجد، ثم قاسوا الحائض والنفساء على الجنب.
الرد عليهم من وجهين:
1- أن تفسير الصلاة بالمساجد غير مسلَّم؛ لأن المسجد لم يُذكَر في أول الآية فيكون آخرها عائدًا عليه، وإنما ذكرت الصلاة، والصلاة لا تجوز للجنب إلا ألا يجد الماء فيتيمم صعيدًا طيبًا.
• فيكون معنى الآية: (أن الجنب لا يقرَبُ المسجد إلا أن تصيبه جنابة وهو مسافر فيتيمم ويصلِّي حتى يجد الماء)[30].
وقد ورد هذا المعنى في تفسير الآية عن علي بن أبي طالب وعبدالله بن عباس - رضي الله عنهم [31].
2- قياس الحائض والنفساء على الجنب فيه نظر كبير للفارق بينهم؛ لأن الحائض معذورة ولا يمكن أن تغتسل قبل أن تطهر، ولا تملك رفع حَيْضَتِها، بخلاف الجنب، فيمكنه الاغتسال.
الدليل الثاني: حديث: ((لا أُحِلُّ المسجد لحائض ولا جنب))[32].
وأجيب: بأن الحديث ضعيف لا تقوم به الحجة كما تقدم، قال الشيخ الحويني: (وحاصل البحث أن الحديث ليس بصحيح، فلا يجوز أن نتبنى منه حكمًا شرعيًّا، ولم أجد حديثًا صحيحًا يمنع الحائض أن تدخل المسجد، فيمكن أن نبني على البراءة الأصلية، وهي تقضي بالجواز، فيجوز للحائض حضور درس العلم ونحوه، والله أعلم)[33].
3- حديث عن أم عطية، قالت: أُمِرْنا أن نخرج الحيَّض يوم العيدين، وذوات الخدور، فيشهدن جماعة المسلمين، ودعوتهم، ويعتزل الحيض عن مصلاهن)[34].
قالوا: وجه الدلالة من الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان أمرها باعتزال مصلى العيد، فالمسجد أَوْلى بالمنع.
الرد عليهم: أن المراد بالمصلى (الصلاة)، حتى لا يقطعن الصفوف، ويدل على ذلك رواية عند مسلم وفيها: (فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين).
فقد صدق علي بن المديني فيما نقله عنه ابن الصلاح في (مقدمته): (الباب إذا لم تُجمَع طرقه لم يتبين خطؤه)[35].
وأن الحديث لا يُؤخَذ منه الحكم إلا بعد أن نجمع كل ألفاظه، قال الإمام أحمد: (الحديث إذا لم تَجمَعْ طُرُقَه لم تفهَمْه، والحديث يفسِّر بعضه بعضًا)[36].
قلت: وعليه فيكون معنى حديث أم عطية بعد جمع ألفاظه: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الحُيَّض أن يخرجن إلى مصلى المسلمين، ويكنَّ خلف الناس؛ أي: مؤخرة المُصلَّى، وأن يعتزلن الصلاة؛ لأنه لا يجوز للحائض أن تصلي بإجماع المسلمين، هذا هو مفهوم الحديث الذي يؤيده مجموع الروايات).
4- حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصغِي إليَّ رأسَه وهو مجاور في المسجد، فأرجِّلُه وأنا حائض)[37].
الرد عليهم: أنه ليس في الحديث ما يدل على أنها امتنعت من أجل أنها حائض، فقد يكون لكون المسجد فيه رجال ونحوه.
أدلة المجيزين والرد عليها:
1- البراءة الأصلية؛ حيث لم تصحَّ عندهم حججُ المانعين، فقالوا: إن الأمر باقٍ على أصله، وهو الإباحة.
والرد عليهم: أن القائلين بالمنع لا يُسلِّمون بذلك، وردوا على حججهم وتمسكوا بصحة أدلتهم.
2- أنه ثبت في القرآن نجاسة المشركين، كما في قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾ [التوبة: 28].
قالوا: ومع ذلك ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ربط ثمامة بن أثال في سارية المسجد[38].
أما المسلم، فهو طاهر على كل حال، كما في الحديث: ((المؤمن لا ينجَسُ))[39]، فكيف يمنع المسلم الطاهر ويباح للكافر النجس؟!
الرد عليهم من وجهين:
أ- قالوا: إن قصة ثمامة بن أثال واقعةُ عينٍ لا عموم لها.
ب- قالوا: على فرض جواز مكثه - أي الكافر في المسجد - فلأنه لا يعتقد حرمة المسجد، فلا يكلف بخلاف المسلم.
ج- قالوا: إن الشرع فرَّق بين المسلم والكافر، فثبت الدليل على جواز مكث الكافر، وثبت على منع الحائض والنفساء، فإذا فرَّق الشرع لم يَجُزِ التسوية، فهذا قياس مع النص.
أجيب عليهم: بأن هذا يقال إذا ثبت النص، والنص لم يثبت كما تقدم.
وأما مسألة تكليف الكافر، فهو مخاطب بفروع الشريعة محاسَب عليها، كما هو معلوم عند علماء الأصول على الراجح.
3 - حديث عائشة، أن وليدةً كانت سوداءَ لحيٍّ من العرب، فأعتقوها، فكانت معهم، وفيه: (فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت)، قالت عائشة: (فكان لها خباءٌ في المسجد أو حِفْش)، قالت: فكانت تأتيني فتُحدِث عندي، قالت: فلا تجلس عندي مجلسًا، إلا قالت:
ويوم الوِشاحِ من أعاجيبِ ربِّنا
ألا إنَّه من بلدةِ الكفر أنجاني[40]
|
ووجه الدلالة من الحديث، قالوا: إن هذه ساكنة في المسجد، وعادة النساء الحيض، ولم يمنعها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع احتماله، والعلماء يقولون: (إنَّ ترك الاستفصال عند الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال).
الرد عليهم: قالوا: إن هذه المرأة لم يكن لها أهل ولا مأوى، فهي حالة خاصة لا يقاس عليها غيرها.
وأجيب: بأن مسألة التخصيص تحتاج إلى دليل، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قالوا: يحتمل أن تكون المرأة دخلت في سن اليأس أو أنها تخرج أيام حيضتها.
وأجيب: بأن هذا أيضًا يحتاج إلى دليل.
4- حديث أبي هريرة، أن امرأةً سوداء كانت تَقُمُّ المسجد - أو شابًّا - ففقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عنها - أو عنه - فقالوا: مات، قال: ((أفلا كنتم آذنتموني))، قال: فكأنهم صغروا أمرَها - أو أمره - فقال: ((دلُّوني على قبره))، فدلوه، فصلَّى عليها، ثم قال: ((إن هذه القبور مملوءة ظلمةً على أهلها، وإن الله - عز وجل - ينوِّرُها لهم بصلاتي عليهم))[41].
وجه الدلالة في الحديث: أن المرأة كانت تقُمُّ المسجد في كل وقتٍ، ولم يَنْهَها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي غير مضطرة.
الرد عليهم: قالوا: ورد الحديث على الشك، هل هي امرأة أم رجل؟
وأجيب: أنه ثبت عند ابن خزيمة والبيهقي - بسند حسن - من حديث بريدة عن أبيه، (أنها امرأة)، فسمَّاها: (أم محمد)[42]، وبه جزم البخاري؛ حيث بوَّب عليه: باب نوم المرأة في المسجد.
قالوا: يحتمل أن تكون المرأة دخلت في سن اليأس، أو أنها تخرجُ أيام حيضتها.
وأجيب: أن نص الحديث لا يُشعِر بهذا، وفيه: (أن وليدة سوداء)، قال ابن حجر: (وهي في الأصل المولودة ساعة تولد، قاله ابن سيده، ثم أطلق على الأَمَة وإن كانت كبيرة)[43].
• حديث عائشة في الحج وهي حائض، وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لها: ((فافعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري))[44].
وجه الدلالة من الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَنْهَها إلا عن الطَّوافِ بالبيت، فدلَّ ذلك على جواز دخولِها المسجد؛ لأن الحاجَّ له ذلك.
الرد عليهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن لها ما يباح للحاج، وما يتعلق بالنسك فحسب، وإلا فالصلاة تحرُمُ عليها، وكذا دخول المسجد، فعموم الحديث ليس مرادًا.
6 - حديث عائشة قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ناوليني الخُمرة من المسجد))، قالت: فقلت: إني حائض، فقال: ((إن حيضتَك ليست في يدك))[45].
وجه الدلالة من الحديث: أن في الحديث ما يشعر أن الخُمرة في المسجد، بدليل قوله: ((من المسجد))، ومع ذلك أصر النبي - صلى الله عليه وسلم - على دخولها المسجد.
الرد عليهم: أن الحديث ورد بلفظ آخر عن أبي هريرة، قال: (بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فقال: ((يا عائشة: ناوليني الثوب))، فقالت: إني حائض، فقال: ((إن حيضتك ليست في يدك))، فناولته[46].
قالوا: فهو صريح في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في المسجد، وكانت عائشة والخمرة خارج المسجد، فأمرها بإدخال يدِها، لا أن تدخل بنفسها.
وأجيب: أن معنى قوله: (في يديك)؛ أي: ليس في استطاعتك وقدرتك.
الراجح في المسألة:
قلت: بعد استعراض أدلة الفريقين والرد عليها، فلا يسلم للقائلين بالمنع إلا أدلة احتمالية، وقد ردَّ عليها المجيزون؛ فالراجح - والله أعلم - القولُ بجواز مكث الحائض والنفساء في المسجد؛ وذلك لعدم وجود دليل صحيح صريح في المنع، وللبراءة الأصلية، ولقوة احتمال أدلة المجيزين، والله أعلم.
المسألة الرابعة: كيفية الاغتسال من الحيض والنفاس:
المقصود بالغسل هو تعميم الجسد بالماء.
• اعلم أن أركان الغسل اثنان:
الأول: النية؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))[47].
1- تعميم الجسد كله بالماء؛ لما ثبت في حديث عائشة في وصف غسل النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ثم أفاض على سائر جسده)[48]، فالصورة المبسطة المجزئه للغسل هي: صب الماء على الرأس، ثم على سائر الجسد، مع اشتراط النية، فلا يدخل الدَّلْك ولا المضمضة ولا الاستنشاق ولا نقض الضفائر[49].
أما صورة الغسل الكاملة، فهي كالتالي:
1- ينوي الغسل.
2- يغسل يدَيْه قبل إدخالهما الإناء، خاصة إذا كان قائمًا من نوم؛ لما ثبت في حديث عائشة - رضي الله عنها - في صفة غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: (يبدأ فيغسل يديه).
3- إزالة الأذى الذي على فَرْجه، وذلك بغسلِه كما في الحديث السابق ذكره: (ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فَرْجَه).
4- تنظيف اليد بعد غسل الأذى.
5- ثم يتوضأ لقولها: (ثم يتوضأ وضوءه للصلاة).
وله أن يغسل رِجْله مع الوضوء، وله أن يؤخِّرها بعد الغسل، فقد ثبت هذا وذلك في صفة غسله - صلى الله عليه وسلم.
• غسل الرأس؛ لقولها: (ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات).
• إفاضة الماء على بقية البدن - والمستحب أن يفيض على يمينه أولاً ثم على يساره - لقوله: (ثم أفاض على سائر جسده).
• يزداد في حق المرأة أن تتبع أثر الدم بقطعة من قطن ونحوه، وتضيف إليه مِسكًا أو طِيبًا؛ لما ثبت في حديث الباب الذي مر معنا، وفيه: ((ثم تأخذ فِرْصةً ممسَّكةً فتطهر بها)).
مسألة: حكم حل ضفائر المرأة في الغسل:
اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: وجوب حل الضفائر في غسل الحيض والنفاس دون غسل الجنابة، وهو قول أحمد، والحسن، وطاوس، واستدلوا على ذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنقضه في حديث أم سلمة من غسل الجنابة، وفيه: (قلتُ: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: ((لا، إنما يكفيك أن تَحثِي على رأسك ثلاث حثيات...))[50]، وبحديث عائشة قالت: فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوتُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((دعي عمرتَك، وانقضي رأسك، وامتشطي وأهلِّي بحجٍّ))[51].
وأجيب عنه بأن هذا غسل للإحرام، وليس غسلاً للحيض، فلا يصح دليلاً على الوجوب.
القول الثاني: استحباب حل الضفائر في الحيض والنفاس، وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، واستدلوا بـ:
1 - إنكار عائشة - رضي الله عنها - على ابن عمرو: (بلغ عائشةأن عبدالله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقُضْنَ رؤوسهنَّ، فقالت: يا عجبًا لابن عمرو هذا، يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن؟! لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناءٍ واحد، ولا أزيدُ على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات)، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين[52].
وأجيب عنه: باحتمال أن يكون اغتسال عائشة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة لا من الحيض.
والراجح: قول الجمهور باستحباب حل الضفائر؛ لأن في بعض ألفاظ حديث أم سلمة أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (فأنقضه للحيضة والجنابة؟ فقال: ((لا))[53]، وهو اختيار ابن قدامة[54]،[55].
[1] البخاري 315، كتاب الحيض، باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض، وكيف تغتسل وتأخذ فِرْصة ممسكة فتتبع أثر الدم، ومسلم 332، كتاب الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فِرْصة من مسك في موضع الدم، واللفظ له، وأبو داود 316، كتاب الطهارة، وابن ماجه 642، كتاب الطهارة، وأحمد 25145.
[2] انظر: فتح الباري 1/602.
[3] هامش المسند 42/74، قلت: يعني قول عائشة: نعم النساء نساء الأنصار؛ لأن أسماء بنت أبي بكر، ليست أنصارية.
[4] فتح الباري 1/602 - 603 باختصار وتصرف.
[5] شرح مسلم للنووي 4/18 - 23.
[6] قال فضيلة الشيخ رمضان بن قرني معلقًا: لأنه ليس في المسألة نص صحيح يدل على أقل المدة أو أكثرها؛ فالأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة، وكذلك الآثار عن الصحابة ضعيفة لا تصح؛ فالمسألة خالية من الأدلة، ولا إجماع في هذه المسألة، فالأمر في البداية والنهاية موقوف على أحوال النساء، وأحوال النساء مختلفة اختلافًا متباينًا، فالخلاصة: أن المسألة لا توقيف فيها؛ أي لا نص صحيح يدل على أقل مدة الحيض والنفاس أو أكثره.
[7] هي أن ترى المرأة دمًا أصفر، أو متكدرًا بين الصفرة والسواد، أو ترى مجرد رطوبة، فله حالات:
أن ترى هذا أثناء الحيض أو متصلاً به قبل ظهور علامات الطهر، فهذا يكون حكمها حكم الحيض.
أن ترى ذلك وقت الطهر، فهذا يكون طهرًا، وليس بحيض.
إذًا الصفرة والكدرة في زمن الطُّهر طُهر، وفي زمن الحيض حيض.
[8] البخاري 228 ومسلم 333.
[9] أبو داود 286 والنسائي، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 765.
[10] أبو داود 287، والترمذي 128، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه 627، وحسنه الألباني في الإرواء 205.
[11] قال فضيلة الشيخ رمضان بن قرني معلقًا: فائدة: قال أبو المعالي الجويني: والتفريق بين الاثنين من جهة الشرع، تمنع المرأة الحائض من الصيام وليست الطهارة شرطًا في صحة الصيام، فهذا شرع الله، علق البخاري في صحيحه عن أبي الزناد: إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيرًا على خلاف الرأي، فلا يجد المسلمون بدًّا من اتباعها، من ذلك أن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة، وروى الترمذي بإسناد صحيح عن علي بن أبي طالب قال: لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخفين أولى من أعلاهما.
[12] جزء من حديث متفق عليه: البخاري 1951 ومسلم 80.
[13] البخاري 321 ومسلم 335.
[14] مسلم 302 وأبو داود 258.
[15] البخاري 294 ومسلم 1210.
[16] قال فضيلة الشيخ رمضان بن قرني معلقًا: من الأشياء التي تحرُم على الحائض أيضًا: تحرم الطهارة على الحائض الغسل - بقصد التعبد - إذا كان الحيض سببًا في نقض الطهارة، فهل يجوز أن يتوضأ الرجل وهو يبول، فالحائض لو نوت التعبد لله بطهارتها هذه، فإنها تأثم بذلك، وإن لم تقصد التعبد فلا حرج عليها، كما أن الحائض إن أمسكت عن الطعام بقصد الصوم تكون آثمة، وإن أمسكت بغير قصد الصوم لا تأثم، واغتسال الحائض للإحرام أو الوقوف بعرفة القصد منه النظافة.
[17] المغني 1/199، والفتاوى 21/459، والأوسط 2/97.
[18] ضعيف، له طريقان:
1- حديث ابن عمر: رواه الترمذي 131، وابن ماجه 596، والدارقطني 428، وقال الترمذي: حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، البيهقي في السنن الكبرى 1/89، وشعب الإيمان 2046، وفي معرفة السنن والآثار 7/2، وقال عقبه: وهذا حديث يتفرد به إسماعيل بن عياش، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة، لا يحتجُّ بها أهل العلم بالحديث؛ قاله أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وغيرهما من الحفاظ، وقد روى هذا عن غيره، وهو ضعيف.
وقال البخاري: إنما روى هذا الحديث إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، ولا أعرفه من حديث غيره، وإسماعيل منكَر الحديث عن الحجازيين، وأهل العراق.
قلت: وتابع المغيرة بن عبدالرحمن إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، كما عند الدارقطني 432، ولكن لا يفرح بها، فهي ضعيفة، فيها عبدالملك بن سلمة، قال الدارقطني عقب الحديث: عبدالملك هذا كان بمصر، وهذا غريب، عن مغيرة بن عبدالرحمن، وهو ثقة.
فعبدالملك بن سلمة هذا قال عنه أبو زرعة: ليس بالقوي، وهو منكَر الحديث.
وقد ظن الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - أن عبارة الدارقطني توثيق لعبدالملك بن سلمة، وصحَّح من أجلها الحديث، وقد رد عليه الألباني في الإرواء: 1/206، وكذا أبو إسحاق الحويني في النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة 1/65، وأصابا، وهناك متابعة أخرى للحديث ذكرها الدارقطني 433 من طريق رجل، عن أبي معشر، عن موسى بن عقبة، وهي أيضًا لا يفرح بها لضعفها، لأجل الرجل المبهَم الذي في الإسناد، كذا ضعِّف أبو معشر، واسمه نجيح، قال الحافظ ابن حجر: فيه مبهم، وأبو معشر ضعيف.
2- حديث جابر بن عبدالله: رواه الدارقطني في سننه 2/87، من طريق محمد بن الفضل بن عطية، عن أبيه، عن طاوس، عن جابر مرفوعًا به.
3- سنده ضعيف جدًّا؛ لأجل محمد بن الفضل، فقد أغلظ البخاري والنسائي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين في تضعيفه، وبه أعله ابن عدي في الكامل 1/421، وقال: وهذا لا يروى إلا عن محمد بن الفضل، عن أبيه، عن طاوس، وسنده ضعيف جدًّا، ومحمد بن الفضل كذاب يضع الحديث.
والحديث ضعفه ابن حجر في الفتح 1/409، وكذا الألباني في الإرواء، والحويني في النافلة.
[19] البخاري 294، ومسلم 1210.
[20] البخاري 971 ومسلم 890.
[21] المحلى 1/77 - 78.
[22] المغني 1/202 - 203.
[23] تفسير الطبري، وتفسير ابن كثير.
[24] ضعيف: روي عن جمع من الصحابة: ابن عمر- عمرو بن حزم - عثمان بن أبي العاص - حكيم بن حزام - ثوبان.
• حديث ابن عمر رواه الدارقطني 1211، والطبراني في المعجم الصغير 1159، وقال: لم يروه عن سليمان بن موسى، إلا ابن جريج، ولا عنه إلا أبو عاصم، تفرد به سعيد بن محمد.
قلت: سليمان بن موسى الأشدق، قال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي.
• حديث عمرو بن حزم: رواه مالك في الموطأ 1/199، وابن حبان 6559، والدارقطني 1/122، وقال: مرسَل، رواته ثقات، وقال أبو داود في المراسيل 90: روي هذا الحديث مسندًا ولم يصحَّ.
قلت: فيه سليمان بن داود الحرسي، وقيل: سليمان بن أرقم، وصوَّب أبو داود أنه ابن أرقم، وقال النسائي: هذا أشبه بالصواب؛ انظر: تنقيح التحقيق 1/87.
والأخير متروك، وهو ابن أرقم، والأول وثَّقه أحمد، وتكلم فيه ابن معين، وهو ابن داود، قال ابن حجر في بلوغ المرام 1/17: رواه مالك مرسلاً، وهو معلول.
وصحح بعض العلماء الحديث بحجة أن وثيقة عمرو بن حزم، تلقَّاها العلماء بالقَبول، كما فعل ابن عبدالبر، والجواب: أنه على فرض صحة هذا الكلام، وأن وثيقة عمرو بن حزم تلقاها بعض العلماء بالقبول، فلا يلزم صحة كل ما فيها، كما قال أحمد بن حنبل في وثيقة عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: ليس بكلها نأخذ.
• حديث حكيم بن حزام: رواه الدارقطني 1221، والحاكم 4853، وصححه، ووافقه الذهبي، ولفظه: ((لا تمس القرآنَ إلا وأنت طهور))، وفيه سويد أبو حاتم، قال الحافظ في التقريب: صدوق سيئ الحفظ، له أغلاط، وكذا فيه: مطر الورَّاق، ضعيف، كما قال أبو حاتم وابن معين.
• حديث عثمان بن أبي العاص: رواه الطبراني في المعجم الكبير 2771، بلفظ: لا تمس القرآن، إلا وأنت طاهر، وفي سنده: إسماعيل بن رافع، ضعَّفه يحيى بن معين والنسائي، وقال البخاري: ثقة مقارب الحديث.
قال ابن عبدالهادي في تنقيح التحقيق 1/88: وحديث عثمان بن أبي العاص منقطع؛ لأن القاسم لم يدرك عثمان.
• حديث ثوبان: قال الزيلعي في نصب الراية 1/427: فلم أجده موصولاً، ولكن قال ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام: روى علي بن عبدالعزيز في منتخبه: قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا مسعدة البصري، عن الحصيب بن جحدر، عن النضر بن شفي، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان مرفوعًا به.
قال ابن القطان: إسناده في غاية الضعف، وأما النضر بن شفي، فلم أجد له ذكرًا في شيء من مظانه؛ فهو مجهول جدًّا، وأما الحصيب بن جحدر، فقد رماه ابن معين بالكذب، وأما مسعدة البصري، فهو ابن اليسع، تركه أحمد بن حنبل، وخرق حديثه، ووصفه أبو حاتم بالكذب.
[25] ضعيف: البيهقي في السنن الكبرى 413، الحاكم في المستدرك 7897، والدارقطني 441، عن إسحاق الأزرق، ثنا القاسم بن عثمان البصري، عن أنس بن مالك به.
قال الدارقطني عقبه: تفرد به القاسم بن عثمان، ليس بالقوي، وقال البخاري: له أحاديث لا يُتابَع عليها.
وله طريق آخر عند البزار، وفيه: إسحاق بن إبراهيم الحنيني، ضعفه الحافظ، وأسامه بن زيد بن أسلم، ضعفه من قبل حفظه الحافظُ.
[26] الدارقطني 437، والبيهقي في السنن الكبرى 1423، والحاكم في المستدرك 655، وابن أبي شيبة 1100.
قلت: مداره على الأعمش، عن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يزيد به.
ورواه عن الأعمش جماعة: جرير - ووكيع - شجاع بن الوليد - محمد بن الفضل بن غزوان - شريك - يحيى بن يونس - أبو الأحوص، وأبو الأحوص له روايتان، رواية وافق فيها الجماعة، ورواية أخرى خالف فيها الجماعة فذكر علقمة هو ابن قيس، بدلاً من عبدالرحمن بن يزيد، كما عند الدارقطني 435، والبيهقي في الخلافيات 305، والحاكم في المستدرك 654.
وقد تابع أبا الأحوص سلام بن سليم الحنفي على ذكر علقمة، يحيى بن العلاء، كما عند عبدالرزاق في المصنف 1325، هي متابعة هالكة ضعيفة، فيحيى بن العلاء، متَّهَم بالكذب، كما قال عنه أحمد بن حنبل، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال يحيى بن معين: ليس بثقة؛ تهذيب التهذيب 4/380.
وقد أخرجه أيضًا الدارقطني 439، وابن أبي شيبة 1101، من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن زيد بن معاوية العبسي، عن علقمة والأسود، عن سلمان، وفيه: أنه قرأ عليهما بعد الحدث.
قال الدارقطني: كلها صحاح.
[27] رواه مالك 90، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 415، قال مالك: حدثنا إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مصعب بن سعد به.
ورواه الطحاوي كما في إتحاف المهرة لابن حجر 5/94، ثنا أبو بكرة، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، أنبأني الحكم، سمعت مصعب بن سعد، به.
قلت: بينما ذكر الطحاوي في شرح معاني الآثار طرقًا فيها مخالفة للحكم، منها:
• ما رواه عن إبراهيم بن مرزوق، نا أبو عامر، نا عبدالله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد بن مصعب بن سعد، قال: كنت أمسك المصحف، وفيه: أنه قال: اغمس يدك بالتراب، ولم يأمرني أن أتوضأ.
• ورواه عن محمد بن خزيمة، نا عبدالله بن رجاء، نا زائدة، عن إسماعيل، عن أبي خالد، عن الزبير بن عدي، عن مصعب مثله، غير أنه قال: قُمْ فاغسل يدك.
قال الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/77، جامعًا بين الروايات: فقد يجوز أن يكون الوضوء الذي رواه الحاكم في حديثه عن مصعب، هو غسل اليد على ما بيَّنه عنه الزبير بن عدي، حتى لا تتضاد الروايتان، وقد روي عن سعد من قوله: إنه لا وضوء في ذلك.
قلت: يشير إلى ما روي عن قيس بن أبي حازم: سئل سعد عن مس الذكر؟ فقال: إن كان نجسًا فاقطعه، لا بأس به؛ انظر: إتحاف المهرة لابن حجر 4/94.
[28] لشيخنا أبي الفضل عمر بن مسعود الحدوش - حفظه الله - رسالة ماتعة في هذه المسألة، فيها فوائد وردود ماتعة، اسمها: إعلام الخائض بجواز مس المصحف للجنب والحائض.
[29] المغني 1/200.
[30] الأوسط 2/109، والمحلى 2/253، وأحكام القرآن لابن العربي 1/437.
[31] مصنف ابن أبي شيبة 1/57، بأسانيد صحيحة.
[32] ضعيف: رواه أبو داود 232، والبيهقي في السنن الكبرى 2/442، وابن خزيمة 1263، عن عائشة قالت: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجِّهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يصنعِ القومُ شيئًا رجاءَ أن ينزل لهم في ذلك رخصة، فخرج عليهم بعد، فقال: وجِّهوا هذه البيوت عن المسجد؛ فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب.
قلت: مداره على أفلت بن خليفة العامري، عن جسرة بنت دجاجة، عن عائشة به.
وفيه أكثر من علة:
1 - أفلت بن خليفة، ويقال: فليت بن خليفة العامري، قال الخطابي في معالم السنن 1/158: مجهول، لا يصلح الاحتجاج بحديثه، وقال ابن حزم في المحلى 2/253: أما أفلت فغير مشهور ولا معروف بالثقة.
2 - جسرة بنت دجاجة:
قال عنها البخاري: عند جسرة عجائب؛ كما في التاريخ الكبير 62.
ولا عبرة بكلام العجلي حين قال: جسرة تابعية ثقة، فقوله - أي البخاري -: عندها عجائب، ليس بصريح في الجرح؛ تهذيب الكمال 22/307.
لأن الإمام البخاري معلوم أنه لطيف العبارة في الجرح، وعلى فرض صحة كلام العجلي؛ فجسرة في أقل الأحوال مقبولة في الشواهد والمتابعات، ولا تتحمل التفرد، كما هو الحال هنا، وهي العلة الثالثة في الحديث، زِدْ على ذلك أنه اختلف عليها، فرواه: ابن أبي غنية، عن أبي الخطاب، عن محدوج عنها، عن أم سلمة، كما في الشاهد التالي، الذي رواه ابن ماجه 645، والطبراني في الكبير 883، من طريق أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن يحيى، قالا: ثنا أبو نعيم، عن ابن أبي غنية، عن أبي الخطاب، عن محدوج الذهلي، عن جسرة، قالت: أخبرتني أم سلمة به.
وهو ضعيف جدًّا، به أكثر من علة أيضًا:
1 - جهالة أبي الخطاب: قال ابن حزم في المحلى: 2/185: أما محدوج فساقط، وأبو الخطاب الهجري مجهول.
2 - جهالة محدوج الذهلي.
3 - ضعف جسرة بنت دجاجة كما تقدَّم آنفًا.
4 - الاختلاف في سنده على جسرة، والصحيح أنه من رواية أفلت بن خليفة، عن جسرة بنت دجاجة، عن عائشة، لا من حديث أم سلمة، هذا ما رجحه أبو زرعة، كما في علل ابن أبي حاتم 1/99.
وضعَّف الحديثَ الخطابي، والبيهقي، وابن حزم وعبدالحق الإشبيلي؛ انظر: الإرواء للألباني 1/162، والنافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة للحويني 1/51.
[33] النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة للحويني 1/51.
[34] البخاري 324، ومسلم 890.
[35] أخلاق الراوي 2/212.
[36] المصدر السابق.
[37] البخاري 2028، ومسلم في مقدمة صحيحه.
[38] البخاري 469، ومسلم 1764، من حديث أبي هريرة يقول: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلاً قِبَل نجدٍ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد.
[39] البخاري 283، ومسلم 850، من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيه في بعض طرق المدينة وهو جُنُب، فانخنس منه، فذهب فاغتسل، ثم جاء فقال: ((أين كنت يا أبا هريرة))، قال: كنت جنبًا فكرهتُ أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: ((سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس)).
[40] البخاري 439، خباء: خيمة من وبر أو صوف، حِفْش: بيت صغير قليل الارتفاع.
[41] البخاري 458، ومسلم 956.
[42] انظر: الفتح 1/801.
[43] الفتح 1/774.
[44] البخاري 294، ومسلم 1210.
[45] مسلم 298، وأبو داود 261، والترمذي 134.
[46] مسلم 299.
[47] متفق عليه: من حديث عمر بن الخطاب: البخاري 1، ومسلم 54.
[48] البخاري 273، ومسلم 316.
[49] قال فضيلة الشيخ رمضان بن قرني معلقًا: الصورة المبسطة للغسل: ثبت عند أحمد 16749- بسند صحيح - من حديث جبير بن مطعم، قال: تذاكرنا غسل الجنابة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أما أنا، فآخذ ملء كفِّي ثلاثًا، فأصب على رأسي، ثم أفيضه بعد على سائر جسدي))، وهذا موافق لحديث أم سلمة - رضي الله عنها - في صحيح مسلم 330، قالت: قلتُ: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، فأنقُضُه لغسل الجنابة؟ قال: ((لا، إنما يكفيك أن تَحثي على رأسك ثلاث حثياتٍ ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين))، فلفظة أصب، وأفيض، وتفيضين، لا يدخل فيها الدلك ولا المضمضة ولا الاستنشاق، وإنما يجب أن يصب الماء على رأسه، ثم على سائر جسده، مع اشتراط النية.
[50] مسلم 330، وأبو داود 251، والترمذي 105.
[51] البخاري 317، ومسلم 1211.
[52] مسلم 331.
[53] مسلم 330.
[54] المغني 1/298 - 300.
[55] قال الشيخ رمضان بن قرني معلقًا: إذًا لا يجب على المرأة نقض أو حل الضفائر في غسلها من الحيض أو النفاس، والأصل أن اغتسالها من الحيض كاغتسالها من الجنابة، فلا تنقض لا في الحيض ولا في الجنابة، إنما الذي ينبغي على المرأة أن تراعيه أن تصل بالماء إلى أصول الشعر - فروة الرأس.
شبكة الألوكة
تم النشر يوم
الاثنين، 12 مايو 2014 ' الساعة