الثلاثاء، 8 يناير 2013


تلبيس إبليس
على كل غافلة وتعيس
مقامات دعوية
إلى رواد المواقع الإلكترونية

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (قّ: 37)
بقلم
همام محمد الجرف
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
بسم الله أبدأ ونعمت المبدأ و أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الكونين والثقلين ورضي الله عن آله الطيبين الطاهرين و صحابته الغر الميامين و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فقد تغيرت العصور و تقلبت الأمور، وقست القلوب من كثرة الذنوب  وجفت الدموع من قلة الورع، ومرت الأيام وكثرت آفات الليل والظلام، و أصبح الحليم حيران والشقاء قد عم على بني الإنسان، من كثرة الهم والغم، و ما أكثر الذلة وحالة الغفلة حياة صعبة أجواؤها قاحلة بل و أحيانا موحلة.
فيا رب سلم فأنت بحالنا أعلم، و أنت غني عن الشكوى فارفع اللهم البلوى، أما وقد تعددت التلابيس على كل غافل وتعيس، يوهمه بالسعادة وهو فاقد لمعنى السعادة، فقد ذل من العناد لكراهة الانقياد، ثم فكر وقرر أن يأخذ معاه كل خائب ساه وكل غافل لاه.
قال الله تعالى :  ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً﴾ (الإسراء: 62)
أتدري ماذا أراد بها من مقال ليست كشد الوثاق بل أشد و أدق، إنها كربط الدابة باللجام هل بعد ما دريت على فعلك تلام؟ نعم كلنا نلام.
و من شدة كيده وغيظه وكبره و خاصة بعد نبذه، أراد الانتقام  فهل تدري ممن من بني الإنسان فقد أراد لهم الخسران.
قال الله تعالى: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (لأعراف: 16)
فالحذر الحذر منه يا بشر يريد لكم الخسران بعدما أتاكم الهدى و البيان من عند الله عظيم الشأن، فتلك هي حياته في الكفر و المذلة والمعصية بالجملة، فما يتبعه إلا هالك وما يعصيه إلا سالك.
إنه بالفعل إبليس ولكن لا تخف إنه خنيس، فانظر إلى وصفه في القرآن ففيه البيان، قال الله تعالى :  ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ* مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ سورة الناس
فهل هناك أجمل من هذا المقال في كل حال، فهو الدواء الشافي من كل داء كافي، فهذا هو الشيطان على مر العصور بعدما طرد من رحمة الله و أُبْعِد حيث عصى الله و أبى لآدم يسجد، قال الله تعالى:  ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً ﴾ (الإسراء: 61)
فأصبح من الخاسرين و أول العصاة الملاعين، و أبى إلا أن يكون من المنتقمين، ممن؟؟ من آدم وزجه، ومن بعده ذريته.
ونجح في عمله وفرح مع ذله، و أخرج آدم من الجنة وكانت أعظم محنة و يا لها من محنة، قال الله تعالى:  ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾ (طـه: 123)
و من هنا كانت البداية وسيبقى الصراع حتى النهاية، وهذا هو الشيطان بدأ وبنيه يحيك المؤامرات ويحيط ابن آدم بالشهوات، حتى يطرده من رحمة الله كما طُرِد و حتى يدخله في النار فذلك هدفه باستمرار.
ولكن الله الحليم وهو بعباده رحيم وبضعفهم عليم، فتح باب التوبة و يا لها من منة و بها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء    النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها
(تحقيق الألباني:  حديث صحيح، انظر الحديث رقم 3135 صحيح الترغيب والترهيب).
وتلك هي ما أزعجت إبليس و أججت ناره التي لم تنطفئ وخططه التي لم تنكفئ، وبات يغير الأساليب بعدما آيس من التوابين والأوابين والله نعم الحسيب، أتدري ماذا فعل أصبح للناس يضل  و الناس يحسبون أنهم يحسنون العمل، فهذه له مسالك وهي لنا مهالك، حيث أنه عرف أن المؤمن لا يرتكب كبائر الإثم ويستفغر عن صغائر اللمم، وهذا ما جعله يرتبك و إلى كل دهاء يمتلك، وأصبح يستعين بالضالين من بني آدم المساكين، حيث وجد بهم الحل عندما ضلوا المآل، و هو عليهم متفرج عندما يقومون بكل فعل سمج، هو يخطط لهم وهم ينفذون و لألوان الفساد ينشرون ومن خشي الله يضللون، و من هنا يأتي التلبيس من ذلك الإبليس، حيث يوسوس ثم يبلس وينسي الناس أن يستعيذوا بالله فلا يخنس، فما هو فاعل برأيك وماذا يقول لك حتى يجعلك تهلك، وتبرر لنفسك المعاصي في كل مسلك.
يقول هذا أخف الضررين فيا له من عالم بقواعد الدين !!
و يقول استفت قلبك و إن أفتاك الناس و أفتوك، و هو يعلم أن الران ختم على القلوب وقد أضنتها الذنوب، و الأدهى و الأمر ومن كل ذلك بل وأخطر  أن يأمرك بدخول جحر الأفعى كي تنقذ ما كانت عليه تسعى.
أن تخرج من فمها الفريسة وتقع أنت يا مسكين فريسة، وهذا ما ينطبق على ما في عصرنا من تقنيات وكيف تستخدم أبشع استخدامات وفي شتى المجالات، و يا ليتنا كنا السباقين في نشر العلم والابتكار كما كان أسلافنا المبدعين، ولكن مجرد مستهلكين وبما في أيدين غير ملمين فالتقنية سلاح ذو حدين، ولكن غالبا ما نمسك به من الحد القاطع ونأتي بالعجائب و الفظائع.
وبهذا كانت الطامة الكبرى فقد دعى جنوده ومن والاه لتنفيذ خطته الكبرى، فبعدما فكر ثم فكر... قرر فماذا قرر ؟؟  قرر أن يستخدموا التلبيس على كل غافلة وتعيس، فشياطين الإنس تفكر وشياطين الإنس للفساد تنشر، و لكن كيف هذا.. فالشباب غافل وعن ما بأمته هو معتزل، فالأمر لا يهمه وكأن الحياة ملكه، ويأتي المضل فغيره يضل، وهنا تأتي النفس و قد وافقت الهوى والشيطان بها تقوى، ومعها عقد الصفقة وكانت الصفعة، و ما ترك لصاحبها خط الرجعة، و إليكم صورة من صور التلبيس من ذلك الخسيس.

الدردشة
( الشات – الماسنجر)
هذا شاب عاقل وعن المحرمات غافل، فبه الشيطان قد احتار وإليه قد أشار، أن اجعلوه في ضلال وخسران واقلبوا حياته إلى أحزان، وكلما عن الخطيئة ترفع اجعلوه مرة أخرى يقع.
و في كل عصر يفكر بالموجود فالاستخدام السيئ لكل شيء أهون الموجود، و العصر عصر تقنية وملهاة وتسلية، و يفكر بطريقة تدخل الشاب للشات ويدردش مع الشباب والبنات، فنحن أخوة في الدين وحتى يستشهد بآيات من الكتاب المبين.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: 13)
ولكن هذا الشاب يستعصي عليه ويقول أعوذ بالله من هذه البلية أأكلم امرأة أجنبية، فيستعيذ بالله من إبليس فيجعله يخنس  فبذلك يحتار إبليس، يغلق في وجهه باب فيفتح غيرها من الأبواب ، يا ابن آدم عليك بالنصيحة فالدين النصيحة، فياله من ناصح....... ومن مخلوق صالح !! أعوذ بالله من مكائده و أبعد الله عنا حبائله.
يقول له أدخل إلى الشات لا لكي تتسلى ولكن أدخل وبالإيمان تحلى، انصح الغافلين المساكين فلك في ذلك أجر أيها المسكين - هذا هو الدخول إلى حجر الأفعى و أنت الفريسة التي كانت عليك تبحث وتسعى - لاحظ هذه الخديعة ويا لهذا الناصح كيف اتخذ هذه الذريعة، لماذا لا يقول انصح ذلك الشاب بل هذه الشابة وكأنه لحالها في كآبة، ويقول ذكرها بالدين وبإقامة الصلاة مع المصلين، هذا هو دس السم بالعسل و ما أخبث هذا العمل، و هكذا حتى يحول مسار الدعوة المزعومة إلى الوقوع في المحظور فيصاب الغافل بسهم المسمومة، فقد نجح بإيقاع ذلك الغافل وما جعل بينه وبين الذلل من حائل.
فيا أيها الإنسان فكر بهذا الكلام لعلك تبلغ المرام، فلماذا يدعوك إبليس لهذا أهو مصلح أم ماذا؟؟ لماذا لم يدعوك إلى نصح شاب قد ضل وخاب بل أن تدعو الشابات اللواتي دخلن إلى قلب هذه المعمعات.
كما أنه يقوم بنفس الدور الذي يلعبه مع الشباب بصرف طاقات البنات في هذا العباب.
فيا من ملأ الفراغ حياتَكِ فالشيطان لم يَنْسكِ و ترك لكِ من اللهو حِصتَكِ، و يقول الشباب إخوة لكِ في الدين وليس من الضير أن تكلميهم كل حين، فانظرِ لنفسِكِ فالكل عنكِ منشغل وهذه الأمور من أجركِ لا تقل، فأنتِ و الحمد لله تصلين و من الطاعات تنهلين، فلماذا لا تبني مع الآخرين صداقة - عجباً له لهذه الصفاقة -  و خذي استراحة فالنفس تحتاج للراحة، ويستدل بقاعدة شياطنية أصولية – صلِّ فرضك و اقض غرضك – فبها يستشهد وبغيرها يؤكد فيقول ولنفسكِ عليكِ حقاً، فقومي وشغِّلي الحاسوب و ادخلي الشات فكثير من الأخوة في ضلال ويحتاج إلى تذكرة و دعوة، ذكريهم بالقيامة وهو يدس السم بالعسل ويخلط الصالح مع الذلل، ثم إذا أشكلت عليك الأمور وظننت أن هذا فعل محرم فاستغفري الله فإنه أعظم ما يقال عن ذلك بأنه لمم - تعس وخاب كم أنه أفاق وكذاب - فاستعيذوا من برب الأرباب.
فالحذر الحذر يا أخت من هذا العمل فما دخله عاقل إلا ذل، ولو أردت النجاة أصلاً فقومي بإصلاح نفسك فذلك خير مسلك وهو النجاة من كل مهلك، ولو شئت النصح فلديك أختك في البيت أو في المدرسة، فكوني خير قدوة ولمن حولك أسوة فحسن الخلق من الدعوة، فهذه أمور نافعة تنصحين بالمعروف وتأتيه و تنهين عن المنكر ولا تأتيه، وسوى ذلك هلاك و الشيطان به يسعد ولذلك اطرديه عنك فببعده عن النفس تسعد.
وابتعدي عن شياطين الإنس فهم البلاء الأعظم والشر الأعم، وابتعدي عن شباب الماسنجر فهم كالذئاب المتربصة بالفريسة الشاردة الضائعة.
هذه من قصص التلبيس على ابن آدم هدية له من إبليس، بل هي ضلال وسوء مآل، حيث يوهم الناس بالخير وهو شرُّ مستطير.
قال الله تعالى:  ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ (الكهف: 104)
فيا ابن آدم احذر هذا التلبيس فصحبة الشيطان ترديك تعيس، واحذر على كل حال من الخسران و الضلال و أعلم أنه خائب خسران، و أنه يتبرأ ممن والاه ويدعي أنه بريء وتبرأ ممن خاب مسعاه.
قال الله تعالى:  ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ (الحشر: 16)
و اعلموا أن التوبة خير للأوبة، وأنها زاد المعاد و أنها منَّة من رب العباد فابدأ ولا تسوف واسمع القول و أطعه وعندها الشيطان عنك ينصرف.
فالله يحب التوابين قال الله تعالى:  ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (البقرة: 222)  
واستعذ بالله من الشيطان تغنم و لا تؤخر التوبة فتندم و لا تعصي الله مصرَّاً على المعصية و أنت به تعلم، و أقول لكم هذه الموعظة لعلي وإياك من مكائده نسلم.

لعلَّها تكونُ موعظة

إليكمْ منّي يا إخوتي هذهِ الكلمات
ليست نَثراً وَلا هي منَ الشعرِ أبيات منَ القلبِ نابعةٌ هي بضع كلمات نصيحةٌ لجميعِ الأخوةِ والأخوات
فيما ُسمِيَ بمواقع الدردشة والمنتديات
فيا منْ أمضيتَ الوقتَ الثمينَ في الشات
وأضعتَ الليالي ساهراً مع المحرمات
تبحثُ عن صديقٍ تمضي معهُ أسعدَ الأوقات
أليسَ هناك من في اللهِ يكونُ لكَ عوناً في الملمّات
أمْ ليسَ هناكَ منْ أخٍ تفضي إليهِ ما في صدركَ من حشْرَجات
أم الشيطانُ زيّنَ المعصيةَ بهذهِ التقنيات
أمَا دريتَ أنَّ كلّ ما هو في الخفاءِ جرَّ إلى المُهلِكات
وقدْ أوقعَ النفسَ في لُجَّةٍ المحرَّمَات
أمَا علمتَ بأنَّ الله بيدهِ مقاديرُ الأرضِ والسماوات
وأنَّهُ اطَّلعَ على ما في القلوبِ وما حمَلتهُ من أدرانٍ و معصيات
فلا تجعلِ اللهَ أهونِ الناظرينَ إليكَ في أيَّةِ لحظةٍ من اللحظات فكمْ من فتاةٍ فقدت أغلى ما في هذهِ الحياة
من جرَّاءِ هذهِ الترهات بكلمات زائفات من ذئبٍ اقتحم الحدود والمحرمات ليس فيها من صدقٍ ولا من إثبات
كَذِبٌ ولهوٌ فلا تدع النفسَ تنساقُ وراءَ هذهِ الكلمات
قبلَ أن يأتِ يومٌ ليسَ فيهِ من منجيات
وكمْ جرَّت من بلايا و الله أعلمُ بما جرَّت منْ معصيات
وكمْ من شابٍّ أضاعَ عُمرَهُ نتيجةَ زلّة ٍ و لذّات
لم تركتَ نفسكَ تغرقُ في بحرِ الظلمات
من وراءِ لذةٍ ما جاوزت لحظات
ومعصيةٍ ما تبقِ إلاّ الألمَ والآهات
أليسَ هناكَ منْ حلٍّ لهذهِ أمْ هيَ معضلات
أمْ النفوسُ الأمّارةُ بالسوءِ تفوَّقت على اللّوامات
بلْ هناكَ منْ حلٍّ لمنْ أرادَ النجاة
الحلالُ بينٌ والحُرُمَاتُ مُبَيَّنَات
والقلب السليم يعرِفُ هذهِ الفروقات
ولا يلهثُ بحثاً عنْ هذهِ الشهوات
فلمْ لا نملأُ هذهِ الأوقاتِ بنشرِ الخيرِ والمكرُمات
وبثِّ الأملَ في النفوسِ الضعيفات وذكرُ اللهِ وقراءةِ القرآنِ والصلوات
واجتنابِ المعاصي والمكروهات
أوليسَ منْ واجبنا تغييرُ المنكرات
وأقولُ قبلَ أنْ يكونَ الأوانُ قد فات
و ممّا مضى أخذُ العِبْرَةِ وسكبُ العَبَرات
على ما ارُتكِبَ منْ تجاوز و محرَّمَات
و الإِقلاعُ عنِ الذنبِ خيرُ وسيلةٍ للنجاة
والعزيمةُ على عدمِ العودةِ أساسٌ في الإثبات
على أنَّ التوبةَ نصوحٌ ونريدُ النجاة
ولا تيأسْ وكنْ معَ اللهِ فمعهُ كلًّ منْجَاة وبابُ التوبةِ ما أُغلِقَ لحظةً وأنتَ على قيدِ الحياة
تلكَ مكرمةٌ لأمّةِ محمَّدٍ عليه السلامُ وأفضلُ الصلوات
وكنْ إلى اللهِ داعياً وحدّثِ الناسَ عنْ ألمِ هذهِ المعصيات
حتى لا يقعَ فيها غيرَكَ أوْ يَخرِقَ سفينةُ النجاة
ويرضى اللهُ عنكَ بدعوةٍ وتنالَ الرضا والبركات
ونختِمُ بخيرٍ  منْ كلامٍ اللهِ لعلَّنا نفوزُ بالرحمات ﴿إلاّ منْ تابَ وآمنَ وعَمِلَ صالحاً فأولئكَ يُبَدِّلُ الله سيئاتِهمْ حسنات

فضائح كوم
(فضيحة بلوتوث)

و هذا باب آخر من الأبواب التي فتحها إبليس وللعلم هذا فعلٌ خسيس، الحجة فيها أن يحذر الناس بعضهم بعضاً من أصحاب الفضائح ليبتعدوا عنهم فتباً له على هذه النصائح، فما أكثر هذه العناوين (وعذرا منكم ) المثيرة للقرف على هذه المواقع فهذا في المعصية قمة الترف.
لأصحاب القلوب القوية...الجريئة...يا صاحب القلب القوي أدخل فلدينا ترتوي، عبارات ساذجة و أفعال سمجة، وما أكثر هذه المواضيع التافه في مواقعنا الإلكترونية وكأنها السمة الغالبة لثقافتنا الرقمية.
وكأن القلوب القوية جعلت للمعصية.. وهذا شر البلية، أوليس لطاعة الله... ونشر دينه، والصبر على المشقات في سبيل رضا الله رب الأرض والسماوات ,
فالتقنية المستخدمة في التلبيس تقنية متطورة و بات الجميع يعرفها (البلوتوث) فيقوم خسيس من الناس بتصوير بعض الناس ونشر صورهم بلا حياء ولا إحساس، وتسمع بها منتشرة كالنار في الهشيم بين الأيدي وعلى مواقع الفضائح لا حول ولا قوة إلا بالله إنه فعل سقيم.
طامَّة من الطامَّات نشر الرذيلة بين الشباب والشابات، بدعوى تحذير العوام فهذا هو المراد التام، و ليس نشر الرذيلة معاذ الله..! ولكن لكي تحذروا الناس من هذه أو ذاك و لكن كذب وأولياءه والله، أناس أصبح شغلهم الشاغل هذه المسائل.
حتى وصلت الجرأة لأصحاب هذه المواقع إلى حدها بل وزادت، وما أن تدخل بريدك الإلكتروني حتى ترى فيه من الرسائل العجب العجاب ومن العناوين التي فيها كل فضيحة وفعل منه رأس الطفل قد شاب.
فليس عليك أن تبحث عن هذه الفضائح و تكسب إثم هذه المعصية...فهم يأتون لك بها ويحملون عنك بقوة هذه المعصية، ولكن أنت تتحمل إثم طاعتهم العمياء لنشرهم أصناف الفسق و البغاء.
فبذلك قام صاحب التلبيس بنشر هذه الفن و بالتأسيس، وجعل جنوده يسعون لنشر هذه التلابيس، وهذه حجته إن كنت قد سمعت بفضيحة فتثبت منها و تأكد ولذلك شاهد المشهد و بآية من كتاب الله يستشهد:  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (الحجرات: 6)
لا حول و لا قوة إلا بالله...خسئ وخاب إنه أفاق وكذاب..و نعوذ من شره بالله، وما همنا أصلا ما فعل فلان أو فعلت فلانة، فهذه حياة من باع نفسه للهوى وامتهن الإسفاف و الغوى.
قال الله تعالى:  ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النــور : 19)
وما الغريب في فعل أمثال هؤلاء العابثين من المغنيين والمغنيات أن يقوموا بما لا يرضي الله ويخدش الحياء الخاص و العام وينشرون مصائبهم بين البنين والبنات، فيا رب سلِّم فأنت بالحال أعلم، لقد أصبحوا عصبة فاقت أخبارهم أخبار العلماء الربانيين و الدعاة المخلصين و الأبطال المجاهدين....وبالله نستعين، هناك من يتربص بشبابنا وشاباتنا في أن يضيع عقولهم النابهة وقدراتهم ويحجمها إلى مثل هذه الأمور التافهة التي لا تغني شيئاً إنما تضيع بها الأوقات وتنتهك بها المحرمات.
نعوذ بالله منهم ما أجرأهم على نشر المعصية والرذيلة ومحاربة الطهر و الفضيلة، فالحذر الحذر من هذا التلبيس ومن ذلك الإبليس، و لمثل هؤلاء ينبغي علينا التجاهل والمقاطعة و أن تكون بذلك مواقفنا كالحدود القاطعة.
فيا إخوتي إن وصلكم أمثال هذه الرسائل فاحذفوها فذلك للنفس أسلم كيلا نذل و بعدها نندم، و أمثال هذه المواقع الفضائحية لا تقربوها بل وقاطعوها، ولمن ابتلي – عافانا الله - بزيارتها فلا تطع إبليس بنشرها، فتبوء بإثمك و إثم من للمعصية تدعوه وبحمل المعصية تنوء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه.
(تحقيق الألباني:  حديث صحيح، انظر حديث رقم:  4512 صحيح الجامع).
ولا حول ولا قوة إلا بالله فكثير من أهل الفضائح بفضائحهم يتباهون لكي يزدادوا شهرة بفضائحهم، فيكثر ذكرهم على ألسنة العوام وهم بذلك كالهوام
ونذكر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس رضي الله :
يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عز وجل قال سل الله العافية فمكثت أياما ثم جئت فقلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله فقال لي يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخر.
(تحقيق الألباني:  حديث صحيح، انظر الحديث رقم 3514 جامع الترمذي ) ومع ذلك فالله رحيم بالعباد و باب التوبة مفتوح لمن أراد وليستغفر الله فذلك نعم المراد.
قال الله تعالى:  ﴿إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ (الفرقان:  70)
فلعلّ من أضعف الإيمان مقاطعة أفعال الشيطان وليدع أبواباً للشيطان وأتباعه وليغلقها وليشارك بغلقها إن استطاع و ليجتنبها قدر المستطاع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من رأي منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
( تحقيق الألباني:   حديث صحيح، انظر حديث رقم:  6250 في صحيح الجامع ).‌
فتاوى العوام الإلكترونية

إنَّ من الفوضى التي عمَّت هي المواقع الكثيرة على الشبكة العنكبوتية وهذه بلية و بئس البلية، يتكلم فيها الغادي والبادي بالشرع بغير تأصيل ولا علم وكل يقول رأيه وكأنَّه تحوَّل إلى علاَّمةٍ موسوعي بلا دراسة ولا تعلُّم، فيأتي مدافعٌ عن الدين بل وعن رأي أعجبه وتمسك به بلا علم ولا تمكين فيأتي بالعجب والعجاب حتى يصل بهم الأمر إلى الشتائم والسباب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  إن الله لا ينزع العلم منكم بعدما أعطاكموه انتزاعاً ولكن يقبض العلماء بعلمهم ويبقى جهال فيسألون فيفتون فيضلون ويضلون
(تحقيق الألباني:   حديث حسن،  انظر حديث رقم:  1861 في صحيح الجامع).
فترى الواحد منهم يفتي بالنوازل وكأنه يتكلم في مسألة من مسائل بسيطة يعلم بها أقل طلاب العلم فهماً وعلماً، ويقول رأي في هذه المسألة كذا وكذا.
عن علي  قال:  لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه .
(تحقيق الألباني:  حديث صحيح، انظر حديث رقم:  162 سنن أبي داود ).
وهذا أيضاً من تلابيس إبليس و باب خطير من الأبواب التي فتحها ذلك الإبليس، وما هي حجته في ذلك؟؟ عن الدين أن تدافع ولكن هو التنازع في الواقع.
قال الله تعالى:  ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: 46)
فاحذروا أخوتي من مثل هذه الأفعال الساذجة فإنَّ من أهلِ العلم والفضل من العلماء الربانيين من جاب علمهم الأفق ومن نحترمهم وبعلمهم نثق.
قال الله تعالى:  ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (الأنبياء: 7)
واحذر يا أخي يا من حفظ بعض الأحكام ألا تفتي بها بين العوام، فالعلم يحتاج إلى البذل الكثير و الجهد الكبير، و لا يأت العلم بين يوم وليلة ولكن من جراء تعب الليالي الطويلة.
فدع أخي الكلام بمسائل أهل العلم ولا تسارع بالخوض فيها ولو كنت تعلم فأهلها أولى بها، ولو أردت في أمر النصيحة فلا بأس ولو أردت أن تنقل كلام أهل العلم فلا بأس.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  إنما الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم  
(تحقيق الألباني:  حديث صحيح، انظر الحديث رقم 4197 سنن النسائي ).
ولكن احذر النوازل والخوض فيها فلو استفتي بها لجمع لها أهل بدر وهم من هم من العلم والقدر، فالحذر الحذر من أن تعجب بنفسك وتغتر، فتلقي بنفسك في التهلكة وتتعثر.
و لا تنس أنه لكلٍّ من أهل العلم قدره فإن رأيت منهم ما تظن أنت خطأ وتثبت قبل أن تطعن بعلمهم وتنهش لحمهم فلحوم أهل العلم مسمومة.
فكم ترى ممن يدَّعون العلم وما نالوا شرف طلبه يتطاولون على العلماء و بهم يجرِّحون، فهذا مراد إبليس بتشكيك الناس من أهل العلم وبذلك جنوده يفرجون، ممن يحاربون الدين بأهله فالحذر من هذه الخديعة فهي حجة ذلك الوضيع، أن تخطِّئ العلماءَ مع قلة وعيك وإدراكك و أنت لا تعلم أن وراءها إبليس و أنت تحسب أنك تحسن الصنيع.
قال الله تعالى:  ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ (الكهف: 104)
كما أنك يا من تطلب الفتيا عليك أيضاً الحذر فأهل العلم هم من يستفتون فهم أهل لذلك وبذلك يختصون، وليس كل من ذكر شيئاً من العلم أصبح فقيهاً فالعلم يأتي بالتعلم وليس كل من حفظ حديثاً أصبح محدثاً، فلا تجرِّأ أمثال هؤلاء على الخوض في دين الله بغير علمٍ و على ذلك فاتق الله.
فإن كنت صادقاً في تعلم أمور دينك فالله على ذلك يعينك، فمواقع أهل العلم منتشرة ولله الحمد ومن أراد الوصول إليها فالأمور والحمد لله بذلك ميسَّرة.






ذاك  الجويهل

قفْ لتسمع قصة ذاك الجويهلِ
سقيم الفهمِ كثير التقولِ
قليل القدرِ فظّ متنطعٌ جامدٌ
كجلمود صخر حطه السيل من علِ
ألا إنَّ  في النبي الكريمِ أسوة
في حسنِ الخلقِ وعلوِّ تفضلِ
لمَ تدّعي الفهم في كل قصةٍ
أأوتيتَ علماً من كل منهلِ
العلمُ مشكاةٌ زيتها صبر عظيم
والصبر يحتاج لطول تحمل
قف على أثر الأولين تجد
أهلَ خلقٍ كريمٍ وحسنِ تعاملِ
أعلمك من علمِ أهل الهوى
يرمون التقاةَ بسهمِ كلِّ مغفَّلِ
ألا أيها الجاهلُ حسبك مرَّةً
أنْ تقولَ غيري أعلمُ فاسألِ
أنبَّت بين الناسِ عداوةً وحقداً
و البغضُ ديدنُ كل جاهلِ
ألا تتقِ الله في كل الورى
وتتبع خلقَ الحبيبِ المرسل
و لا تكن فظاً غليظَ القلب
فهذا لم يكُ دين الرعيلِ الأولِ
ما تركت ذا قدرٍ إلا ونلتهُ
بسوءِ الكلامِ و ردٍّ باطلِ
يا أرمدَ العينينِ ما ضرَّ أمةً
بأمثالِ أهلِ الجهالةِ فاخجلِ
ودعِ الكلامَ بشكٍ وريبةٍ
فنهجك مردود عليك وباطل
ولحومُ أهلُ العلمِ مسمومةٌ
لا تذل مرَّةً فتصابَ بمقتلِ
أناسٌ خلّدَ التاريخ ذكرهم
و أنت فيهم جارحٌ متقول
رياحين فاحت من ذكرهم
وأنت عليهم منكر في كل محفلِ
سطَّرت في ذلاتِ أهلِ العلم
أسفاراً حملتها و أنت بها تجهل
و ما لديك من سطور لا تساوي
في ميزان أهلِ العلمِ حبَّة خردلِ
دلَّست على الناسِ وفتنتَهم
ألا إنَّ الفتنة أكبر من القتل
نسأل الله أن ينصر دينَهُ
وفي يوم عمّا تقولُ ستُسْأَلِ
هداكَ اللهُ فكَمْ ضللَّت جاهِلاً
فتأدَّب من سيرةِ أهلِ الصلاحِ الأولِ
صحبُ النبي محمدٍ أهلِ التقى
والطيبين الطاهرين عترة النبي المرسل
وأئمة الهدى والتقى مالك
وأبو حنيفة والشافعي وابن حنبل
و من سار في ركبهم تبعا بإحسان
فقد وقي من نارٍ بأجْسَادٍ تشتَعِلِ

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و بالصلاة والسلام على سيد المرسلين، و يا رب احشرنا معه و اسقنا من حوضه و أنلنا شفاعته، أنك نعم المولى ونعم النصير و على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

غفر الله لي ولوالدي ولجميع المسلمين
بقلم الراجي رحمة ربه
همام محمد الجرف

‏يوم الاثنين الواقع في  11 ‏شوال لعام 1428
‏22‏/10‏/2007
 تم النشر يوم  الثلاثاء، 8 يناير 2013 ' الساعة  6:43 م


 
Toggle Footer