الخميس، 24 أبريل 2014


كيف يكون الإصلاح بين الزوجين
 
الشيخ. محمد صالح المنجد
 
عناصر الخطبة:
  1. فضل الإصلاح بين الزوجين.
  2. خير قرن لم تخلو بيوته من المشاكل.
  3. هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حل المشاكل الزوجية.
  4. الزوجة بشر لها وعليها.
  5. أسباب المشاكل الزوجية وعلاج كل مشكلة بما يناسبها.
  6. تنبيه.
 
الخطبة الأولى
 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
الحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها، وجعل بيننا وبينهن مودة ورحمة، وجعل سبحانه وتعالى بين الزوجين ميثاقاً وصفه بأنه غليظ، وجعل سبحانه وتعالى الإصلاح بين الزوجين له أجر كبير: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (النساء: من الآية128)، وجعل نية الحكمين في الإصلاح بين الزوجين مرتباً عليها النتيجة وهي التوفيق، فقال سبحانه وتعالى: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً} حُسن النية {يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (النساء: من الآية35)، وهي النتيجة، قال العلماء: "وإنما كان بعث الحكمين من أهلهما؛ لأن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال، وأطلب للصلاح" [انظر تفسير البيضاوي (2/186)]، وأحرص على التئام شمل الزوجين، ولذلك ندب أن يكون الحكمان حكماً من أهله، وحكماً من أهلها".
 
فضل الإصلاح بين الزوجين
الإصلاح بين الزوجين شأنه عظيم، وعموم الإصلاح بين المسلمين له أجر كبير: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (النساء:114)، ولذلك جعل النبي صلى الله عليه وسلم إصلاح ذات البين أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، لماذا؟ لأن الإفساد، ولأن التحاسد والحقد، والبغضاء والضغينة تحلق الدين، وإزالتها تكون بالإصلاح.

إن الفضائل كلها لو حُصِّلت
تعظيم ذات الله جل جلاله
 
رجعت بجملتها إلى شيئين
والسعي في إصلاح ذات البين

 
 
خير قرن لم تخلو بيوته من المشاكل
عباد الله، الحياة الزوجية لابد فيها من مشكلات، ومن الأكاذيب الموجودة في بعض الدورات: "زواج بلا مشاكل"! وهذا غير موجود حتى في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وحياة النبي عليه الصلاة والسلام الزوجية فيها مشكلات، فمن زعم أن هنالك زواج بلا مشاكل؛ فهو لا يفقه طبيعة الحياة الزوجية، لكن كم المشاكل؟ وكم تستمر؟ وما هو الموقف إذا حصلت؟
إن تدخل الأقارب للإصلاح بين الزوجين، ونخص الحديث بهذا الأمر لسَعة الموضوع، وإن كانت المسئولية الأساسية على الزوجين، لكن موقف الأقارب والمحيطين له شأن كبير: "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً" جاء في وقت يوجد فيه الأزواج عادة، جاء في وقت الظهيرة -القيلولة- لم يجد الزوج؛ معناه أن هناك مشكلة حصلت، إن مسئولية الأب لا تنتهي بالتزويج: زوجنا البنت وانتهينا، كلا، بل إنها تستمر؛ فهو لا يزال يتحمل، ويتفقد، ويتدخل بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس بأخذ ابنته قسراً، وعنوة، وبالإكراه، وبدون علم الزوج، كلا.

قال عليه الصلاة والسلام لفاطمة: ((أين ابن عمك؟)) لماذا لم يقل أين زوجك؟ لأنه أراد أن يذكرها بصلة الرحم، بالعلاقة بينه وبينها: ((أين ابن عمك؟)) أحسَ أن هناك شيئاً، "قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني؛ فخرج، فلم يقل عندي"، "غاضبني فخرج"، ولم ينم القيلولة "لم يقل عندي" ماذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام؟ "فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا هو في المسجد راقد" لم يرد علي رضي الله عنه أن تتطور الخلافات، أو أن تتفاقم الأمور؛ فانسحب بهدوء، وذهب ونام في المسجد، "فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: ((قم أبا تراب، قم أبا تراب))" [رواه البخاري برقم (441) بلفظه، ومسلم برقم (2409)] كانت أحب كنية إلى علي رضي الله عنه هذه الكنية.
النبي عليه الصلاة والسلام تدخل، لكن تدخُّل بحكمة، ولم يشأ أن يقل: ما سبب المشكلة؟ وما هي التفاصيل؟ وماذا حدث منك؟ وماذا حدث منها؟ القضية الآن إعادة الزوج إلى بيته، فذهب يسترضيه برفق: ((قم أبا تراب، قم أبا تراب))، وعادت المياه إلى مجاريها.

هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حل المشاكل الزوجية
عباد الله، كان نبينا عليه الصلاة والسلام يسعى للإصلاح، وكثيراً ما جاءه الأزواج والزوجات يشكون ويشتكين، فيتدخل عليه الصلاة والسلام بالحكمة الطيبة، وكان يذكِّر النساء بمكانة الزوج مثلاً تارة، فعن حُصين بن محصن: "أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، فلما فرغت، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((أذات زوج أنتِ))؟ قالت: نعم، قال: ((فأين أنت منه))" في أي منزلة أنت من زوجك؟ قريبة؟ بعيدة؟ متباعدة؟ ودودة؟ "قالت: ما آلوه" لا أقصر "إلا ما عجزت عنه، قال: ((انظري أين أنت منه؛ فإنه جنتك ونارك))" [رواه أحمد برقم (26806)، وصحح إسناده الألباني في "آداب الزفاف" (1/213)].

وهكذا مضى السلف رحمهم الله والصحابة في التدخل لأجل حل المشكلات الزوجية، فقد كان سلمان الفارسي مثلاً يزور أبا الدرداء، فيعرف أنه قد أهمل زوجته، لا لأجل شلة بلوت، وسهرات، لكن لأجل العبادة، وقيام الليل؛ فيذكره بحق زوجته عليه، وهكذا يأمره أن ينام، وقد أراد القيام، حتى إذا كان قبل الفجر قال: "قم الآن"، وهكذا قال عليه الصلاة والسلام: ((صدق سلمان)).
كان الإخوان يصلح بعضهم أحوال بعض، وإذا لاحظ الواحد تقصيراً من أخيه في حق أهله ذكره بحق الأهل: ((ولأهلك عليك حقاً)) [رواه البخاري برقم (1968)].

لما جاء المهاجرون إلى المدينة وجدوا تغيراً في البيئة الاجتماعية في المدينة، وعادات نساء المدينة، والزوجات مع الأزواج تختلف عن عادات أهل مكة في الأزواج مع الزوجات، قال عمر رضي الله عنه: "صحت على امرأتي؛ فراجعتني" ردت علي، "فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ولمَ تنكر أن أراجعك؟! والله، إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل" يعني بالكلام، وليس المقصود الهجران التام؛ لأن هذا لا يليق بأمهات المؤمنين، فأفزعه ذلك، ماذا فعل عمر؟ خرج مباشرة إلى حفصة، إلى ابنته التي هي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لينظر هل جرى هذا؟ وهل العدوى مشت إلى حفصة؟ "فقال: أي حفصة، أتغاضب إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟! قالت: نعم" يعني يحصل، "فقلت: خابت وخسرت؛ أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتهلكين، لا تستكثري" لا تكثري الطلبات "لا تستكثري على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، واسأليني ما بدا لك" أنا أعطيك، أنا أوفر لك، قد يعجز الزوج لا يستطيع، تضيق به الحال، "واسأليني ما بدا لك" [رواه البخاري برقم (2468) بلفظه، ومسلم برقم (1479)].

فمن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
 
كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه

 
الزوجة بشر لها وعليها
((لا يفرك مؤمن مؤمنة)) لا يبغضها؛ ((إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)) [رواه مسلم برقم (1469)]، وقد يكون الحل الصبر وتحمل سوء الخُلق، دخل طالب على شيخه فوجد عنده ولداً يخدمه، ويبره براً عظيماً، فلما خرج الابن قال العالم للتلميذ: "أتعجب من بره بي؟ قال: نعم، قال: لقد عاشرت أمه أكثر من عشرين سنة، والله ما تبسمت في وجهي يوماً قط، فصبرت، فعوضني الله منها بما ترى"!.

هي الضِّلَع العوجاء لست تقيمها
 
ألا إن تقويم الضلوع انكسارها

 
ضِِلَع الذبيحة لو أخذته، فأردت أن تقيمه من رأسه وأعلاه، فهل يستقيم؟ أم سيبقى أعوج؟
يا من تعاني من الخلافات في الزوجة اعلم أن هنالك شيئاً أصلياً، واجعل عندك ضِلَع تنظر إليه كلما هممت بأمر سوء، كان الأب يصبّر ابنته إذا كثُر عليها العمل في البيت، كما جاءت زوجة الزبير أسماء بنت الصديق إلى أبيها تشتكي، قال: "يا بنيه اصبري؛ فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح، ثم مات عنها" يعني وهو راض "جُمع بينهما في الجنة" [انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (8/251)].

ولابد أن يكون هنالك إنصاف، لابد أن يكون هنالك تفَهُّم للحقيقة والمشكلة، جاءت امرأة إلى عمر رضي الله عنه، فقالت: "يا أمير المؤمنين، إن زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه، وهو يعمل بطاعة الله، فقال لها عمر: نعم الزوج زوجك، فجعلت تكرر عليه القول، ويكرر عليها الجواب، فقال له كعب بن سور الأزدي، وكان في المجلس: يا أمير المؤمنين، هذه امرأة تشكو زوجها في تركه لها" يعني في الفراش، هي تمدح في العبادة لكن قصدها الفراش، "فقال له عمر: كما فهمت كلامها؛ فاقض بينهما، فقال كعب: عليّ بزوجها، فأتيَ به، فقال: أحل الله لك أربعاً، فاجعل لها في كل أربع ليالٍ ليلة، وفي كل أربعة أيام يوماً" إذا أردت الصيام اجعل لها يوماً من الأيام تفطر فيه من أجلها، إذا أردت القيام أجعل لها يوماً من الأيام من كل أربعة واحداً، فقال عمر لكعب: "ما أدري من أي أمريك أعجب؟! أمن فهمك أمرهما؟ أو من حكمك بينهما؟ اذهب، فقد وليتك قضاء البصرة" [بغية الطلب في تاريخ حلب لابن أبي جرادة (5/2444-2445)].

وجاءت امرأة إلى عمر رضي الله عنه فقالت: "يا أمير المؤمنين إن زوجي قد كثر شره، وقل خيره، فقال لها عمر: ما نعلم من زوجك إلا خيراً، فأرسل إليه فجاء، فقال له عمر: هذه امرأتك تزعم أنه كثر شرك، وقل خيرك، فقال: بأس ما قالت يا أمير المؤمنين، والله إنها لأكثر نسائها كسوة، وأكثرهن رفاهية بيت، ولكن بعلها بَكيء" يعني مع تقدم السن لم يعد يستطيع الوِقاع "فقال: ما تقولين؟ قالت: صدق، فتناولها، وقال: يا عدوة نفسها؛ أفنيتِ شبابه، وأكلت ماله، ثم أنشأت تشنين عليه ما ليس فيه، فقالت: يا أمير المؤمنين، أقلني في هذه المرة، والله لا تراني في هذا المقعد أبداً، فدعا بأثواب ثلاثة، وقال لها: اتق الله، وأحسني صحبة هذا الشيخ، ثم أقبل على زوجها، فقال: لا يمنعك ما رأيتني صنعت بها أن تحسن صحبتها، قال: أفعل يا أمير المؤمنين" [محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب للمبرد (3/999-1000)].

إذا شاب رأس المرء أو قل ماله
 
فليس له في وِدِّهنَّ نصيب

 
وتذكير الطرفين بحق كل من الآخر، وأيضاً من جنح يُعدَّل رأيه، فقد يُدافع عن نفسه، ويدِّعي له حقوقاً، وليس كل الأمر كذلك.
جاءت امرأة أبي الأسود إلى معاوية رضي الله عنه، فقالت له: "قد ألجأني إليك -يا أمير المؤمنين- أمر طلاق جاءني من بعل غادر، قال: ومن بعلك؟ قالت: فلان، فالتفت معاوية إلى أبي الأسود، وكان عنده، فقال: أحقاً ما تقول هذه المرأة؟ قال: نعم، أما ما ذكرت من أمر طلاقها فهو حق، ولكني لم أطلقها لريبة، ولكن كرهت شمائلها فقطعت حبائلها، كثيرة الصخب -يا أمير المؤمنين-، مؤذية للبعل، إن ذُكر خير دفنته، وإن ذُكر شر أذاعته، ولا يزال زوجها معها في تعب، فقالت: يا أمير المؤمنين، هو -والله- جهول ملحاح، شحيح حين يضاف، ضيفه جائع، وجاره ضائع، لا يحمي ذماراً، ولا يرعى جواراً، فتخاصما، فوثب أبو الأسود، فانتزع ولده منها، فقال معاوية: مهلاً يا أبا الأسود، قال: يا أمير المؤمنين، حملته قبل أن تحمله" يريد أن يستدل بالواقع الجسدي "حملته" يعني في ظهري، لما كان نطفه "قبل أن تحمله" يعني في بطنها بعد التلقيح، "فقال: يا أمير المؤمنين، حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه" أي وضعته فيها قبل أن تضع الولد بعد الولادة "قالت المرأة: صدق يا أمير المؤمنين، لكن حمله خفاً، وحملته ثقلاً، ووضعه شهوة، ووضعته كرهاً، وكان حجري له حواء، وبطني له وعاء، وثديي له سقاء، فأمره معاوية بأن يدفع الولد إليها" [أخبار الوافدات من النساء على معاوية بن أبى سفيان للضبي (1/74-76)].

ليس دائماً تأتي الإصلاحات بالنتائج المرجوة، لكن حسب الذين يحاولون الإصلاح، ومجرد المحاولة فيها أجر، فعندما عتقت بريرة، وكان زوجها عبداً اختارت فراقه، ويحق للأمة إذا عتُقت وهي تحت زوج عبد أن تفارقه إذا أرادت، وكان متعلقاً بها جداً، وهي لا تريده، وجعل يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته في طرق المدينة، يتوسل إليها أن تعود إليه، وطلب شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام، فتدخل النبي عليه الصلاة والسلام، وقال لبريرة: "((لو راجعته؛ فإنه أبو ولدك))، قالت: يا رسول الله، أتأمرني؟" يعني المرأة مستعدة للرجوع حتى لو كانت لا تطيقه لأجل الأمر النبوي؛ من تعظيم الصحابة للأمر النبوي "قال: ((إنما أنا أشفع))" حقك الفراق، وقد صرت حرة، وهو عبد، هذا حقك الشرعي، "((أنا أشفع))، قالت: لا حاجة لي فيه" [رواه البخاري برقم (5283)].

عباد الله، قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ((ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس؛ فينمي خيراً، أو يقول خيراً))، فإذا زاد الإنسان في مدح الطرف الآخر، ولو بأشياء غير حقيقة أحياناً للتقريب، فهذا ليس محرم.
اللهم أصلح شأننا، وأصلح ذات بيننا وتب علينا.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
 
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.
أشهد أن لا إله إلا الله الحي القيوم، مالك الملك فالق الإصباح، خلق السموات والأرض بالحق، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم صل وسلم عليه، اللهم زد وبارك صلاة على نبيك الكريم، وعلى آله الطيبين، وزوجاته وخلفائه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
 
أسباب المشاكل الزوجية وعلاج كل مشكلة بما يناسبها
عباد الله، قد يكون التدخل ببذل شيء من المال للإصلاح، فتتغير الأحوال بزوج كان سخياً لسعة ذات يده، فضاقت الأمور، وربما ضيق الأمور يؤدي إلى الطلاق، فيكون التدخل بإعطاء شيء من المال لتهدئة الأمور، والعكس قد يغتني فيطغى، فيطلق من كانت عنده وتحملته تلك المدة العصيبة؛ وهذا من قلة الوفاء.

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا
 
من كان يألفهم في المنزل الخشن

 
ولذلك فإن الإنسان يطغى، {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (العلق:7)، وعلى الزوج أن يكون رفيقاً رقيقاً، غاضب رجل امرأته، فطلبت الطلاق، وأصرت أن يطلقها الآن، وأن يكتب الورقة الآن، فأخذ ورقة وكتب: "بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فأنا فلان بن فلان -بكامل عقلي، وطوعي، وإرادتي- أشهد الله أني متمسك بزوجتي، وأولادي، وأني أحبها، ولا أرضى بأخرى بدلاً منها، والسلام"، وأغلق الورقة، وأغلق عليها الخطاب، وسلمها إياه، ومن شدة الغضب خرجت إلى أهلها آخذة الورقة، ظنت أنها ورقة الطلاق، ومكثت أياماً، وبعد ذلك هدأت الأمور، فندمت، وذهبت عن طريق أهلها تستدعيه، تسترجيه، تسترضيه، وقالت: أرجعني، بعد الطلاق، قال: اقرئي الورقة.
عباد الله، إنه لابد أن يكون هنالك حُسن نية، وأن يكون هنالك حكمة، وأن يكون هنالك إصلاح للنفس قبل الغير، وأن يكون هنالك قدوات في المجتمع تسعى في الإصلاح، وتحتسب، وتتحمل الأذية؛ لأن بعض الناس يقولون: مالنا دخل في المشاكل، مالنا والدخول في هذا.
وتذكير الطرفين بالحقوق: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: من الآية228).
وقوله: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (البقرة: من الآية237)، والاعتراف بالخطأ، والصبر على الطبائع المتأصلة، ومراعاة الواقع، وعدم تضخيم الأخطاء، وعدم الجري وراء نزغات الشيطان.
 
 تنبيه
عباد الله، إن نفط المسلمين قوة لهم، ولا يجوز السعي في تخريب، أو عمل يؤدي إلى إذهاب هذه الثروة، بل لابد من استثمارها على خير وجه بما يعود بالنفع على المسلمين، وقد صارت سلعة في العالم لها وزنها الكبير، وسعره في تصاعد مستمر، فلابد أن يتدفق بالخير على المسلمين، لا أن تقام الأعمال التخريبية لتهديم منشآته، أو الإضرار به.
ونسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء.
اللهم من أراد بلدنا هذا بسوء؛ فاجعل كيده في نحره.
اللهم إنا نسألك الأمن والإيمان لبلدنا هذا وبلاد المسلمين.
اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.
آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
 تم النشر يوم  الخميس، 24 أبريل 2014 ' الساعة  9:48 م


 
Toggle Footer