السبت، 6 يوليو 2013

لا يستوي الخبيث والطيب



صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ


الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوًا أحد ، أحمده سبحانه ، خلق الجنة دارًا طيبة وجعلها للطيبين ، وخلق النار دارًا خبيثة وجعلها للخبيثين . فالحمد لله على حكمته ، وعلى عدله ، والحمد لله على فضله وبِرِّه وإحسانه بأوليائه ، فهو المحمود على كل حال ، وهو المحمود الذي بنعمته تتم الصالحات .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله ، نشهد أنه بلَّغ الرسالة ، وأدَّى الأمانة ، ونصح الأمة وتركنا بعده على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك ، تركنا وقد أوضح لنا كل خير ، وقد نهانا عن أصول الشر ، فله – عليه الصلاة والسلام – منا الدعاء والصلاة عليه أول النهار وآخره . اللهم صلِّ عليه كَفَاء ما أرشد ، وعلَّم وجاهد ، اللهم صلِّ وسلم عليه ما تتابع الليل والنهار ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد كلما صلى عليه المصلون ، وغفل عن الصلاة عليه الغافلون .


أما بعد :

فيا أيها المؤمنون ، اتقوا الله حق التقوى ، واعلموا – رحمني الله وإياكم – أن الله – جل وعلا – طيِّب لا يقبل إلا طيبًا ، طيِّب يُحب الطيبين ، طيِّب خلق الجنة وجعلها دارًا طيبة وجعلها مأوى للطيبين ، طيب – جل وعلا – يحب الطيب من الأقوال ، ويحب الطيب من الأفعال ، ويحب الطيب من الكسب ، ويحب الطيب من التصرفات . ويكره – جل وعلا – الخبيث من الأشخاص ، ومن الأحوال ، ومن الأقوال ، والأعمال والأموال .


قال عليه الصلاة والسلام : « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا »[1]، وقال جل وعلا : ﴿ يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [ المؤمنون : 51 ] وقال – جل وعلا – أيضا في سورة المائدة : ﴿ قُل لاَّ يَسْتَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ المائدة : 100 ] .


في هذه الآيات يُبيِّن الله – جل وعلا – أن الخبيث لا يستوي مع الطيب ، وأنه سبحانه يُحِب الطيب ويحب الطيبين ، وأمر رسله – صلوات الله عليهم – أن يعملوا صالحًا ، وأن يأكلوا من الطيبات . فالخبيث ولو علا مناره ، ولو ظهر فإنه لا يساوي الطيب ، ولا يوزن بالطيب ، ولو كان الطيب قليلاً مستخفيًا ، فإن الطيب يُحبه من بَرَأ السموات والأرض ، وإن الخبيث يكرهه من برأ السموات والأرض .

فقد قال لنا جل وعلا : ﴿ قُل لاَّ يَسْتَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ الخبيث ولو كثر فإنه لا يساوي الطيب . ويكون الخبث في أشياء : يكون في الأقوال ، ويكون في الأعمال ، ويكون أيضا في اعتقادات القلوب ، ويكون الخبث أيضا في المكاسب ، ويكون الخبث في التصرفات .


الاعتقاد الطيب والاعتقاد الخبيث :

وفي مقابل ذلك تكون العقائد طيبة ، وتكون الأقوال طيبة ، وتكون الأعمال طيبة ، وتكون المكاسب طيبة ، فإنه لو أَعْجَب المعجبين كَثْرَةُ الاعتقاد الخبيث ، وظهور بعض أهله ، فإنه لا يساوي الاعتقاد الطيب ، وطِيب رِفْعة أهله ؛ لأن الله – جل وعلا – معهم .


وقد قال عليه الصلاة والسلام : « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِى أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ »[2] .

 فالاعتقاد الطيِّب في الله – جل وعلا – بأنه – سبحانه – هو الواحد الأحد في ربوبيته ، وهو المستحق أن تتوجه القلوب إليه بالرغبة والرهبة ، وأن تتوجه الألسنة إليه بالدعاء والاستغاثة وبطلب ما عنده . وأن يكون اعتقاد المرء بالله أنه – جل وعلا – ذو الأسماء الحسنى الكاملة ، وذو الصفات العلا ، ويتعبد الله – جل وعلا – بأسمائه وصفاته ، بالتذلل له بأسمائه وصفاته ، ومعرفته جل وعلا .


فإن من كانت هذه حاله ، طابت عقيدته وطاب قلبه ، ولا يصدر عن الطيب إلا طيبًا ؛ لأن تصرفاته إذًا ستكون لله ؛ ولأن قوله سيكون لله ؛ ولأن محبته ستكون محبة عبادة لله جل وعلا ؛ لأنه سبحانه طيب لا يقبل إلا طيبا .


وكذلك أيها المؤمنون ، الخبيث من الاعتقادات ، فإنه خبيث ، ومأوى أهله إن لم يتوبوا إلى الله – جل وعلا – الدارُ الخبيثة ، إما أبدًا ، وإما حِينًا بحسب حالهم من الكفر والبدعة . فإن الله – جل وعلا – جعل من اعتقد فيه غير الحق ، خبيثا خَبُث قلبه ، ولو كَثُرت جموعهم ، فإنهم خبثاء ؛ لأنهم ليسوا على الحق .


فمن اعتقد في أسماء الله ، وفي صفاته ، أنها كأسماء وصفات المخلوق فقد خُبث اعتقاده ، ومن عطَّل الرحمن – جل وعلا – عن أن يكون له الأسماء الحسنى على ما دل عليه ظاهرها ، فقد خبث اعتقاده ، وكذلك من عطَّله عن الاتصاف بصفاته ، وتأوَّل ما ورد في ذلك وأخرجه عن ظاهره فقد خَبُث اعتقاده ، ويكون مُبتدِعًا بذلك ؛ لأنه خالف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وما وَصَف به ربَّه ، بل ترك ما وَصَف به الجبارُ – جل وعلا – نفسه العالية .


كذلك من توجَّه لغير الله بالعبادة ، بأن يتوجه إلى ولي صالح ، أو توجه إلى نبي فسأله أشياء ودعاه ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : « إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ »[3] ، والله – جل وعلا – يقول : ﴿ وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [ الجن : 18 ] .


فمن دعا غير الله ، فنعلم أنه خبيث خَبُث اعتقاده ، حيث جعل لله شريكًا في الدعاء والمسألة ، والله سبحانه واحد ، والذي يجيب الدعاء هو الواحد الأحد فمن توجه لغير الله بأي نوع من أنواع العبادة والدعاء والسؤال فإنه مشرك ، خبث اعتقاده ، وخبث حينئذ قوله ، وخبث حينئذ عمله .


وكذلك من لم يتوكل على الله سبحانه ، بل جعل الأسباب هي التي تحكم العباد ، وأنه إذا عمل عملاً فإنه بجده ونشاطه سيحصل له كسبه ، وسيحصل له نجاحه ، وسواء كان ذلك في الأفراد أو في المجتمعات ، فإن هذا اعتقاد خبيث ؛ لأن الله – جل وعلا – هو ولي النعمة ، وهو الذي على كل شيء قدير : ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا ﴾ [ الكهف : 45 ] .


والله – سبحانه وتعالى – يحب المتوكلين عليه ، وعلَّمنا – جل وعلا – أن الأسباب لا تنفع إلا بإذنه ، فحينئذ صاحب الاعتقاد الخبيث يتكل على الأسباب ، وصاحب الاعتقاد الطيب الذي طاب اعتقاده في الله يأخذ بالأسباب ، ثم يفوِّض أمر الانتفاع بالأسباب إلى الواحد الأحد الذي بيده ملكوت كل شيء .


القول الطيب والقول الخبيث :

أيها المؤمنون ، كذلك تنقسم الأقوال إلى : خبيث وطيب . فالذي خبثت أقواله ، ولو كثرت فإنه مكروه عند لله – جل وعلا – مُبغَّض لديه . وكذلك يكرهه عباد الله المؤمنون ؛ لأنه إذا نطق نطق بغير الحق ، وإذا تكلم كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا تكلم تكلم بالنميمة ، أو تكلم بالغِيبة ، فلسانه ينطق بأنواع من الخبث لا يرعى ولا يذكر مقامه بين يدي الله جل وعلا ، بل يتساهل في الأقوال ولا يهمه أن يكون لسانه خبيثًا .

فهذا من الخبثاء الذين إن لم يغفر الله لهم ، أو لم يتوبوا فإنهم معرضون لعذاب الله جل وعلا ، ولتطهيرهم في الدار الآخرة حتى يكونوا طيبين .

وهذا أمر صعب شديد ، فهل يستوي هذا الذي خَبُث لسانه ، مع ذاك الذي طاب لسانه ، فإذا تكلم تكلَّم بذكر الله ، أو إذا نطق نطق بالعلم والحق ، وإذا تكلَّم صدق ، وإذا وعد وفَّى ، وإذا تكلم فإنه يحمي نفسه ، ويحمي عِرْض المؤمنين من أن يُنَالوا بسوء ، هذا الذي طاب قوله ، وهذا هو الذي يحبه الله جل وعلا : ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ [ الإسراء : 53 ] ،
وثبت عنه – عليه الصلاة والسلام – أنه قال لمعاذ : « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ »[4].


فلا يستوي من طاب لسانه وقوله ومن خبث لسانه وقوله ، فترى خبيث اللسان واقعًا بلسانه في أنواع من المحرمات فصار خبيثا ، يتعرض للمحرمات بلسانه ، وربما وقع من جرَّاء كلامه في أنواع من الفساد ، وأنواع من صد الناس عن الحق ، وأنواع من إبعاد الناس عن طريق الله جل وعلا ، وأنواع ما يقال في أي مجال من المجالات ﴿ لاَّ يَسْتَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ ﴾ .


وإذا تكلم أهل الحق بكلام طيب فإنه ولو كان ميدانه في الأرض قليلاً فإنه الطيب ، الذي يُحبه الله جل وعلا ، ولا يستوي والخبيث وإن كثر أهل الخبيث ﴿ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ ﴾ ؛ لأن الخبيث خبيث وإن العاقبة للطيبين .


العمل الطيب والعمل الخبيث :

كذلك أيها المؤمنون في الأعمال ، لا تستوي الأعمال الطيبة والأعمال الخبيثة ، فإن الأعمال الطيبة الصادرة من أهل الإيمان ، أفرادًا كانوا أو مجتمعات طيبة يحبها الله جل وعلا .


فترى أهل الإيمان يسعون في الطيبات بأعمالهم ، فجوارحهم في طاعة الله ، في صلاة أو في سَعْي إلى مرضاة الله ، أو يتحركون في صلة أرحام ، أو في أمر بمعروف ، أو نهي عن المنكر ، أو في كسب معاش يؤجرون عليه ، أو في نحو ذلك من الأعمال الطيبة ، فإنهم يعملون بالطيب ، ويتقربون إلى الله جل وعلا : ﴿ يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [ المؤمنون : 51 ] .


والعمل الطيِّب هو العمل الصالح ، في أي ميدان من ميادين الحياة ، في التكافل الاجتماعي ، في السعي في حاجة المسكين الضعيف والأرملة ، وفي الأعمال الخيرة العامة للأمة ، هذه كلها أعمال طيبة يُحبها الله جل وعلا .


وفي مقابل ذلك الأعمال الخبيثة ، التي لا تصدر إلا عن قلب خبيث ، كالذين يسعون في إشاعة الفاحشة ، كالذين إذا تكلموا تكلموا في تفريق المؤمنين ، كالذين إذا عَمِلوا عملوا في تفريق المؤمنين والوقيعة بينهم ، ولم يتقوا الله في إصلاح ذات البين ، وفي جَمْع الكلمة ، وكالذين يسعون بأعمالهم في أنواع المحرمات ، فإن هؤلاء وإن كَثُرت أعمالهم وظنها الناس حسنة ، فإنها خبيثة ، ولا يستوي الخبيث والطيب ولو كثر الخبيث ، كما قال لنا جل وعلا : ﴿ قُل لاَّ يَسْتَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ .


الكسب الطيب والكسب الخبيث :

كذلك أيها المؤمنون في أنواع المكاسب ، لا يستوي الكسب الطيب والكسب الخبيث ، فدِرْهَمٌ من حلال خير وأكثر بركة وأعظم فائدة وأنجى بين يدي الله من مئات الألوف أو من الملايين من كسب خبيث محرم ، من رِبًّا أو من رِشْوة أو من غش أو من خيانة ، أو من أنواع المكاسب المحرمة .


فالذي نبت جسمه من حرام أو من سحت فالنار أولى به [5] ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : « الرَّجُل يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ »[6] .


وقد جاء في بعض الآثار الإلهية أن موسى – عليه السلام – قال لربه جل وعلا : « يَا رَبِّ دَعَاكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلَمْ تَسْتَجِبْ لَهُمْ » فقال الله – جل وعلا – لموسى : « يَا مُوسَى لَقَدْ مَدُّوا إِلَيَّ أَيْدِيًا سَفَكُوا بِهَا الدَّمَ الْحَرَامَ ، وَأَكَلُوا بِهَا الْحَرَامَ ، وَعَمِلُوا بِهَا الْحَرَامَ ، فَأَنَّى أَسْتَجِيبُ لَهُمْ » .


فهذا يُبيِّن لك أن الله – جل وعلا – لا يستجيب إلا للطيبين ، وأن تَخَلُّصَ العبد من الخبث في أقواله وأعماله ومكاسبه فرض ، وأن على العباد أن يسعوا إلى أن تكون أجسامهم وأجسام أولادهم وأهليهم طيبة ، حتى إذا دعوا أُجِيب لهم ، وحتى إذا سألوا الله – جل وعلا – أعطاهم .


أسأل الله الكريم من فضله وكرمه ، وأسأله سبحانه أن يهيئ لنا من أمرنا رشدًا ، وأن يجعلنا من عباده الذين إذا قالوا طابت أقوالهم ، وإذا عملوا طابت أعمالهم ، وإذا كسبوا طابت مكاسبهم . اللهم نسألك أن تجعلنا من الذين رضيت عنهم ، فجعلتهم طيبين ، وآويتهم إلى الدار الطيبة يا أكرم الأكرمين . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ﴿ يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [ المؤمنون : 51 ] .


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ، ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه حقا ، وتوبوا إليه صدقًا إنه هو الغفور الرحيم .



الخطبة الثانية



الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، هو الداعي إلى رضوان الله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .


أما بعد :

فإن أحسن الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هَدْي محمد بن عبد الله ، وشر الأمور محدثاتها ،وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ، وعليكم بلزوم التقوى في سرِّكم وعلانيتكم ، فعظِّموا الله واتقوه ، فإنه سبحانه عليم بأحوالكم ، ناظِر إليكم ، ثم يجازيكم على أعمالكم ، إن خيرًا فخير ، وإن شرًا فشر . اللهم إنا أسألك أن تجعلنا ممن راقبك واتقاك حق تقاتك يا أكرم الأكرمين .


عباد الله إن الله جل وعلا ، أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه ، وثنَّى بملائكته ، ليدلكم على عِظَم أمره ، فقال جل وعلا : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ الأحزاب : 56 ] . اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر ، وارض اللهم عن الأربعة الخلفـاءالأئمة الحنفاء الذين قضوا بالحق ، وكانوا به يعدلون ، وعن سائر الصَّحْب والآل ، ومن تَبِعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين .


اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، واحمِ حَوْزة الدين ، وانصر عبادك الموحدين ، اللهم انصر عبادك الذين يقاتلون في سبيلك ، اللهم انصر عبادك الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا يا أرحم الراحمين ، اللهم قَوِّهم ، اللهم قَوِّهم وأمددهم بمدد من عندك ، وكن لهم ، وكن على أعدائهم يا أرحم الراحمين .


اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا ، وولاة أمورنا ، ودُلَّهم اللهم على الرشاد ، وباعد بينهم وبين سُبُل أهل البغي والفساد ، يا أرحم الراحمين . اللهم واجعلنا وإياهم من المتعاونين على البر والتقوى يا أكرم الأكرمين .


اللهم إنا نسألك أن ترفع عن هذه الديار ، وعن جميع ديار المسلمين الربا والزنا وأسبابهما ، وأن تدفع عنا الزلازل ، والمحن ، يا أكرم الأكرمين ، يا من يُجير ولا يُجَار عليه ، نسألك أن تجيرنا من الخزي في الدنيا ، ومن العذاب والخزي في الآخرة ، فأجب اللهم واغفر جَمًّا .


عباد الرحمن إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله بألسنتكم وبأعمالكم يذكركم ، واشكروه على النعم يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .




[1] مسلم ( 2/703 ، رقم 1015 ) .

[2] أخرجه البخاري ( 6/2667 ، رقم 6881 ) ، ومسلم ( 3/1523 ، رقم 1921 ) .

[3] أخرجه أحمد ( 1/293 ، رقم 2669 ) ، والترمذي ( 4/667 ، رقم 2516 ) وقال : حسن صحيح . وصححه الألباني في ظلال الجنة 315 . 
[4] أخرجه : أحمد ( 5/231 ، رقم 22069 ) ، والترمذى ( 5/11 ، رقم 2616 ) ، وقال : حسن صحيح . وابن ماجه ( 2/1314 ، رقم 3973 ) . 
[5] في الباب حديث أخرجه الحاكم ( 4/141 ، رقم 7164 ) والبيهقى فى شعب الإيمان ( 5/56 ، رقم 5759 ، 5760 ) . وأبو نعيم ( 1/31 ) وابن قانع ( 2/61 ) ، وابن جرير ( 6/241 ) . وأخرج الحاكم في المستدرك : « إِنَّ اللَّهَ أَبَى عَلَيَّ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ لَحْمًا نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ » . أخرجه الحاكم ( 4/141 ، رقم 7162 ) وقال : صحيح الإسناد . والخطيب ( 12/109 ) .

[6] أخرجه مسلم : ( 2/703 ، رقم 1015 ) .


المصدر : موقع الشيخ صالح آل الشيخ

 تم النشر يوم  السبت، 6 يوليو 2013 ' الساعة  10:40 ص


 
Toggle Footer