الجمعة، 10 مايو 2013

القَسَم:دراسة موضوعية قرآنية 

إيمان أبوصنوبر

ملخص:
هذا البحث خطوة على طريق الدراسات القرآنية التي لا تنقضي يتحدث عن موضوع (القسم)، كما عرضته آيات القران الكريم، فهو يعرف بأنواع القسم وكفارته وصيغه الواردة في كتاب الله، كما أنه يحتوي استقصاءا للأقسام الصريحة مع إلقاء الضوء على أقسام المنافقين الكاذبة ودوافعهم إليها ثم ينتقل البحث إلى الحديث عن آداب القسم ولوازمه وعن توجيهات الله عز وجل في كيفية التعامل مع من يقسم لنا بالله كاذبا ويختتم البحث بالإشارة إلى ما ينتظر الحالف كذبا من العقاب.

مقدمة:
الحمد لله ربّ العالمين، وصلوات ربّنا وسلامه على سَيِّدِنَا محمَّد خاتَمِ النبيِّينَ، وَعَلى آله وصحبه السادة المكرمين، والحمد لله الذي منّ علينا بالإيمان، وشرّفنا بتلاوة القرآن، فأشرقت علينا بحمد الله أنواره، وبدت لذوي المعارف عند التلاوة أسراره، وفاضت على العارفين عند التدبّر والتأمّل بحاره، فسبحان من أنزل على عبده الكتاب، وجعله لأهل الفهم المتمسكين به من أعظم الأسباب  ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29] وبعد،
سأعرض في هذا البحث آيات أود أن يحفظها ويعرف أحكامها كل مسلم، لأن الناس في أيامنا هذه يكثر منهم أن يحلفوا ويحنثوا، أي لا يوفوا بما حلفوا عليه، وهنا يوقعهم الحلف في معصية الله، إن لم يعرفوا أحكام اليمين ويؤدوا ما عليهم من حقها. وقد اتبعت في دراستي هذه منهجية التفسير الموضوعي للموضوع القرآني، واستعنت بكتب التفسير التي شرحت الآيات.وما أجمل أن نقف على موضوع القسم من خلال القرآن وما أودع الله عز وجل فيه من كنوز ترشدنا وتفيدنا فهو خير المقسمين، وهو خير ما نقسم به، هو الذي أمرنا أن لا نقسم بما سواه، وهو خالق الخلق العالم بمكنونات نفوسهم وخفاياها الخبير بهم إذا أقسموا إن كانوا من الصادقين أم من الكاذبين، وإذا ذكر لنا كيف نتعامل مع الكاذبين منهم فقوله الفصل.

من هنا فقد كتبت هذا البحث بعنوان:
القسم: دراسة موضوعية قرآنية

وقسمته إلى مقدمه وتمهيد وثمانية مطالب وخاتمة على النحو الآتي:
التمهيد: القسم في اللغة، والاصطلاح، والسياق القرآني.
المطلب الأول: أنواع القسم
المطلب الثاني: كفارة القسم و تحلته
المطلب الثالث: صيغ القسم الواردة في القران الكريم
المطلب الرابع: المقسمون في القران الكريم
المطلب الخامس: قواعد وآداب القسم
المطلب السادس: توجيهات القران للتعامل مع من يقسم لنا كذبا
المطلب السابع: جزاء القسم الكاذب.
المطلب الثامن: مسائل متعلقة بالقسم.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج.

وأسأل الله العلي القدير أن يوفقني إلى إخراج هذا البحث بصورة تليق بالدراسات القرآنية والله ولي المتقين وعصمة المستجيرين والحمد لله رب العالمين.

التمهيد وفيه معنى القسم في اللغة وفي الاصطلاح وفي السياق القرآني
أولا: القسم في اللغة
قسم: القَسْمُ مصدر قَسَمَ يَقْسِمُ قَسْماً، والقِسْمةُ مصدر الاقتِسام، ويقال أيضاً: قَسَمَ بينهم قِسْمةً. والقِسْم:  الحظ من الخير ويجمع على أقسام. والقَسَم: اليمين، ويجمع على أقسام، والفعل: أقْسَمَ. [1] وَقد أَقْسَمَ إِقْسَامًا، هَذَا هُوَ المَصْدَرُ الحَقِيقيُّ، وأمَّا القَسَمُ فَإِنَّه اسمٌ أُقِيمَ مُقَامَ المَصْدَرِ، (وتَقَاسَمَا: تَحَالَفَا) من القَسَم هُوَ اليَمِين، وَمِنْه قَولُه تَعالى:  ﴿ قَالُوا تقاسموا بِاللَّه ﴾.(و) تَقَاسَمَا (المَالَ اقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا). فَالاقْتِسَامُ والتَّقَاسُمُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، والاسْمُ مِنْهُمَا القِسْمَةُ، [2]والاستِقْسَامُ: طَلَبُ القَسْمِ الَّذِي قُسِمَ لَهُ وقُدِّرَ مِمَّا لم يُقْسَمْ وَلم يُقَدَّرْ.[3]

(قَاسم) فلَان فلَانا أَخذ كل مِنْهُمَا قسمه وَيُقَال قاسمه المَال فَهُوَ قسيمه فِيهِ وَفُلَانًا حلف لَهُ(قسم) الشَّيْء جزأه أَجزَاء يُقَال قسموا المَال بَينهم وَالْقَوْم فرقهم قسما هُنَا وقسما هُنَاكَ وَيُقَال قسمهم الدَّهْر والهموم فلَانا جعلته مشتت الخواطر وَالشَّيْء حسنه فَهُوَ مقسم يُقَال وشي مقسم وَالثَّوْب فَصله تَفْصِيلًا يبرز مقاسم لابسه والعامة تَقول كسم و(اقتسم) فلَان فكر وروى بَين أَمريْن يُقَال تركت فلَانا يقتسم يفكر ويروي بَين أَمريْن وَالْقَوْم تحالفوا وَالشَّيْء بَينهم أَخذ كل مِنْهُم نصِيبه مِنْهُ.[4]

وقد ارجع ابن فارس أصل مادة قسم إلى أصلين صحيحين يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى جَمَالٍ وَحُسْنٍ وَالْآخَرُ عَلَى تَجْزِئَةِ شَيْءٍ.فَالْأَوَّلُ الْقَسَامُ، وَهُوَ الْحُسْنُ وَالْجَمَالُ، وَفُلَانٌ مُقَسَّمُ الْوَجْهِ، أَيْ ذُو جَمَالٍ. وَالْقَسِمَةُ: الْوَجْهُ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا فِي الْإِنْسَانِ. قَالَ: كَأَنَّ دَنَانِيرًا عَلَى قَسِمَاتِهِمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ شَفَّ الْوُجُوهَ لِقَاءُ وَالْقَسَامُ، فِي شِعْرِ النَّابِغَةِ: [شِدَّةُ الْحَرِّ]. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْقَسْمُ: مَصْدَرُ قَسَمْتُ الشَّيْءَ قَسْمًا. وَالنَّصِيبُ قِسْمٌ بِكَسْرِ الْقَافِ. فَأَمَّا الْيَمِينُ فَالْقَسَمُ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: أَصْلُ ذَلِكَ مِنَ الْقَسَامَةِ، وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إِذَا ادَّعَوْا دَمَ مَقْتُولِهِمْ عَلَى نَاسٍ اتَّهَمُوهُمْ بِهِ. وَأَمْسَى فُلَانٌ مُتَقَسِّمًا، أَيْ كَأَنَّ خَوَاطِرَ الْهُمُومِ تَقَسَّمَتْهُ.[5]

ثانيا: القسم في الاصطلاح
اعْلَم أَن القَسَم هُوَ يَمِين يُقسِم بهَا الْحَالِف ليؤكد بهَا شَيْئا يُخبر عَنهُ من إِيجَاب أَو جحد وَهُوَ جملَة يُؤَكد بهَا جملَة أُخْرَى فالجملة المؤكَّدة هِيَ المُقْسَم عَلَيْهِ وَالْجُمْلَة المؤكِّدة هِيَ القسَم وَالِاسْم الَّذِي يدْخل عَلَيْهِ حرف القسَم هُوَ المُقْسَم بِهِ، مِثَال ذَلِك: أحلِف بِاللَّه أَن زيدا قَائِم. فقولك إِن زيدا قَائِم هِيَ الْجُمْلَة المُقسم عَلَيْهَا، وقولك أحلِف بِاللَّه هُوَ القسَم الَّذِي وكَّدت بِهِ أَن زيدا قَائِم، والمُقسَم بِهِ اسْم الله عز وَجل، وَكَذَلِكَ كل اسْم ذكر فِي قسَم لتعظيم المُقسَم بِهِ فَهُوَ المُقسَم بِهِ.[6]

وفي تهذيب اللغة (والقسم: اليمين.)[7] أي أنه لا فرق بينهما وقد عرف الجرجاني اليمين في الشرع فقال هي تقوية أحد طرفي الخبر بذكر الله تعالى أو التعليق؛ فإن اليمين بغير الله ذكر الشرط والجزاء، حتى لو حلف أن لا يحلف.[8]

ثالثا:القسم في السياق القرآني
ورد لفظ القسم في القران الكريم باشتقاقاته 23 مرة على النحو الآتي:


اللفظ
تكراره في القران الكريم
المواضع التي ورد فيها
أقسم
8 مرات
(الواقعة:75) (الحاقة:38) (المعارج:40) (القيامة:1) (القيامة:2) (التكوير:15)(الانشقاق:16) (البلد:1)
قسم
مرتين
(الفجر:5) (الواقعة:76)
أقسموا
6 مرات
(المائدة:53) (القلم:17) (الأنعام:109) (النحل:38) (النور:53) (فاطر:42)
يقسمان
مرتين
(المائدة:106) (المائدة:107)
قاسمهما
مرة واحدة
(الأعراف:21)
تقسموا
مرة واحدة
(النور:53)
يقسمون
مرة واحدة
(الزخرف:32)
قسمنا
مرة واحدة
(الزخرف:32)
تستقسموا
مرة واحدة
(المائدة:3)

وجاءت هذه الألفاظ كلها في القران بمعنى اليمين سوى أية الزخرف  ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32] فقد جاء فيها لفظا يقسمون وقسمنا بمعنى التجزئة.

وفي كثير من الآيات عبر القران الكريم عن القسم بألفاظ أخرى مرادفة، الأول: اليمين وهو كما أسلفنا لا فرق بينه وبين القسم، والثاني الحلف وقد ذكر العسكري القسم والحلف واليمين في فروقه اللغوية فقال: (أَن الْقسم أبلغ من الْحلف لِأَن معنى قَوْلنَا أقسم بِاللَّه أَنه صَار ذَا قسم بِاللَّه وَالْقسم النَّصِيب وَالْمرَاد أَن الَّذِي أقسم عَلَيْهِ من المَال وَغَيره قد أحرزه وَدفع عَنهُ الْخصم بِاللَّه وَالْحلف من قَوْلك سيف حَلِيف أَي قَاطع مَاض فَإِذا قلت حلف بِاللَّه فكأنك قلت قطع الْمُخَاصمَة بِاللَّه فَالْأول أبلغ لِأَنَّهُ يتَضَمَّن معنى الآخر مَعَ دفع الْخصم فَفِيهِ مَعْنيانِ وَقَوْلنَا حلف يُفِيد معنى وَاحِدًا وَهُوَ قطع الْمُخَاصمَة فَقَط وَذَلِكَ أَن من أحرز الشيء بِاسْتِحْقَاق فِي الظَّاهِر فَلَا خُصُومَة بَينه وَبَين أحد فِيهِ وَلَيْسَ كل من دفع الْخُصُومَة فِي الشَّيْء فقد أحرزه وَالْيَمِين أسم للقسم مستعار وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا إِذا تقاسموا على شَيْء تصافقوا بأيمانهم ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى سمي الْقسم يَمِينا).[9] والثالث: الإيلاء وهو أيضا بمعنى القسم.

المطلب الأول: أنواع القسم في القران الكريم
ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم أنواعا من القسم قال تعالى:
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ... ﴾ [المائدة: 89].

وقال تعالى: ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 225].

وقد خلص علماء التفسير إلى أن أنواع اليمين المذكورة في القران الكريم ثلاثة وتفصيلها على النحو الآتي:
أولا: اليمين اللغو: أَمَّا الْمُفَسِّرُونَ فَقَدْ ذَكَرُوا وُجُوهًا في المقصود باليمين اللغو قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، مِمَّا يُؤَكِّدُونَ بِهِ كَلَامَهُمْ وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِمُ الْحَلِفُ، وَلَوْ قِيلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ: سَمِعْتُكَ الْيَوْمَ تَحْلِفُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَلْفَ مَرَّةٍ لَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ قَالَ: لَا وَاللَّهِ أَلْفَ مَرَّة[10] وقيل ما يحلف ظانًا أنه كذا وهو خلافه[11] وعن الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: قَالَا:هُوَ الْخَطَأ غير الْعمد؛ وَذَلِكَ أَن تحلف عَلَى الشَّيْء وَأَنت ترى أَنه كَذَلِك.[12]وروي مثل ذلك عن ابن عباس[13] ومثله أيضا عن مجاهد وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله.[14] وقال صاحب مجاز القران: بِاللَّغْوِ، أي بالذي هو فضل: لا والله، وبلى والله، ما لم تحلفوا على حقّ تذهبون به، وما لم تعقدوا عليه أي توجبوا على أنفسكم.[15]و قِيلَ فِيهِ إنَّهُ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَوْ مِائَةٌ تَجْعَلُ أَوْلَادَهَا
لغوا وعرض المائة الجلد

يَعْنِي نُوقًا لَا تَعْتَدُّ بِأَوْلَادِهَا فَعَلَى هَذَا لَغْوُ الْيَمِينِ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا حُكْمَ لَهُ[16] وسئلت عَائِشَةَ عَنْ اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ فقالت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ [17]. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ أَنْ تَحْلِفَ وَأَنْتَ غَضْبَانُ، وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ وَإِبْرَاهِيمَ مِثْلُ قَوْلِ عَائِشَةَ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ هُوَ الْغَلَطُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ عَلَى نَحْوِ قَوْلِ الْقَائِلِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ عَلَى سَبْقِ اللِّسَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ أَنْ تَحْلِفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَنْ تَفْعَلَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْعَلَهَا[18]، وقال الزمخشري: اللغو في اليمين: الساقط الذي لا يتعلق به حكم.[19].

وقال بعضهم في معناه: لا يؤاخذكم الله بما سبقتكم به ألسنتكم من الأيمان على عجلة وسرعة[20] وَقِيلَ: هُوَ فِي الهَزْل. وَقِيلَ: فِي الْمَعْصِيَةِ. وَقِيلَ: عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ. وَقِيلَ: الْيَمِينُ فِي الْغَضَبِ. وَقِيلَ: فِي النِّسْيَانِ. وَقِيلَ: هُوَ الْحَلْفُ عَلَى تَرْكِ الْمَأْكَلِ وَالْمُشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ:  ﴿ لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [21] ورجح الطبري أَنَّهُ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:  ﴿ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ ﴾ أَيْ: بِمَا صَمَّمْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَيْمَانِ وَقَصَدْتُمُوهَا.[22]

ثانيا: اليمين المنعقدة:  وهي الحلف على فعل أو ترك آت.[23] وهي في قوله تعالى ﴿ ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ﴾ واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة الحجاز وبعض البصريين: ﴿ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ ﴾ بتشديد"القاف"، بمعنى: وكّدتم الأيمانَ ورَدَّدتموها.وقرأه قَرَأةُ الكوفيين: ﴿ بِمَا عَقَدْتُمُ الأيْمَانَ ﴾ بتخفيف"القاف"، بمعنى: أوجبتموها على أنفسكم، وعَزَمتْ عليها قلوبكم.قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك، قراءةُ من قرأ بتخفيف"القاف". وذلك أن العرب لا تكاد تستعمل"فعَّلت" في الكلام، إلا فيما يكون فيه تردُّدٌ مرة بعد مرةٍ، مثل قولهم:"شدَّدت على فلان في كذا"، إذا كُرِّر عليه الشدّة مرة بعد أخرى.[24].

(بما عقدتم الأيمان) وهو أن يقصد الأمر فيحلف بالله ويعقد عليه اليمين بالقلب متعمِّداً[25] «عَقَّدْتُمْ» بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: وَكَّدْتُمْ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ قَصَدْتُمْ وَتَعَمَّدْتُمْ[26]، بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ بتعقيدكم الأيمان وهو توثيقها بالقصد والنية.[27].

ثالثا: اليمين الغموس: اليمين الغموس: هو الحلف على فعل أو ترك ماضٍ كاذبًا.[28]
وهي في قوله تعالى ﴿ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [البقرة: 225] يقول الجصاص: (وَالْمُرَادُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْغَمُوسُ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ الْمُؤَاخَذَةُ فِيهَا بِكَسْبِ الْقَلْبِ وَهُوَ الْمَأْثَمُ وَعِقَابُ الْآخِرَةِ دُونَ الْكَفَّارَةِ إذْ لَمْ تَكُنْ الْكَفَّارَةُ مُتَعَلِّقَةً بِكَسْبِ الْقَلْبِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْنَثَ فِيهَا وَتَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ مَعَ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ الْمُرَادُ بِهِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ الَّتِي يَقْصِدُ بِهَا إلَى الْكَذِبِ وَأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ بِهَا هِيَ عِقَابُ الْآخِرَةِ وَذِكْرُهُ لِلْمُؤَاخَذَةِ بِكَسْبِ الْقَلْبِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَقِيبَ ذِكْرِهِ اللَّغْوَ فِي الْيَمِينِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّغْوَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ فِيهِ إلَى الْكَذِبِ وَأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مِنْ الْغَمُوسِ بهذا المعنى).[29].

وفي لطائف الإشارات:  ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 225] ما جرى به اللسان على مقتضى السهو فليس له كثير خطر في الخير والشر، ولكن ما انطوت عليه الضمائر، واحتوت عليه السرائر، من قصود صحيحة، وعزائم قوية فذلك الذي يؤخذ به إن كان خيرا فجزاء جميل، وإن كان شرا فعناء طويل.[30]

المطلب الثاني: كفارة القسم في القران الكريم:
تعريف بكفارة القسم وتحلتهب:
الْكَفَّارَة أصلها من الْكفْر بِفَتْح الْكَاف وَهُوَ السّتْر لِأَنَّهَا تستر الذَّنب وتذهبه هَذَا أَصْلهَا ثمَّ اسْتعْملت فِيمَا وجد فِيهِ صُورَة مُخَالفَة أَو انتهاك وَإِن لم يكن فِيهِ إِثْم كالقاتل خطأ وَغَيره[31]، وفي القاموس الفقهي أنها ما يستغفر به الآثم من صدقة، وصوم، ونحو ذلك.[32] وتَكْفِيرُ الْيَمِينِ: فِعْلُ مَا يَجِبُ بِالْحِنْثِ فِيهَا.[33].

وأما التَحِلَّةَ فهي تحليل اليمين بالكفارة[34]، وقد ذكرت في القران الكريم في قوله تعالى:  ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [التحريم: 1، 2]واختلف في معنى ﴿ قَدْ فَرَضَ ﴾ فقيل: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:  ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها ﴾ [النُّورِ: 1][35]، وقيل َأَوجَبَ أَنْ تُكَفِّرُوهَا إِذَا حَنِثْتُمْ.[36].

أنواع كفارة اليمين:
قال تعالى: ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 89].

وهي كما ذكرت في الآية:
أولا: ﴿ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ ﴾ قال ابن كثير فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ يَعْنِي: مَحَاوِيجَ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَمَنْ لَا يَجِدُ مَا يَكْفِيهِ.[37].

واختلفوا في معنى قوله من أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ إن كان المراد بها الوسطية في جنس الطعام أو قدره، وأما الإمام البغوي رحمه الله فقد جمع في تفسيره بين الأمرين فقال: أَنَّهُ يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مِنَ الطَّعَامِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ رَطْلٌ وَثُلُثٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ [38] وإني لا أرى داعيا لتقييد مطلق الآية فالـأولى مراعاة الوسطية في طعام الكفارة من جميع الجوانب.

النوع الثاني: ﴿ أو كسوتهم ﴾ وروى ابن مردويه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ﴿ أَوْ كِسْوَتُهُمْ ﴾ قال: "عباءة لكلّ مسكين"[39].وقد ذكر العلماء في" كسوتهم" أقوالا: أحدها: أنها ثوبٌ واحدٌ، والثاني: ثوبان،. والثالث: إِزار ورداء وقميص، والرابع: ثوب جامع كالملحفة، والخامس: كسوة تجزئ فيها الصلاة.[40] وأحسن ما قيل في ذلك قول الإمام الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: "وَأَقَلُّ مَا يُجْزِي مِنْ الْكِسْوَةِ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ إزَارٍ أَوْ مُقَنَّعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ، وَلَوْ اسْتَدَلَّ بِمَا يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ مِنْ الْكِسْوَةِ عَلَى كِسْوَةِ الْمَسَاكِينِ لَجَازَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِمَا يَكْفِيهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ أَوْ فِي السَّفَرِ مِنْ الْكِسْوَةِ، وَقَدْ أَطْلَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مُطْلَقٌ."[41].

النوع الثالث: ﴿ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ يعني: مؤمنة[42] وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ عِتْقُ الْكَافِرَةِ، لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ يَقْتَضِيهَا[43]. ومن ثم يرد بشأنها خلاف فقهي ليس هذا مكانه.

النوع الرابع: ﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ ﴾ وَقِيلَ: هُوَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا قُوتُ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ فَضْلٌ يُطْعِمُهُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.[44].

وكون هذه الأيام الثلاثة متتابعة أو غير متتابعة فيه كذلك خلاف فقهي بسبب عدم النص هنا على تتابعها. والخلافات الفقهية في هذه الفرعيات ليست من منهجنا في هذا البحث. فمن أرادها فليطلبها في مواضعها في كتب الفقه. إذ أنها كلها تتفق على الأصل الذي يعنينا وهو لزوم الكفارة.

وكفارة اليمين مختصة بمزية لا توجد في غيرها من الكفارات، وهي الاشتمال على التخيير والترتيب؛ فإن الكفارات سوى هذه منقسمة: فمنها ما يبنى على التخيير، ومنها ما يبنى على الترتيب، وكفارة اليمين فيها تخيير؛ فإن الحالف يتخير بين الإطعام والكسوة والإعتاق، وفيها ترتيب؛ فإنه لا يعدل إلى الصيام ما لم يتحقق عجزه عن الخلال الثلاث.[45].

اليمين التي تجب بالحنث فيها الكفارة:
قال الجصاص الحنفي رحمه الله في كتابه أحكام القران: "وَالْأَيْمَانُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ وَالْمَاضِي يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ لَغْوٍ وَغَمُوسٍ وَلَا كَفَّارَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْمُسْتَقْبَلُ ضَرْبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ وَفِيهَا الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ[46]، وقال مالك رحمه الله الأيمان بالله ثلاثة: اثنان لا كفارة فيهما، وهما: اللغو والغموس[47]، وخالفهما الشافعي فقال أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي الغموس وَاجِبَةٌ، وَوُجُوبُهَا مُقْتَرِنٌ بِعَقْدِهَا.[48] واستدل الحنفية والمالكية على أنه لا كفارة في اليمين الغموس بقَوْله تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَذَكَرَ الْوَعِيدَ فِيهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَفَّارَةَ فَلَوْ أَوْجَبْنَا فِيهَا الْكَفَّارَةَ كَانَ زِيَادَةً فِي النَّصِّ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا بِنَصٍّ مِثْلِه[49]. واستدلوا أيضا بقَوْلَهُ  ﴿ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ ﴾ [المائدة: 89]، وَعَقْدُ الْيَمِينِ مَا الْتَزَمَ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ حِنْثٍ وَبِرٍّ، فَخَرَجَتِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ مِنَ الْأَيْمَانِ الْمَعْقُودَةِ فَلَمْ يَلْزَمْ بِهَا كَفَّارَةٌ، ثُمَّ خَتَمَ الآية بقوله:  ﴿ وَاحْفَظُوا أيْمَانَكُمْ ﴾ يَعْنِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ، مِنَ الْحِنْثِ [50].

وأما دليل القائلين بوجوب الكفارة في الغموس، فهو:
قول اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ كَفَارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ ﴾ [المائدة: 89 ] بَعْدَ صِفَةِ الْكَفَّارَةِ، فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ لُزُومَهَا فِي كُلِّ يَمِينٍ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذْكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [البقرة: 225] وَلَغْوُ الْيَمِينِ مَا سَبَقَ بِهِ لِسَانُ الْحَالِفِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا نِيَّةٍ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ مَقْصُودَةٌ، فَكَانَ بِهَا مُؤَاخَذًا وَمُؤَاخَذَتُهُ بِهَا تُوجِبُ تَكْفِيرَهَا.[51]

وقد أجمع الجميع لا خِلافَ بينهم: أن اليمين التي تجب بالحِنْث فيها الكفارة، تلزم بالحنث في حلف مرة واحدة، وإن لم يكرّرها الحالف مرات.[52]

المطلب الثالث: صيغ القسم في القران الكريم:
استخدم القران الكريم صيغا متنوعة للقسم وهي:
1- أن يسبق المقسم به الواو أو التاء:
وَالْقَسَمُ لَمَّا كَانَ يَكْثُرُ فِي الْكَلَامِ اخْتُصِرَ فَصَارَ فِعْلُ الْقَسَمِ يُحْذَفُ وَيُكْتَفَى بِالْبَاءِ ثُمَّ عُوِّضَ مِنَ الْبَاءِ الْوَاوَ فِي الْأَسْمَاءِ الظَّاهِرَةِ وَالتَّاءِ فِي اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ: ﴿ وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ﴾.[53]

معنى تَاللَّهِ: واللَّه، إلا أن التاء لا يقسم بها إلا في (اللَّه) لا يجوز تالرحمن ولا تَرَبِّي لأفعلنَّ، والتاء بدل من الواو كما قالوا في وراثٍ تُراث،[54] وَيَخْتَصُّ أَيْضًا بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ الْعَجِيبِ.[55].

2- صيغة لا أقسم
وقد ذكر المفسرون لدخول لا على فعل القسم أوجها عديدة هي:
أولا: أنها لتوطئة النفي في المقسم عليه قاله صاحب (الانتصاف)، والزمخشري لم يذكر مانعا من ذلك[56].

ثانيا: أنها صلة: الْمَعْنَى أُقْسِمُ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ: ﴿ لَأُقْسِمُ ﴾ وهي قراء قَوِيمَةٌ لَا يُضْعِفُهَا عَدَمُ نُونِ التَّوْكِيدِ مَعَ اللام لأن المراد بأقسم فِعْلُ الْحَالِ وَلَا تَلْزَمُ النُّونُ مَعَ اللَّامِ.[57].

ثالثا: إبراز فعل القسم وتأكيد تعظيم المقسم به: إذ لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له فكأنه بدخولها يقول: إن إعظامي لهذه الأشياء بالقسم بها كلا إعظام، يعنى أنها تستوجب من التعظيم فوق ذلك، وهذا التأكيد إنما يؤتى به رفعا لتوهم كون هذه الأشياء غير مستحقة للتعظيم وللاقسام بها، فيزاح هذا الوهم بالتأكيد في إبراز فعل القسم مؤكداً بالنفي المذكور.[58].

3- حذف جملَة الْقسم
يقول صاحب مغني اللبيب: "وَهُوَ لَازم مَعَ غير الْبَاء من حُرُوف الْقسم وَحَيْثُ قيل لَأَفْعَلَنَّ أَو لقد فعل أَو لَئِن فعل وَلم يتَقَدَّم جملَة قسم فثم جملَة قسم مقدرَة" وهو كثير جدا في القران الكريم نَحْو  ﴿ لأعذبنه عذَابا شَدِيدا ﴾ الْآيَة  ﴿ وَلَقَد صدقكُم الله وعده ﴾  ﴿ لَئِن أخرجُوا لَا يخرجُون مَعَهم ﴾.

المطلب الرابع: المقسمون في القران الكريم:
الله عز وجل:
أقسم الله تعالى بأشياء كثيرة وهي:
1- بنفسه: ومثال ذلك قوله ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ﴾ [المعارج: 40] وقوله ﴿ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴾ [الليل: 3]  ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

2- بالقران الكريم: ﴿ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ [يس: 4]،  ﴿ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴾ [ص: 1، 2]،  ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]  ﴿ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ [الزخرف: 1، 2]،  ﴿ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ [الدخان: 1، 2]،  ﴿ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ﴾ [الطور: 2] قيل الكتاب المسطور هو اللوح المحفوظ. وقيل القرآن.[59].

3- النجوم: ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ﴾ [النجم: 1].  ﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴾ [الطارق: 1] ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ [الواقعة: 75]  ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴾ [التكوير: 16] َقيل: الخنس هي النجوم تغيب فِي النَّهَار، وَتظهر بِاللَّيْلِ[60]. ومن النجوم أيضا الشمس  ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾ [الشمس: 1].

4- يوم القيامة: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [القيامة: 1]،  ﴿ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج:2، 3].

5- النفس اللوامة: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 2] وَمَعْنَى النَّفْسُ اللَّوَّامَةُ: النَّفْسُ الَّتِي تَلُومُ صَاحِبَهَا عَلَى تَقْصِيرِهِ[61]، وَمُنَاسَبَةُ الْقَسَمِ بِهَا مَعَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَنَّهَا النُّفُوسُ ذَاتُ الْفَوْزِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ[62].

6- بالنفس الإنسانية بشكل عام، ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾ [الشمس: 7].

7- الشفق: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ﴾ [الانشقاق: 16].

8- ببعض الأزمان: الضحى  ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾ [الشمس: 1] النهار  ﴿ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴾ [الشمس: 3]  ﴿ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ [الليل: 2] الفجر  ﴿ وَالْفَجْرِ ﴾ [الفجر: 1] ﴿ وَالْعَصْرِ ﴾ [العصر: 1] ﴿ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾ [التكوير: 18] الليل ﴿ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ﴾ [المدثر:33]  ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴾ [التكوير: 17]  ﴿ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ﴾ [الانشقاق: 17]  ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 2]  ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾ [الشمس: 4]  ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ [الليل: 1]  ﴿ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾ [التكوير: 18]  ﴿ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ﴾ [المدثر: 34]  ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ [الضحى: 1، 2].

يقول السيوطي رحمه الله: "فَإِنَّهَا أَزْمَانٌ تَتَضَمَّنُ أَفْعَالًا مُعَظَّمَةً مِنَ الْمَنَاسِكِ وَشَعَائِرِ الْحَجِّ الَّتِي هِيَ عُبُودِيَّةٌ مَحْضَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَذَلٌّ وَخُضُوعٌ لِعَظَمَتِهِ وَفِي ذَلِكَ تَعْظِيمُ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ"[63].

9- التين والزيتون: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴾ [التين: 1]. قال الإمام الرازي رحمه الله: اعْلَمْ أَنَّ الْإِشْكَالَ هُوَ أَنَّ التِّينَ وَالزَّيْتُونَ لَيْسَا مِنَ الْأُمُورِ الشَّرِيفَةِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يُقْسِمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمَا؟ثم ذكر بعد ذلك ما شاء الله من خصائص هاتين الشجرتين وثمارهما وأوراقهما ثم نقل عن المفسرين قولهم بأن التِّينُ وَالزَّيْتُونُ اسْمٌ لِهَذَيْنِ الْمَأْكُولَيْنِ وَفِيهِمَا هَذِهِ الْمَنَافِعُ الْجَلِيلَةُ، فَوَجَبَ إِجْرَاءُ اللَّفْظِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَالْجَزْمُ بِأَنَّ اللَّهَ تعالى أقسم بهما لما فيهما هَذِهِ الْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ.[64].

10- الطور: ﴿ وَالطُّورِ ﴾ [الطور: 1] ﴿ وَطُورِ سِينِينَ ﴾ [التين: 2]. أقسم الله تعالى بالجبل وكل جبل فهو طور بلغة النبط. ويقال بلغة السريانية. ولكن عني به الجبل الذي كلم الله عليه موسى- عليه السلام- بمدين[65].واستدلو بقوله تعالى:  ﴿ وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ﴾ [مريم: 52].

11- مكة المكرمة: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1]،  ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 3]. ولهذا البلد شرف كبير، فهى بلد الحبيب، وفيها البيت ولبيت الحبيب وبلد الحبيب قدر ومنزلة.[66].

12- والد وما ولد: ﴿ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴾ [البلد: 3].

13- القمر: ﴿ كَلَّا وَالْقَمَرِ ﴾ [المدثر: 32]  ﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ﴾ [الانشقاق: 18]  ﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴾ [الشمس: 2].

14- الشفع والوتر: ﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾ [الفجر: 3].

15- الخيل: ﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا  * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ﴾ [العاديات: 1 - 3].

16- البيت المعمور: ﴿ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ﴾ [الطور: 4]. والْبَيْتِ الْمَعْمُورِ الضراح في السماء الرابعة.وعمرانه: كثرة غاشيته من الملائكة. وقيل: الكعبة لكونها معمورة بالحجاج والعمار والمجاورين.[67].

17- البحر المسجور: ﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾ [الطور: 6].

18- الملائكة: ﴿ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴾ [الصافات: 1 - 4].

19- الرياح والسحاب والسفن: ﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾ [الذاريات: 1- 6].

20- ما تبصرون وما لا تبصرون: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الحاقة: 38، 39].

21- بالأرض والسماء: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ [الذاريات: 7]  ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾ [البروج: 1]  ﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴾ [الطارق: 1]  ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ﴾ [الطارق: 11، 12]  ﴿ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴾ [الشمس: 5، 6]  ﴿ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ﴾ [الطور: 5].

وقد يقول قائل: كَيْفَ أَقْسَمَ بِالْخَلْقِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْقَسَمِ بِغَيْرِ اللَّهِ!وقد أجاب السيوطي عن هذا بعدة أوجه:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَرَبِّ التِّينِ وَرَبِّ الشَّمْسِ وَكَذَا الْبَاقِي.

الثَّانِي: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُعَظِّمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَتُقْسِمُ بِهَا فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى ما يعرفون.

الثَّالِثُ: أَنَّ الْأَقْسَامَ إِنَّمَا تَكُونُ بِمَا يُعَظِّمُهُ الْمُقْسِمُ أَوْ يُجِلُّهُ وَهُوَ فَوْقُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ شَيْءٌ فَوْقَهُ فَأَقْسَمَ تَارَةً بِنَفْسِهِ وَتَارَةً بِمَصْنُوعَاتِهِ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى بَارِئٍ وَصَانِعٍ وَأَقْسَامُهُ بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ دَلِيلٌ عَلَى أنها مِنْ عَظِيمِ آيَاتِهِ... وَمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ الرَّبُّ فَهُوَ مِنْ آيَاتِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُقْسَمًا بِهِ وَلَا يَنْعَكِسُ. [68]

ثُمَّ هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُقْسِمُ عَلَى أُصُولِ الْإِيمَانِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ مَعْرِفَتُهَا تَارَةً يُقْسِمُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَتَارَةً يُقْسِمُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ وَتَارَةً عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَتَارَةً عَلَى الْجَزَاءِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَتَارَةً يقسم على حال الإنسان وخلقه في كبد وعلى خلقه في أحسن تقويم.

إبليس لآدم وحواء
﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 21] أَيْ: وَأَقْسَمَ وَحَلَفَ لَهُمَا وَهَذَا مِنَ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالْوَاحِدِ، وقال قَتَادَةُ: حَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ حَتَّى خَدَعَهُمَا، وَقَدْ يُخْدَعُ الْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ، فَقَالَ: إِنِّي خُلِقْتُ قَبْلَكُمَا وَأَنَا أَعْلَمُ مِنْكُمَا فَاتَّبِعَانِي أُرْشِدْكُمَا، وَإِبْلِيسُ أَوَّلُ مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا فَلَمَّا حَلَفَ ظَنَّ آدَمُ أَنَّ أحدا لا يحلف بالله إلّا صادقا فاغترّ به.[69].

وَهُوَ أول من حلف بِاللَّه كَاذِبًا، فَكل من حلف بِاللَّه كَاذِبًا؛ فَهُوَ من أَتبَاع إِبْلِيس[70].

إخوة يوسف
وقد ورد إقسامهم في مواضع عديدة:
أولا: قسمهم لجنود الملك الباحثين عن صواع الملك، قال تعالى:
﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾ [يوسف: 73].

﴿ قالوا تالله لقد علمتم ﴾ حلفوا على أنَّهم يعلمون صلاحهم وتجنُّبهم الفساد[71].

كَيْفَ قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ عَلِمُوا ذَلِكَ؟ استشهدوا بعلمهم لما ثبت عندهم من دلائل دينهم وأمانتهم [72]قيل: ﴿ قالوا قد عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ ﴾، فَإِنَّا مُنْذُ قَطَعْنَا هَذَا الطَّرِيقَ لَمْ نَرْزَأْ أَحَدًا شَيْئًا فَاسْأَلُوا عَنَّا مَنْ مَرَرْنَا بِهِ، هَلْ ضَرَرْنَا أَحَدًا. وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ رَدُّوا الْبِضَاعَةَ الَّتِي جُعِلَتْ فِي رِحَالِهِمْ، قَالُوا: فَلَوْ كُنَّا سَارِقِينَ مَا رَدَدْنَاهَا. [73]وقيل ولأنهم دخلوا وأفواه رواحلهم مكعومة، لئلا تتناول زرعا أو طعاماً لأحد من أهل السوق.[74] وقسمهم هذا فيه معنى التعجب مما أضيف إليهم[75].

ثانيا: قسمهم ليعقوب عليه السلام في شأن يوسف، قال تعالى:
﴿ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ﴾ [يوسف: 85].

﴿ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دفنا وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْحَرَضُ مَا دُونَ الْمَوْتِ، يَعْنِي: قَرِيبًا مِنَ الْمَوْتِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَاسِدًا لَا عَقْلَ لَكَ.وَالْحَرَضُ: الَّذِي فَسَدَ جِسْمُهُ وَعَقْلُهُ. وَأَصْلُ الْحَرَضِ: الْفَسَادُ فِي الْجِسْمِ وَالْعَقْلِ مِنَ الْحُزْنِ وَالْهَرَمِ، أَوِ الْعِشْقِ.  ﴿ أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ﴾ أَيْ: مِنَ الْمَيِّتِينَ.[76].

ومرة أخرى  ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ﴾ [يوسف: 95].

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال الذين قال لهم يعقوب من ولده (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون):  تالله، أيها الرجل، إنك من حبّ يوسف وذكره لفي خطئك وزللك القديم لا تنساه، ولا تتسلى عنه.[77].

ثالثا: قسمهم ليوسف نفسه. قال تعالى: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 91] يَقُولُونَ مُعْتَرِفِينَ لَهُ بِالْفَضْلِ وَالْأَثْرَةِ عَلَيْهِمْ فِي الخلق وَالْخُلُقِ، وَالسَّعَةِ وَالْمُلْكِ.[78]

أصحاب القرية، قال تعالى: ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ ﴾ [القلم: 17، 18].

وَقَوْلُهُ: ﴿ إِذْ أَقْسَمُوا ﴾ إِذْ حَلَفُوا: ﴿ لَيَصْرِمُنَّها ﴾ لَيَقْطَعَنَّ ثَمَرَ نَخِيلِهِمْ مُصْبِحِينَ، أَيْ فِي وَقْتِ الصَّبَاحِ...، وَقَوْلُهُ: ﴿ وَلا يَسْتَثْنُونَ ﴾ يَعْنِي وَلَمْ يَقُولُوا: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةِ الْمُفَسِّرِينَ،... وَذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ إِذَا قَالَ: وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ غَيْرَهُ، فَقَدْ رَدَّ انْعِقَادَ ذَلِكَ الْيَمِينِ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ: وَلا يَسْتَثْنُونَ فَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنُوا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا كَالْوَاثِقِينَ بِأَنَّهُمْ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَصْرِمُونَ كُلَّ ذَلِكَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يَدْفَعُهُ أَبُوهُمْ إِلَى المساكين.[79] قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَنْعَاءَ فَرْسَخَانِ ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِأَنْ حَرَّقَ جنتهم.[80].

قسم الغاوين للذين يعبدونهم من دون الله، قال تعالى:
﴿ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 97، 98].

يقول الغاوون للذين يعبدونهم من دون الله: تالله إن كنا لفي ذهاب عن الحقّ حين نعدلكم برب العالمين فنعبدكم من دونه. [81] وبنحو ذلك قال أهل التأويل.

قائل من أهل الجنة لقرينه الكافر
قال تعالى: ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ [الصافات: 50- 57].

قال الشوكاني: "قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي حَالِ إِقْبَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْحَدِيثِ وَسُؤَالِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ أَيْ: صَاحِبٌ مُلَازِمٌ لِي فِي الدُّنْيَا كَافِرٌ بِالْبَعْثِ منكر له كما يدلّ عليه قوله: ﴿ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ﴾ يَعْنِي: بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ مِنَ الْقَرِينِ لِتَوْبِيخِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِ وَتَبْكِيتِهِ بِإِيمَانِهِ وَتَصْدِيقِهِ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَعْثِ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِبْعَادِ لِلْبَعْثِ عِنْدَهُ وفي زعمه فقال: ﴿ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾[82]واختلف في معنى قرين قال مجاهد: يعني شيطاناً، وقال ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الرَّجُلُ الْمُشْرِكُ يَكُونُ لَهُ صاحب من أهل الإيمان في الدنيا[83]قال ابن كثير: "ولا تنافي بين كَلَامِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَكُونُ مِنَ الْجِنِّ فَيُوَسْوِسُ فِي النَّفْسِ، وَيَكُونُ مِنَ الْإِنْسِ فَيَقُولُ كَلَامًا تَسْمَعُهُ الأذنان، وكلاهما يتعاونان[84]قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ لتهلكني بالإغواء[85]، وقوله من المحضرين أي محضر معك في العذاب.[86]

الكفار المنكرون للبعث يوم القيامة، قال تعالى: ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 38].

المشركون:أقسموا على أن إيمانهم مرتبط بمجيء الآيات والنذر، قال تعالى: ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 109] ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا ﴾ [فاطر: 42].

قسم المنافقين:
أقسم المنافقون كذبا على أمور عديدة هي:
1-أنهم لم يقولوا كلمة الكفر، قال تعالى:
﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [التوبة: 74].

﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ﴾ والذي قالوه من كلمة الكفر قول أحد المنافقين إن كان ما جاء به محمد حقا لنحن شر من الحمير، روى ابْن شهَاب قال: سمع زيد بن أَرقم رجلا من الْمُنَافِقين - وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: لَئِن كَانَ هَذَا حقاًّ فلنحن شرٌّ من الْحمير.

فَقَالَ زيدٌ: قد، وَالله صدق، ولأنت شرٌّ من الْحمار. فَرفع ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَجحد الْقَائِل، فَأنْزل الله عز وَجل على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:  ﴿ يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر وَكَفرُوا بعد إسْلَامهمْ ﴾ فَكَانَ مِمَّا أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة تَصْدِيقًا لزيد. [87].

2-أنهم من المؤمنين، قال تعالى:  ﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ﴾ [التوبة: 56] إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ أَيْ عَلَى دِينِكُمْ[88].

3-أنهم لم يريدوا إلا الإحسان والتوفيق، قال تعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ﴾[النساء: 62].

وهذا خبرٌ من الله تعالى ذكره عن هؤلاء المنافقين أنهم لا يردعهم عن النفاق العِبر والنِّقم، وأنهم إن تأتهم عقوبة من الله على تحاكمهم إلى الطاغوت لم ينيبوا ولم يتوبوا، ولكنهم يحلفون بالله كذبًا وجرأة على الله: ما أردنا باحتكامنا إليه إلا الإحسان من بعضنا إلى بعض، والصوابَ فيما احتكمنا فيه إليه.[89]

4-حلفهم لله في الآخرة، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ * اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 18، 19].

حَلِفُهُمْ لِلَّهِ فِي الْآخِرَةِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: ﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 23].

وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ فِي صِفَةِ الْحَلِفِ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُمْ غَيْرُ مُشْرِكِينَ، وَفِي كَوْنِهِ حَلِفًا عَلَى الْكَذِبِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ، وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ تَعَالَى فِتْنَةً فِي آيَة الْأَنْعَام [23] بقوله تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾.[90].

5-حلفهم للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه لو أمرهم لأطاعوه وخرجوا معه للقتال، قال تعالى:
﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 53]جهد أيمانهم أي: أغلظ أيمانهم وأشدّها[91]، وقيل: جهد الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ وَلَا حَلِفَ فَوْقَ الْحَلِفِ بِاللَّهِ[92].

6_قسمهم لأهل الكتاب بأن ينصروهم، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [الحشر: 11، 12] عن ابن عباس ﴿ يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ يعني: بني النضير.[93]

ويمكن تلخيص دوافع المنافقين للحلف الكاذب على النحو الأتي:
أولا: لنيل رضى المؤمنين عنهم، قال تعالى: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 62].

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يحلف لكم، أيها المؤمنون، هؤلاء المنافقون بالله، ليرضوكم فيما بلغكم عنهم من أذاهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وذكرِهم إياه بالطعن عليه والعيب له، ومطابقتهم سرًّا أهلَ الكفر عليكم بالله والأيمان الفاجرة: أنهم ما فعلوا ذلك، وإنهم لعلى دينكم، ومعكم على من خالفكم، يبتغون بذلك رضاكم. يقول الله جل ثناؤه: والله ورسوله أحق أن يرضوه بالتوبة والإنابة مما قالوا ونطقوا. [94].

وذكر القشيري هذه الآية فقال:يقال إنّ الخلق لا يصدقونك وإن حلفت لهم، والحقّ يقبلك وإن تخلّفت عنه فالاشتغال بالخلق محنة أنت غير مأجور عليها، والإقبال على الحقّ نعمة أنت مشكور عليها.والمغبون من ترك ما يشكر عليه ويؤثر ما لا يؤجر عليه.[95].

ثانيا: الاعتذار، قال تعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ﴾ [النساء: 62].

أَيْ: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكَ وَيَحْلِفُونَ: مَا أَرَدْنَا بِذَهَابِنَا إِلَى غَيْرِكَ، وَتَحَاكُمِنَا إِلَى عَدَاكَ إِلَّا الْإِحْسَانَ وَالتَّوْفِيقَ، أَيِ: الْمُدَارَاةَ وَالْمُصَانَعَةَ، لَا اعْتِقَادًا مِنَّا صِحَّةَ تِلْكَ الْحُكُومَةِ.[96].

ثالثا: ظنهم بأن حلفهم يفيدهم، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ [المجادلة: 18].

وَمَعْنَى: ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ ﴾ يَظُنُّونَ يَوْمَئِذٍ أَنَّ حَلِفَهُمْ يُفِيدُهُمْ تَصْدِيقَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ حَصَّلُوا شَيْئًا عَظِيمًا، أَيْ نَافِعًا...، وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ فِي صِفَةِ الْحَلِفِ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُمْ غَيْرُ مُشْرِكِينَ، وَفِي كَوْنِهِ حَلِفًا عَلَى الْكَذِبِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ.[97].

رابعا: تعودهم على صفة الحلف الكاذب، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ أَيْ يَحْلِفُونَ للَّهِ عزَّ وجلَّ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى وَالِاسْتِقَامَةِ كَمَا كَانُوا يَحْلِفُونَ لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا، لِأَنَّ مَنْ عَاشَ عَلَى شَيْءٍ مَاتَ عَلَيْهِ وَبُعِثَ عَلَيْهِ[98]يقول ابن عاشور:"وَهَذَا يَقْتَضِي تَوَغُّلَهُمْ فِي النِّفَاقِ وَمُرُونَتَهُمْ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي أَرْوَاحِهِمْ بَعْدَ بَعْثِهِمْ لِأَنَّ نُفُوسَهُمْ خَرَجَتْ مِنْ عَالَمِ الدُّنْيَا مُتَخَلِّقَةً بِهِ، فَإِنَّ النُّفُوسَ إِنَّمَا تَكْتَسِبُ تَزْكِيَةً أَوْ خُبْثًا فِي عَالَمِ التَّكْلِيفِ.[99].

خامسا: استحواذ الشيطان عليهم، قال تعالى: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19].

﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ﴾ بمعنى أن الشَّيْطانُ ملكهم لطاعتهم له في كل ما يريده منهم، حتى جعلهم رعيته وحزبه ﴿ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ﴾ أي: فَأَنْساهُمْ أن يذكروا الله أصلا لا بقلوبهم ولا بألسنتهم [100]، وقيل:فَأَنْساهُمْ أَوَامِرَهُ فِي الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ. وَقِيلَ: زَوَاجِرَهُ فِي النَّهْيِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.وَالنِّسْيَانُ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْغَفْلَةِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى التَّرْكِ، وَالْوَجْهَانِ مُحْتَمَلَانِ هُنَا.[101].

سادسا: اتخاذ أيمانهم جنة للصد عن سبيل الله، قال تعالى:
﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 2].

اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً أي استتروا بالحلف: كلّما ظهر [النبيّ] على شيء منهم يوجب معاقبتهم، حلفوا كاذبين.[102] ﴿ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ﴾ أي فصدوا منْ أرادَ الدخولَ في الإسلامِ بأنَّه عليهِ الصلاةُ والسلامُ ليسَ برسولٍ ومن أرادَ الإنفاقَ في سبيلِ الله بالنَّهيِ عنه[103]قال ابن كثير: "فَاغْتَرَّ بِهِمْ مَنْ لَا يَعْرِفُ جَلِيَّةَ أَمْرِهِمْ، فَاعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ فَرُبَّمَا اقْتَدَى بِهِمْ فِيمَا يَفْعَلُونَ وَصَدَّقَهُمْ فِيمَا يَقُولُونَ، وَهُمْ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْبَاطِنِ لَا يَأْلُونَ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ خَبَلا فَحَصَلَ بِهَذَا الْقَدْرِ ضَرَرٌ كَبِير ٌعَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:  ﴿ فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.[104].

سابعا: الخوف من المؤمنين: قال تعالى: ﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ * لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ﴾ [التوبة: 56، 57].

قال الرازي: وَالْفَرَقُ الْخَوْفُ،[105] قال ابن كثير: "فَالخوف هُوَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى الْحَلِفِ  ﴿ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً ﴾ أَيْ: حِصْنًا يَتَحَصَّنُونَ بِهِ، وَحِرْزًا يَحْتَرِزُونَ بِهِ،  ﴿ أَوْ مَغَارَاتٍ ﴾ وَهِيَ الَّتِي فِي الْجِبَالِ،  ﴿ أَوْ مُدَّخَلا ﴾وَهُوَ السَّرَب فِي الْأَرْضِ والنفَق... ﴿ لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ﴾ أَيْ: يُسْرِعُونَ فِي ذَهَابِهِمْ عَنْكُمْ، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُخَالِطُونَكُمْ كُرْهًا لَا مَحَبَّة.ً"[106].

إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: ﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴾ [الأنبياء: 57] قَالَ إبراهيم عليه السلام: والله لأكسرن أصنامكم. بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ، يعني: بعد أن تنطلقوا ذاهبين إلى عيدكم.[107]

المطلب الخامس: توجيهات القران الكريم للتعامل مع الحلف الكاذب
لقد أرشد الله تعالى نبيه الكريم أن يرد على من حلف كاذبا بأربعة أشياء:
أولا: الإعراض عنهم، قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾ [النساء: 63].

قوله فأعرض عنهم قال جمهور المفسرين فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ، أَيْ: عَنْ عُقُوبَتِهِمْ [108] وقيل أَيْ: لَا تُعَنِّفْهُمْ عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ[109] وقيل أي فدعهم فلا تعاقبهم في أبدانهم وأجسامهم [110] وللرازي رحمه الله قول جميل في معنى فأعرض عنهم يقول:
"هَذَا يُفِيدُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَقْبَلَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْعُذْرَ وَلَا يَغْتَرَّ بِهِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَقْبَلُ عُذْرَ غَيْرِهِ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى سُخْطِهِ قَدْ يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْهُ غَيْرُ مُلْتَفِتٍ إِلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا يَجْرِي مَجْرَى أَنْ يَقُولَ لَهُ: اكْتَفِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ وَلَا تَهْتِكْ سِتْرَهُمْ، وَلَا تُظْهِرْ لَهُمْ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُنْهِ مَا فِي بَوَاطِنِهِمْ، فَإِنَّ مَنْ هَتَكَ سِتْرَ عَدُّوِهُ وَأَظْهَرَ لَهُ كَوْنَهُ عَالِمًا بِمَا فِي قَلْبِهِ فَرُبَّمَا يُجَرِّئُهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يُبَالِيَ بِإِظْهَارِ الْعَدَاوَةِ فَيَزْدَادَ الشَّرُّ، وَلَكِنْ إِذَا تَرَكَهُ عَلَى حَالِهِ بَقِيَ فِي خَوْفٍ وَوَجِلٍ فَيَقِلُّ الشَّرُّ."[111].

الأمر الثاني: تقديم الوعظ لهم، وهي من قوله تعالى في الآية السابقة "وعظهم".

قوله: ﴿ وَعِظْهُمْ ﴾ أي: ولا تزد على كفهم بالموعظة والنصيحة.[112].

قال ابن كثير: وَانْهَهُمْ عَن مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ النِّفَاقِ وَسَرَائِرِ الشَّرِّ [113]، وقال الطبري:عظهم بتخويفك إياهم بأسَ الله أن يحلّ بهم، وعقوبته أن تنزل بدارهم، وحذِّرهم من مكروهِ ما هم عليه من الشك في أمر الله وأمر رسوله.[114] وقال الرازي وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَزْجُرُهُمْ عَنِ النِّفَاقِ وَالْمَكْرِ وَالْكَيْدِ وَالْحَسَدِ وَالْكَذِبِ وَيُخَوِّفُهُمْ بِعِقَابِ الْآخِرَةِ.[115].

الأمر الثالث: القول بليغ ﴿ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾ مرهم باتقاء الله والتصديق به وبرسوله ووعده ووعيده[116] وقِيلَ: هُوَ التَّخْوِيفُ بالله [عزّ وجلّ]، وقيل: أن يوعدهم بِالْقَتْلِ إِنْ لَمْ يَتُوبُوا، قَالَ الْحَسَنُ: الْقَوْلُ الْبَلِيغُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: إِنْ أَظْهَرْتُمْ مَا فِي قُلُوبِكُمْ مِنَ النِّفَاقِ قُتِلْتُمْ لِأَنَّهُ يبلغ في نُفُوسِهِمْ كُلَّ مَبْلَغٍ.[117].

وقال الرازي: هُوَ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا بَلِيغًا طَوِيلًا حَسَنَ الْأَلْفَاظِ حَسَنَ الْمَعَانِي مُشْتَمِلًا عَلَى التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْإِحْذَارِ وَالْإِنْذَارِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ إِذَا كَانَ هَكَذَا عَظُمَ وَقْعُهُ فِي الْقَلْبِ، وَإِذَا كَانَ مُخْتَصَرًا رَكِيكَ اللَّفْظِ قَلِيلَ الْمَعْنَى لَمْ يؤثر البتة في القلب.[118].

الأمر الرابع: عدم طاعتهم فيما يقولونه، قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴾ [القلم: 10] ولا تطع يا محمد كلّ ذي إكثار للحلف بالباطل.[119] وقيل: َالْحَلَّافُ مَنْ كَانَ كَثِيرَ الْحَلِفِ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ[120] وذلك لجهله حرمة اليمين وعدم مبالاته من الحنث لسوء عقيدته.[121]والقول الثاني قاله أكثر المفسرين.﴿ مَهِين ﴾:  وهو الضعيف، غير أن بعضهم وجَّه معنى المهين إلى الكذّاب [122] قال الرازي: كَوْنُهُ حَلَّافًا يَدُلُّ على أنه يَعْرِفُ عَظَمَةَ اللَّه تَعَالَى وَجَلَالَهُ، إِذْ لَوْ عَرَفَ ذَلِكَ لَمَا أَقْدَمَ فِي كُلِّ حِينٍ وَأَوَانٍ بِسَبَبِ كُلِّ بَاطِلٍ عَلَى الِاسْتِشْهَادِ بِاسْمِهِ وَصِفَتِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِعَظَمَةِ اللَّه وَكَانَ مُتَعَلِّقَ الْقَلْبِ بِطَلَبِ الدُّنْيَا كَانَ مَهِينًا، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِزَّةَ النَّفْسِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا لِمَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَأَنَّ مَهَانَتَهَا لَا تَحْصُلُ إِلَّا لِمَنْ غَفَلَ عَنْ سِرِّ الْعُبُودِيَّةِ.[123].

وروي أن المقصود بهذه الآية هُوَ رجل من ثَقِيف يُقَال لَهُ: الْأَخْنَس بن شريق.[124]

المطلب السادس: قواعد وآداب القسم في القران الكريم.
أولا: ينبغي على المؤمن أن لا يجعل أيمانه التي حلفها مانعا من أداء الخير، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 224] وفي معنى الآية ثلاثة أقوال الأول وقال الزمخشري بأنه الأولى: أنّ الرجل كان يحلف على بعض الخيرات، من صلة رحم، أو إصلاح ذات بين، أو إحسان إلى أحد، أو عبادة، ثم يقول: أخاف اللَّه أن أحنث في يمينى، فيترك البرّ إرادة البرّ في يمينه، فقيل لهم: ﴿ وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ﴾ أى حاجزاً لما حلفتم عليه.[125] فيكون المقصود أن لا تحلفوا بالله أن لا تبرّوا ولا تتقوا ولا تصلحوا بين الناس، والثاني: أن معناها: لا تحلفوا بالله كاذبين لتتقوا المخلوقين وتبرّوهم، وتصلحوا بينهم بالكذب، روى هذا المعنى عطية عن ابن عباس. [126] والثالث: أن معناها: لا تكثروا الحلف بالله وإن كنتم بارّين مصلحين، فان كثرة الحلف بالله ضرب من الجرأة عليه، هذا قول ابن زيد.[127]وقد ذكر ابن الجوزي في سبب نزولها أربعة أقوال: أحدها: أنها نزلت في عبد الله بن رواحه، كان بينه وبين ختنه شيء، فحلف عبد الله أن لا يدخل عليه ولا يكلمه، وجعل يقول: قد حلفت بالله، ولا يحل لي، إلا أن تبرّ يميني، فنزلت هذه الآية. والثاني: أن الرجل كان يحلف بالله أن لا يصل رحمه، ولا يصلح بين الناس، فنزلت هذه الآية، والثالث: أنها نزلت في أبي بكر حين حلف: لا ينفق على مسطح. والرابع: نزلت في أبي بكر، حلف أن لا يصل ابنه عبد الرحمن حتى يسلم.[128].

ثانيا: ينبغي على المؤمن أن لا يكثر من القسم قال تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴾ [القلم: 10].

فإن كثرة الحلف بالله ولو صدقا منقصة للمؤمنين، لأن الواثق بنفسه، الوازن لكلامه، العارف لمنزلته في الناس، يورد الحقائق بلا حلف حتى لا يكون حلافا، وقد قرن الله جل وعلا كثرة الحلف بالمهانة، لأن الحلاف في نظر الناس محتقر يستغل اسم الله استغلالا غير مؤدب.[129].

وقد بين الله عز وجل أن طاعته لا تكون بالقسم وإنما هي باتباع ما أمر به وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْيَمِينِ بالطاعة، قال تعالى: ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 53] وقيل المقصود لا تحلفوا فالأمور المطلوبة منكم معروفة لكم لا ينكرها أحد منكم، ولا ينفى العلم بها أيمان تكذبون فيها[130] قال القشيري: طاعة في الوقت أولى من تسويفٍ في الوعد، ولا تعِدُوا بما هو معلوم أنكم لا تفوا به.[131].

ثالثا: ينبغي على المؤمن أن يحفظ يمينه قدر استطاعته. قال تعالى:
﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 89].
﴿ واحفظوا أيمانكم ﴾ فلا تحلفوا واحفظوها عن الحنث.[132] فالواجب على المسلم أن لا يكثر من الحلف فإذا حلف فلا يحنث فإذا حنث في يمينه فليسارع إلى التكفير عنها.

رابعا: جواز الحلف بالله عند الحاجة، فالأمور التي يطلب فيها تأكيد الخبر، ولا تجلب منفعة للحالف لا بأس أن يحلف عليها، مثلاً: إذا توجهت إليه اليمين في قضية ما، وطلب منه الحلف، فلا يمتنع من الحلف وهو يعلم أنه صادق؛ لأن الله جل وعلا أمر نبيه أن يقسم فقال:  ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ﴾ [التغابن:7]، فأمره الله جل وعلا أن يقسم بالله جل وعلا على الشيء الذي يعلمه حقاً، وقال:  ﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي ﴾ [يونس:53]، وهذا حلف، فأمره الله جل وعلا أن يحلف على ذلك.[133].

المطلب السابع: جزاء من يقسم بالله كذبا:
صحيح أن غالب الآيات التي سأعرضها في هذا المطلب جاءت في سياق الحديث عن المنافقين، ولكنه معلوم أن الأيمان الكاذبة هي من أبرز ما يتميز به المنافقون ومن أقسم كاذبا فهو منافق يجري عليه العقاب المذكور الآيات:
أولا: الخلود في نار جهنم والخزي العظيم يوم القيامة، قال تعالى: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 62، 63] ﴿ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة: 95].

ثانيا: الخسران وإحباط الأعمال، قال تعالى: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ﴾ [المائدة: 53].

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ﴾، بَطَلَ كُلُّ خَيْرٍ عَمِلُوهُ، فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ، خَسِرُوا الدُّنْيَا بِافْتِضَاحِهِمْ، وَالْآخِرَةَ بِالْعَذَابِ وَفَوَاتِ الثَّوَابِ.[134].

ثالثا: العذاب الأليم في الدنيا والآخرة وانعدام الناصر والمعين في هذه الأرض، قال تعالى: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [التوبة: 74]يقول سيد قطب رحمه الله: "فمن شاء لنفسه الخير فليدلف إلى الباب المفتوح.ومن أراد أن يمضي في طريقه الأعوج، فالعاقبة كذلك معروفة: العذاب الأليم في الدنيا والآخرة. وانعدام الناصر والمعين في هذه الأرض.. ولمن شاء أن يختار، وهو وحده الملوم."[135].

رابعا: إعراض المؤمنين عنهم، قال تعالى: ﴿ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة: 95] فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُرِيدُ تَرْكَ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ وقَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ: «لَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تُكَلِّمُوهُمْ»وعند أَهْلُ الْمَعَانِي: هَؤُلَاءِ طَلَبُوا إِعْرَاضَ الصَّفْحِ، فَأُعْطُوا إِعْرَاضَ الْمَقْتِ.[136].

خامسا: وصفهم بأنهم رجس كما في آية التوبة. وَالْمَعْنَى: أَنَّ خُبْثَ بَاطِنِهِمْ رِجْسٌ رُوحَانِيٌّ، فَكَمَا يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنِ الْأَرْجَاسِ الْجُسْمَانِيَّةِ، فَوُجُوبُ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْأَرْجَاسِ الرُّوحَانِيَّةِ أَوْلَى، خَوْفًا مِنْ سَرَيَانِهَا إِلَى الْإِنْسَانِ، وَحَذَرًا مِنْ أَنْ يَمِيلَ طَبْعُ الْإِنْسَانِ إِلَى تِلْكَ الْأَعْمَالِ.[137].

المطلب الثامن: مسائل متعلقة بالقسم
أولا: الإيلاء، قال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 226، 227].

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ ﴾ ﴿ يُؤْلُونَ ﴾ مَعْنَاهُ يَحْلِفُونَ، وَالْمَصْدَرُ إِيلَاءٌ وَأَلِيَّةٌ وَأَلْوَةٌ وَإِلْوَةٌ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ" لِلَّذِينَ يُقْسِمُونَ". وَمَعْلُومٌ أن" يقسمون" تفسير" يُؤْلُونَ"... وَمِنْهُ ﴿ وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ﴾ [138] وَفِي الشَّرْع عبارَة عَن الْيَمين على ترك الْوَطْء فِي الزَّوْجَة مُدَّة مَخْصُوصَة بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ الْوَطْء إِلَّا بحنث يلْزمه بِسَبَب الْيَمين، وَقد كَانَ الْإِيلَاء طَلَاقا فِي الْجَاهِلِيَّة فَجعله الشَّرْع طَلَاقا مُعَلّقا[139] فَإِنْ كَانَتْ مدته أَقَلَّ من أربعة أشهر فَلَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ انْقِضَاءَ الْمُدَّةِ ثُمَّ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَصْبِرَ، وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ[140]، وإن زاد على الأربعة أشهر يُوقَفُ وَيُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ. وَلِهَذَا قَالَ:  ﴿ فَإِنْ فَاءُوا ﴾ أَيْ: رَجَعُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ.[141].

وَقَوْلُهُ:  ﴿ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ فِيهِ دَلَالَةٌ لِأَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ -وَهُوَ الْقَدِيمُ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الْمُولِيَ إِذَا فَاءَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهَرِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ... وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْجَدِيدُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَيْهِ الْكُفَّارَةَ لِعُمُومِ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ عَلَى كُلِّ حَالِفٍ.[142] وإني استحسن ما قاله صاحب المنار وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْلِي أَنْ يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنَّهُ إِذَا لَمْ يَفْعَلْ هَذَا الْوَاجِبَ لَمْ يَكُنْ آثِمًا فِي نَفْسِهِ فَقَطْ، فَيُقَالُ: حَسْبُهُ مَا يَلْقَى مِنْ جَزَاءِ إِثْمِهِ، بَلْ يَكُونُ بِإِثْمِهِ هَاضِمًا لِحَقِّ امْرَأَتِهِ، وَلَا يُبِيحُ لَهُ الْعَدْلُ هَذَا الْهَضْمَ وَالظُّلْمَ،[143] وأما القول بوجوب الحنث فتعضده الآية السابقة لآية الإيلاء قال تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 224] لأن الحلف على الإيلاء حَلِفٌ عَلَى مَا لَا يُرْضِي اللهَ تَعَالَى بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّوَادِّ وَالتَّرَاحُمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمَفَاسِدِ فِي أَنْفُسِهِمَا وَفِي عِيَالِهِمَا وَأَقَارِبِهِمَا.

وقوله  ﴿ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ سَمِيعٌ لِإِيلَائِهِمْ وَطَلَاقِهِمْ عَلِيمٌ بِنِيَّتِهِمْ فِيهِ، فَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ بِهِ إِيذَاءَ النِّسَاءِ وَمُضَارَّتَهُنَّ فَهُوَ يَتَوَلَّى عِقَابَهُمْ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ بِأَنْ كَانَ الْبَاعِثُ عَلَى الْإِيلَاءِ تَرْبِيَةَ النِّسَاءِ لِأَجْلِ إِقَامَةِ حُدُودِ اللهِ، وَعَلَى الطَّلَاقِ الْيَأْسَ مِنْ إِمْكَانِ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، فَهُوَ يَغْفِرُ لَهُمْ. [144].

ثانيا: الوصية، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة: 106 - 108].

قالَ مَكِّيٌّ: هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعَانِي مِنْ أَشْكَلِ مَا فِي الْقُرْآنِ إِعْرَابًا وَمَعْنًى وَحُكْمًا.[145].

اعْلَمْ أن معنى الآية فإن عثر بعد ما حَلَفَ الْوَصِيَّانِ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا أَيْ حَنَثَا فِي الْيَمِينِ بِكَذِبٍ فِي قَوْلٍ أَوْ خِيَانَةٍ فِي مَالٍ قَامَ فِي الْيَمِينِ مَقَامَهُمَا رَجُلَانِ مِنْ قَرَابَةِ الْمَيِّتِ فَيَحْلِفَانِ باللَّه لَقَدْ ظَهَرْنَا عَلَى خِيَانَةِ الذِّمِّيَّيْنِ وَكَذِبِهِمَا وَتَبْدِيلِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا فِي ذَلِكَ وَمَا كَذَبْنَا.[146].

﴿ أو يخافوا أن تردّ أيمان بعد أيمانهم ﴾، يقول: أو يخاف هؤلاء الأوصياء إن عثر عليهم أنهم استحقُّوا إثمًا في أيمانهم بالله، أن تردَّ أيمانهم على أولياء الميت، بعد أيمانهم التي عُثِر عليها أنها كذب، فيستحقُّوا بها ما ادّعوا قِبَلهم من حقوقهم، فيصدقوا حينئذٍ في أيمانهم وشهادتهم، مخافةَ الفضيحة على أنفسهم، وحذرًا أن يستحقّ عليهم ما خانُوا فيه أولياء الميِّت وورثته."[147].

الخاتمة وفيها أهم النتائج:
ورد لفظ القسم في القران الكريم باشتقاقاته 23 مرة.

عبر القران الكريم عن القسم بألفاظ أخرى مرادفة هي الحلف واليمين والإيلاء.

أجمع العلماء على وجوب الكفارة في حنث اليمين المنعقدة وعدمها في يمين اللغو واختلفوا في شأن اليمين الغموس.

من أهداف استخدام القرآن الكريم لاستخدام صيغة لا أقسم إبراز فعل القسم وتأكيد تعظيم المقسم به.

أَقْسَمَ الله تعالى تَارَةً بِنَفْسِهِ وَتَارَةً بِمَصْنُوعَاتِهِ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى بَارِئٍ وَصَانِعٍ وَأَقْسَامُهُ بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ دَلِيلٌ عَلَى أنها مِنْ عَظِيمِ آيَاتِهِ.

وَإِبْلِيسُ أَوَّلُ مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا فَلَمَّا حَلَفَ ظَنَّ آدَمُ أَنَّ أحدا لا يحلف بالله إلّا صادقا فاغترّ به.

أقسم المنافقون كذبا على أمور عديدة هي:
1- أنهم لم يقولوا كلمة الكفر.
2- أنهم مع المؤمنين.
3- أنهم لم يريدوا إلا الإحسان والتوفيق.
4- حلفهم لله في الآخرة.
5- حلفهم للنبي بأنه لو أمرهم لأطاعوه وخرجوا معه للقتال.
6- قسمهم لأهل الكتاب بأن ينصروهم.

يمكن تلخيص دوافع المنافقين للحلف الكاذب على النحو الأتي:
أولا: لنيل رضى المؤمنين عنهم.
ثانيا: الاعتذار.
ثالثا: ظنهم بأن حلفهم يفيدهم ثالثا: ظنهم بأن حلفهم يفيدهم.
رابعا: تعودهم على صفة الحلف الكاذب.
خامسا: اتخاذ أيمانهم جنة للصد عن سبيل الله.
سادسا: الخوف من المؤمنين.

لقد أرشد الله تعالى نبيه الكريم أن يرد على من حلف كاذبا بأربعة أشياء:
أولا: الإعراض عنهم
الأمر الثاني: تقديم الوعظ لهم
الأمر الثالث: القول بليغ
الأمر الرابع: عدم طاعتهم فيما يقولونه.

توعد الله من يقسم بالله كذبا بما يلي:
أولا: الخلود في نار جهنم والخزي العظيم يوم القيامة
ثانيا: الخسران وإحباط الأعمال
ثالثا: العذاب الأليم في الدنيا والآخرة
رابعا: إعراض المؤمنين عنهم.
خامسا: وصفهم بأنهم رجس كما في آية التوبة.

قواعد وآداب القسم في القران الكريم هي:
أولا: ينبغي على المؤمن أن لا يجعل أيمانه التي حلفها مانعا من أداء الخير.
ثانيا: ينبغي على المؤمن أن لا يكثر من القسم.
ثالثا: ينبغي على المؤمن أن يحفظ يمينه قدر استطاعته، فالواجب على المسلم أن لا يكثر من الحلف فإذا حلف فلا يحنث فإذا حنث في يمينه فليسارع إلى التكفير عنها.
رابعا: جواز الحلف بالله عند الحاجة.

من المسائل متعلقة بالقسم:
أولا: الإيلاء:وهو في حقيقته حلف ويقيد في الشرع بالحلف على ترك معاشرة الزوجة.
ثانيا: الوصية:وقد ذكرت الآيات الكريمة لزوم أداء الشهود للقسم لإثباتها.

وما أجمل ما قاله الإمام الخطابي في مقدمة كتابه غريب الحديث:"وكل من عثر على حرف ومعنى يجب تغييره فأناشده الله في إصلاحه وأداء حق النصيحة فيه فإن الإنسان ضعيف لا يسلم من الخطأ إلا أن يعصمه الله بتوفيقه."وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى اله، وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته وتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه صلاة يتضوع أريجها ويفوح مسكها، حتى نصل بها إلى مسك الختام بدار السلام.وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

قائمة المراجع:
1- ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي (المتوفى: 327هـ)، تفسير القرآن العظيم، مكتبة نزار مصطفى الباز - المملكة العربية السعودية.ط3 - 1419 هـ، أسعد محمد الطيب.

2- ابن أبي زَمَنِين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري، الإلبيري، (المتوفى: 399هـ)، تفسير القرآن العزيز، الفاروق الحديثة - مصر/ القاهرة، ط1، 1423هـ - 2002م، تحقيق: أبو عبد الله حسين بن عكاشة - محمد بن مصطفى الكنز.

3- ابن الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي (المتوفى: 597هـ)، زاد المسير في علم التفسير، دار الكتاب العربي – بيروت، ط1- 1422 هـ، تحقيق:عبد الرزاق المهدي.

4- ابن حبان، محمد بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي، (المتوفى: 354هـ)، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، مؤسسة الرسالة، بيروت، الأولى، 1408 هـ - 1988 م، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط.

5- ابن عاشور، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونسي، (المتوفى:  1393هـ)، التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، الدار التونسية للنشر – تونس، 1984 هـ.

6- ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عاصم النمري القرطبي، (المتوفى: 463هـ)، الكافي في فقه أهل المدينة، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط2، 1400هـ/1980م، تحقيق:  محمد محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني.

7- ابن عجيبة، أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي الحسني الأنجري الفاسي الصوفي، (المتوفى: 1224هـ)، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، الدكتور حسن عباس زكي – القاهرة، 1419 هـ، أحمد عبد الله القرشي رسلان.

8- ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، (المتوفى: 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، دار الفكر، 1399هـ - 1979م، تحقيق:  عبد السلام محمد هارون.

9- ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري، (المتوفى: 276هـ)، غريب القرآن لابن قتيبة، تحقيق: سعيد اللحام.

10- ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرشي البصري ثم الدمشقي، (المتوفى: 774هـ، تفسير القرآن العظيم، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط3، 1420هـ - 1999 م، تحقيق: سامي بن محمد سلامة.

11- ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقى، (المتوفى: 711هـ)، لسان العرب، دار صادر – بيروت، ط3 – 1414 هـ.

12- أبو حبيب، الدكتور سعدي، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، دار الفكر. دمشق – سورية، ط2 1408 هـ = 1988 م.

13- أبو الحسن، علي بن إسماعيل بن سيده المرسي، (المتوفى: 458هـ)، المخصص، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط1، 1417هـ 1996م، تحقيق: خليل إبراهم جفال.

14- أبو داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السَِّجِسْتاني، (المتوفى: 275هـ)، سنن أبي داود، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.

15- أبو السعود، محمد بن محمد بن مصطفى العمادي، (المتوفى: 982هـ)، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، دار إحياء التراث العربي – بيروت.

16- أبو عبيدة، معمر بن المثنى التيمى البصري، (المتوفى: 209هـ)، مجاز القرآن، مكتبة الخانجى – القاهرة، 1381 هـ، تحقيق: محمد فواد سزگين.

17- أبو الفداء، إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي، (المتوفى: 1127هـ)، روح البيان، دار الفكر – بيروت.

18- أبو محمد، خميس السعيد محمد عبد الله، مواقف حلف فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بيت الأفكار الدولية – بيروت، ط1 1418 هـ.

19- البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله الجعفي، (المتوفى: 256هـ)، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، ط1، 1422هـ، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر.

20- البغوي، محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى:  510هـ)، معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي، دار إحياء التراث العربي –بيروت، ط1، 1420 هـ، تحقيق:عبد الرزاق المهدي.

21- البيضاوي، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي، (المتوفى: 685هـ)، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط1 – 1418 هـ، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي.

22- البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر(المتوفى: 458هـ)، السنن الكبرى للبيهقي، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنات، ط3، 1424 هـ - 2003 م، تحقيق: محمد عبد القادر عطا.

23- الحميدي، محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الميورقي أبو عبد الله بن أبي نصر، (المتوفى: 488هـ)، الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، دار ابن حزم - لبنان/ بيروت، ط2، 1423هـ - 2002م، تحقيق: د. علي حسين البواب.

24- الجرجاني، علي بن محمد بن علي الزين الشريف، (المتوفى: 816هـ)، كتاب التعريفات، دار الكتب العلمية بيروت –لبنان، ط1 1403هـ -1983م، ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر.

25- الجزائري، جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، ط5، 1424هـ/2003م.

26_ الجصاص، أحمد بن علي أبو بكر الرازي الحنفي، (المتوفى: 370هـ)، أحكام القرآن، دار إحياء التراث العربي – بيروت، 1405 هـ، تحقيق: محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف.

27_ الجويني، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين، (المتوفى: 478هـ)، نهاية المطلب في دراية المذهب، دار المنهاج، ط1، 1428هـ-2007م تحقيق: أ. د/ عبد العظيم محمود الدّيب.

28_ رضا، محمد رشيد بن علي بن محمد شمس الدين بن محمد بهاء الدين بن منلا علي خليفة القلموني الحسيني، (المتوفى: 1354هـ)، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990 م.

29_ الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي، (المتوفى: 606هـ)، مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط3 - 1420 هـ.

30_ الزَّبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، (المتوفى: 1205هـ)، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية، تحقيق: مجموعة من المحققين.

31_ الزجاج، إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق، (المتوفى: 311هـ)، معاني القرآن وإعرابه، عالم الكتب – بيروت، ط1، 1408 هـ - 1988 م.

32- الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر، (المتوفى: 794هـ)، البرهان في علوم القرآن، دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه، ط1، 1376 هـ - 1957 م تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.

33- الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، (المتوفى: 538هـ)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الكتاب العربي بيروت، ط3 - 1407 هـ.

34- السمعاني، أبو المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى التميمي الحنفي ثم الشافعي، (المتوفى: 489هـ)، تفسير القرآن، دار الوطن، الرياض – السعودية، ط1، 1418هـ- 1997م، تحقيق: ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم.

35- السمرقندي، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، (المتوفى: 373هـ)بحر العلوم.

36- السمرقندي، محمد بن أحمد بن أبي أحمد، أبو بكر علاء الدين، (المتوفى: نحو 540هـ)تحفة الفقهاء، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط2، 1414 هـ - 1994 م.

37- السمين الحلبي، أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم، (المتوفى: 756هـ)، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، دار القلم، دمشق، تحقيق: الدكتور أحمد محمد الخراط.

38- السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين، (المتوفى: 911هـ)، الإتقان في علوم القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1394هـ/ 1974 م، تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم.

39- السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين، (المتوفى: 911هـ)، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، دار الفكر – بيروت.

40- الشوكاني، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله اليمني، (المتوفى: 1250هـ)، فتح القدير، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب - دمشق، بيروت، ط1 - 1414 هـ.

41- الصابوني، محمد علي، صفوة التفاسير، دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع – القاهرة، ط1، 1417 هـ - 1997 م.

42- الصابوني، محمد علي، مختصر تفسير ابن كثير، دار القرآن الكريم، بيروت - لبنان، ط7، 1402 هـ - 1981 م.

43- الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، (المتوفى: 310هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 1422 هـ - 2001 م، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر الدكتور عبد السند حسن يمامة.

44- العسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران، (المتوفى: نحو 395هـ)، الفروق اللغوية.دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة - مصر، تحقيق:محمد إبراهيم سليم.

45- الغنيمان، عبد الله بن محمد، شرح كتاب التوحيد، مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية
http://www.islamweb.net.

46- الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم، (المتوفى: 170هـ)، كتاب العين، دار ومكتبة الهلال.

47- القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين، (المتوفى:  671هـ)، الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي، دارالكتب المصرية – القاهرة، ط2، 1384هـ - 1964 م، تحقيق:  أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش.

48- القشيري، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك (المتوفى: 465هـ)، لطائف الإشارات = تفسير القشيري، الهيئة المصرية العامة للكتاب – مصر، ط3، تحقيق: إبراهيم البسيوني.

49- قطب، سيد إبراهيم حسين الشاربي، (المتوفى: 1385هـ)، في ظلال القرآن، دار الشروق - بيروت- القاهرة، ط17- 1412 هـ.

50- الكيا الهراسي، علي بن محمد بن علي، أبو الحسن الطبري، الملقب بعماد الدين الشافعي، (المتوفى: 504هـ)، أحكام القرآن، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1405 هـ، تحقيق: موسى محمد علي وعزة عبد عطية.

51- الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، (المتوفى: 450هـ)، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي وهو شرح مختصر المزني،:  دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1، 1419 هـ -1999 م، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود.

52- مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، دار الدعوة.

53- المزني، إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل، أبو إبراهيم (المتوفى: 264هـ)، مختصر المزني، دار المعرفة - بيروت، 1410هـ/1990م.

54- مالك، بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، (المتوفى: 179هـ)، موطأ الإمام مالك، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، 1406 هـ - 1985 م، صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي.

55- النسفي، أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين، (المتوفى: 710هـ)، تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل، دار الكلم الطيب، بيروت، ط1، 1419 هـ - 1998 م، تحقيق: يوسف علي بديوي.

56- النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف (المتوفى: 676هـ)، تحرير ألفاظ التنبيه، دار القلم – دمشق، ط1، 1408، تحقيق:عبد الغني الدقر.

57- الهروي، محمد بن أحمد بن الأزهري، (المتوفى: 370هـ)، تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط1، 2001م.

58- الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي، النيسابوري، الشافعي، (المتوفى: 468هـ)، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، دار القلم، الدار الشامية - دمشق، بيروت، ط1، 1415 هـ، تحقيق: صفوان عدنان داوودي.

59- الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي، النيسابوري، الشافعي، (المتوفى: 468هـ)، الوسيط في تفسير القرآن المجيد، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1، 1415 هـ - 1994 م، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، الدكتور أحمد محمد صيرة، الدكتور أحمد عبد الغني الجمل، الدكتور عبد الرحمن عويس.



[1]_ الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم، (المتوفى: 170هـ)، كتاب العين، دار ومكتبة الهلال، (5-86).
[2]_ الزَّبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، (المتوفى: 1205هـ)، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية،تحقيق: مجموعة من المحققين (33/269).
[3] المرجع السابق(33/ 274).
[4]_مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، دار الدعوة، (2/724).
[5]_ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، (المتوفى: 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، دار الفكر، 1399هـ - 1979م،تحقيق: عبد السلام محمد هارون (5/86).
[6]_أبو الحسن، علي بن إسماعيل بن سيده المرسي، (المتوفى: 458هـ)، المخصص، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط1، 1417هـ 1996م، تحقيق: خليل إبراهم جفال،(4/171).
[7]_ الهروي، محمد بن أحمد بن الأزهري، (المتوفى: 370هـ)،تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط1، 2001م (8/319).
[8]_ الجرجاني، علي بن محمد بن علي الزين الشريف، (المتوفى: 816هـ)، كتاب التعريفات، دار الكتب العلمية بيروت –لبنان،ط1 1403هـ -1983م، ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر، (1/259).
[9] العسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران، (المتوفى: نحو 395هـ)، الفروق اللغوية.دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة - مصر، تحقيق:محمد إبراهيم سليم، (1-56).
[10] الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي، (المتوفى: 606هـ)، مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط3 - 1420 هـ (6 / 426).
[11] الجرجاني،التعريفات، (1/ 259).
[12]_ ابن أبي زَمَنِين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري، الإلبيري، (المتوفى: 399هـ)، تفسير القرآن العزيز، الفاروق الحديثة - مصر/ القاهرة،ط1، 1423هـ - 2002م، تحقيق: أبو عبد الله حسين بن عكاشة - محمد بن مصطفى الكنز (2 / 43).
[13]_ الجصاص، أحمد بن علي أبو بكر الرازي الحنفي، (المتوفى: 370هـ)، أحكام القرآن، دار إحياء التراث العربي – بيروت، 1405 هـ،تحقيق: محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف (4 / 111).
[14]- الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، (المتوفى: 538هـ)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الكتاب العربي - بيروت، ط3 - 1407 هـ (1 / 672).
[15]_أبو عبيدة، معمر بن المثنى التيمى البصري، (المتوفى: 209هـ)، مجاز القرآن، مكتبة الخانجى – القاهرة، 1381 هـ،تحقيق: محمد فواد سزگين، (1/175).
[16] _الجصاص، أحكام القران، (4/111).
[17] _روي هذا الحديث مرفوعا وموقوفا، أما المرفوع فهو في سنن أبي داوود:أبو داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السَِّجِسْتاني، (المتوفى: 275هـ)، سنن أبي داود، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد،كتاب (الأيمان والنذور)، باب لغو اليمين،رقم: (3245)، (3 / 223).ورفعه أيضا البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر(المتوفى: 458هـ)، السنن الكبرى للبيهقي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنات، ط3، 1424 هـ - 2003 م،تحقيق: محمد عبد القادر عطا، باب لغو اليمين،رقم: (19933)، (10 / 83)وابن حبان، محمد بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي، (المتوفى: 354هـ)، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، مؤسسة الرسالة، بيروت، الأولى، 1408 هـ - 1988 م، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط، باب ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ اللَّغْوِ الَّذِي لَا يُؤَاخَذُ اللَّهُ الْعَبْدَ بِهِ فِي كَلَامِهِ،رقم: (4333)، (10 / 176)وأما المرفوع فهو في: البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله الجعفي، (المتوفى: 256هـ)،الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، ط1، 1422هـ،تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر،كتاب الأيمان والنذور،بَابُ ﴿ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 225]،رقم: (4613)، (6 / 52)ومالك، بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، (المتوفى: 179هـ)،موطأ الإمام مالك، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، 1406 هـ - 1985 م،صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي، باب اللغو في الأيمان،رقم: 2219، (2 / 217)وصححه الألباني وقال شعيب الأرناؤوط رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم الصائغ وهو صدوق.
[18] _الجصاص، أحكام القرآن، (4 / 111).
[19] الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،(1 / 672).
[20] _الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، (المتوفى: 310هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 1422 هـ - 2001 م، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر الدكتور عبد السند حسن يمامة، (4 / 427).
[21] الطبري، جامع البيان، (4 / 427).
[22] ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرشي البصري ثم الدمشقي، (المتوفى: 774هـ، تفسير القرآن العظيم، دار طيبة للنشر والتوزيع،ط3، 1420هـ - 1999 م،تحقيق: سامي بن محمد سلامة (3/173).
[23] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين، (المتوفى: 911هـ)، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، دار الفكر - بيروت (1 / 644).
[24]_الطبري،جامع البيان، (10/524).
[25]_الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي، النيسابوري، الشافعي، (المتوفى: 468هـ)، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، دار القلم، الدار الشامية - دمشق، بيروت، ط1، 1415 هـ، تحقيق: صفوان عدنان داوودي(1 / 333).
[26] البغوي، محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء الشافعي (المتوفى: 510هـ)، معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي، دار إحياء التراث العربي -بيروت، ط1، 1420 هـ، تحقيق:عبد الرزاق المهدي (2 / 78).
[27]_ الزمخشري،الكشاف، (1/672).
[28]_ الجرجاني، التعريفات، (1 / 259).
[29]_ الجصاص، أحكام القرآن (4 / 111).
[30]_ القشيري، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك (المتوفى: 465هـ)، لطائف الإشارات = تفسير القشيري، الهيئة المصرية العامة للكتاب – مصر،ط3،تحقيق: إبراهيم البسيوني، (1 / 179).
[31]_ النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف (المتوفى: 676هـ)، تحرير ألفاظ التنبيه، دار القلم – دمشق، ط1، 1408، تحقيق:عبد الغني الدقر، (1 / 125).
[32] أبو حبيب، الدكتور سعدي، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا،دار الفكر. دمشق – سورية، ط2 1408 هـ = 1988 م، (1 / 321).
[33] ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقى، (المتوفى: 711هـ)، لسان العرب، دار صادر – بيروت، ط3 - 1414 هـ، (5 / 148).
[34]_ الصابوني، محمد علي، صفوة التفاسير، دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع – القاهرة، ط1، 1417 هـ - 1997 م (3 / 382).
[35] الرازي، مفاتيح الغيب، (30 / 569).
[36] البغوي،  معالم التنزيل في تفسير القرآن، (5 / 117).
[37]_ ابن كثير،تفسير القران العظيم، (3 / 173).
[38]_ البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، (2 / 78).
[39]_أخرجه ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي (المتوفى: 327هـ)،تفسير القرآن العظيم، مكتبة نزار مصطفى الباز - المملكة العربية السعودية.ط3 - 1419 هـ، أسعد محمد الطيب، رقم:6727، (4/1193). وقال ابن كثير: حديث غريب،ابن كثير، تفسير القرآن العظيم،(3 / 176).
[40] ابن الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، (المتوفى: 597هـ)،زاد المسير في علم التفسير، دار الكتاب العربي – بيروت، ط1- 1422 هـ، تحقيق:عبد الرزاق المهدي، (1 / 580).
[41] المزني، إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل، أبو إبراهيم (المتوفى: 264هـ)، مختصر المزني، دار المعرفة - بيروت، 1410هـ/1990م، (8 / 400).
[42] الواحدي، الوجيز،(1 / 333).
[43] الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي، النيسابوري، الشافعي، (المتوفى: 468هـ)، الوسيط في تفسير القرآن المجيد، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان،ط1، 1415 هـ - 1994 م،تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، الدكتور أحمد محمد صيرة، الدكتور أحمد عبد الغني الجمل، الدكتور عبد الرحمن عويس، (2 / 222).
[44] القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين، (المتوفى: 671هـ)، الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي، دار الكتب المصرية – القاهرة،ط2، 1384هـ - 1964 م، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، (6 / 282).
[45] الجويني، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين، (المتوفى: 478هـ)،نهاية المطلب في دراية المذهب، دار المنهاج، ط1، 1428هـ-2007م تحقيق: أ. د/ عبد العظيم محمود الدّيب (18 / 313).
[46] الجصاص، أحكام القرآن، (4 / 111).
[47] ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عاصم النمري القرطبي، (المتوفى: 463هـ)،الكافي في فقه أهل المدينة، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، المملكة العربية السعودية،ط2، 1400هـ/1980م،تحقيق: محمد محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني (1 / 446).
[48] الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، (المتوفى: 450هـ)، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي وهو شرح مختصر المزني،: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1، 1419 هـ -1999 م،تحقيق: الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود،(15 / 267).
[49]الجصاص، أحكام القرآن، (4 / 111).
[50] الماوردي، الحاوي الكبير، (15 / 267).
[51]الماوردي، الحاوي الكبير، (15 / 267).
[52] الطبري،جامع البيان، (10/524).
[53]الإتقان في علوم القران،(4/57).
[54] الزجاج، إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق، (المتوفى: 311هـ)،معاني القرآن وإعرابه، عالم الكتب – بيروت، ط1، 1408 هـ - 1988 م، (3 / 120).
[55] ابن عاشور، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونسي، (المتوفى: 1393هـ)، التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، الدار التونسية للنشر – تونس،1984 هـ، (13 / 29).
[56] الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (1 / 528) الكتاب مذيل بحاشية (الانتصاف فيما تضمنه الكشاف) لابن المنير الإسكندري (ت 683) وتخريج أحاديث الكشاف للإمام الزيلعى.
[57] الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر، (المتوفى: 794هـ)،البرهان في علوم القرآن، دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه، ط1، 1376 هـ - 1957 م تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، (4 / 359).
[58] الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (1 / 528).
[59] الزمخشري،الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (4 / 408).
[60] السمعاني، أبو المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى التميمي الحنفي ثم الشافعي، (المتوفى: 489هـ)، تفسير القرآن، دار الوطن، الرياض – السعودية،ط1، 1418هـ- 1997م،تحقيق: ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم، (6 / 168).
[61] الشوكاني، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله اليمني، (المتوفى: 1250هـ)،فتح القدير، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب - دمشق، بيروت، ط1 - 1414 هـ، (5 /403).
[62] ابن عاشور،التحرير والتنوير، (29 / 339).
[63] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين، (المتوفى: 911هـ)، الإتقان في علوم القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1394هـ/ 1974 م، تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم، (4 / 59).
[64] تفسير الرازي، مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، (32 / 211).
[65] السمرقندي، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، (المتوفى: 373هـ)بحر العلوم، (3 / 350).
[66] القشيري، لطائف الإشارات، (3 / 745).
[67]الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (4 / 408).
[68] السيوطي، الإتقان في علوم القرآن،(4/54_57).
[69] البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، (2/ 184).
[70] السمعاني، تفسير القرآن، (2/171).
[71]الواحدي، الوجيز (1 /554).
[72] النسفي، أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين، (المتوفى: 710هـ)،تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل، دار الكلم الطيب، بيروت، ط1، 1419 هـ - 1998 م، تحقيق: يوسف علي بديوي، (2 / 125).
[73] البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، (2/504).
[74] الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (2 / 490).
[75] الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (2 / 490).
[76] تفسير البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، (2/ 509).
[77] الطبري، جامع البيان، (16 / 256).
[78] الصابوني، محمد علي، مختصر تفسير ابن كثير، دار القرآن الكريم، بيروت - لبنان، ط7، 1402 هـ - 1981 م، (2 / 260).
[79] الرازي، مفاتيح الغيب، (30 / 607).
[80] الشوكاني، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله اليمني، (المتوفى: 1250هـ)،فتح القدير، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب - دمشق، بيروت، ط1 - 1414 هـ، (5 / 323).
[81] الطبري، جامع البيان ت شاكر (19 / 368).
[82] الشوكاني،فتح القدير،(4 / 454).
[83] الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، (2 / 180).
[84] الصابوني،مختصر تفسير ابن كثير، (2 / 180).
[85] البيضاوي، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي، (المتوفى: 685هـ)،أنوار التنزيل وأسرار التأويل، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط1 - 1418 هـ، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي (5 / 11).
[86] السمين الحلبي، أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم، (المتوفى: 756هـ)،الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، دار القلم، دمشق، تحقيق: الدكتور أحمد محمد الخراط، (9 / 313).
[87] الحديث أخرجه الحميدي، محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الميورقي أبو عبد الله بن أبي نصر، (المتوفى: 488هـ)، الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، دار ابن حزم - لبنان/ بيروت،ط2، 1423هـ - 2002م،تحقيق: د. علي حسين البواب،(1 / 512).
[88]الرازي، مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير،(16 / 74).
[89] الطبري، جامع البيان، (8 / 514).
[90] ابن عاشور، التحرير والتنوير، (28 / 52).
[91] الطبري، جامع البيان، (19 / 206).
[92] البغوي، معالم التنزيل، (3 / 424).
[93] الطبري، جامع البيان، (23 / 290).
[94]الطبري، جامع البيان، (14 / 329).
[95]القشيري، لطائف الإشارات، (2 / 41).
[96] ابن كثير، تفسير القران العظيم، (2 / 347).
[97] ابن عاشور، التحرير والتنوير،(28-52).
[98] الصابوني،مختصر تفسير ابن كثير، (2 / 466).
[99]ابن عاشور، التحرير والتنوير، (28-52).
[100] الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (4 / 496).
[101] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، (17 / 306).
[102] ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري، (المتوفى: 276هـ)، غريب القرآن لابن قتيبة،تحقيق: سعيد اللحام، (1 / 401).
[103] أبو السعود، محمد بن محمد بن مصطفى العمادي، (المتوفى: 982هـ)،إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، دار إحياء التراث العربي - بيروت، (8 / 251).
[104] ابن كثير،تفسير القرآن العظيم، (8 / 125).
[105] الرازي، مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، (16 / 74).
[106] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم،(4 / 163).
[107] السمرقندي، بحر العلوم، (2 / 429).
[108] البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، (1 / 656).
[109] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، (2 / 347).
[110] الطبري، جامع البيان، (8 / 515).
[111] الرازي، مفاتيح الغيب، (10 / 124).
[112] الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (1 / 527).
[113] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، (2 / 347).
[114] الطبري، جامع البيان، (8 / 515).
[115] الرازي، مفاتيح الغيب، (10 / 124).
[116]الطبري، جامع البيان، (8 / 515).
[117]البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، (1 / 656).
[118] الرازي، مفاتيح الغيب، (10 / 124).
[119]الطبري، جامع البيان، (23 / 534).
[120] الرازي، مفاتيح الغيب، (30 / 603).
[121]أبو الفداء، إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي، (المتوفى: 1127هـ)،روح البيان، دار الفكر – بيروت، (10 / 110).
[122] تفسير الطبري، جامع البيان، (23 / 534).
[123] الرازي، مفاتيح الغيب، (30 / 604).
[124] السيوطي،الدر المنثور في التفسير بالمأثور، (8 / 246).
[125] الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (1 / 267).
[126] ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، (1 / 194).
[127] ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، (1 / 194).
[128]ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، (1 / 194).
[129] أبو محمد، خميس السعيد محمد عبد الله،مواقف حلف فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيت الأفكار الدولية - بيروت، ط1 - 1418 هـ (1 / 20).
[130] الجزائري، جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية،ط5، 1424هـ/2003م، (3 / 583).
[131] ابن عجيبة، أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي الحسني الأنجري الفاسي الصوفي، (المتوفى: 1224هـ)،البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، الدكتور حسن عباس زكي - القاهرة، 1419 هـ، أحمد عبد الله القرشي رسلان، (4 / 58).
[132]الواحدي، الوجيز، (1 / 333).
[133] الغنيمان، عبد الله بن محمد، شرح كتاب التوحيد،مصدر الكتاب:دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية:
http://www.islamweb.net.
[134] البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، (2 / 60).
[135] قطب، سيد إبراهيم حسين الشاربي، (المتوفى: 1385هـ)، في ظلال القرآن، دار الشروق - بيروت- القاهرة،ط17
- 1412 هـ، (3/1678).
[136] الرازي، مفاتيح الغيب، (16 / 124).
[137] الرازي، مفاتيح الغيب، (16 / 124).
[138] القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين،(المتوفى: 671هـ)، الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي، دار الكتب المصرية – القاهرة،ط2، 1384هـ - 1964 م، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، (3 / 102).
[139] السمرقندي، محمد بن أحمد بن أبي أحمد، أبو بكر علاء الدين، (المتوفى: نحو 540هـ)تحفة الفقهاء، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط2، 1414 هـ - 1994 م، (2 / 203).
[140] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، (1 / 604).
[141] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، (1 / 604).
[142] رضا، محمد رشيد بن علي بن محمد شمس الدين بن محمد بهاء الدين بن منلا علي خليفة القلموني الحسيني، (المتوفى: 1354هـ)، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1990 م، (2 / 292).
[143] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، (1 / 604).
[144] رضا، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، (2 / 293).
[145] الشوكاني، فتح القدير، (2 / 98).
[146] الرازي، مفاتيح الغيب، (12 / 454).
[147] الطبري، جامع البيان، (11 / 204).


المصدر : شبكة الألوكة
 تم النشر يوم  الجمعة، 10 مايو 2013 ' الساعة  4:43 م


 
Toggle Footer