الخميس، 16 مايو 2013

اليوم الآخر بين أهل الحق وأهل الباطل


عبدالرحمن بن محمد المختار


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه.

وبعد:
بين دعاة الباطل قواسمُ مشتركة يُخالفون بها أهل الحق في كلِّ زمان ومكان، من هذه القواسم المشتركة قصورُ دعْواهم على الحياة الدنيا، فحيثما وجدتَ (داعيًا) أو (مصلحًا) يحدِّثُك عن الدنيا فقط، يقول: (حريَّة)، (رخاء)، (رقي)، (تقدم)، ولا يتكلَّم في غير هذا، فهُو من أهل الباطل والهوى، هذا مَعْلَمٌ أساسي، عنده يَجتمع أهل الباطل كلُّهم.


وإثباتًا لهذه المقدِّمة وتفريعًا عليْها أقدِّمُ عددًا من الحقائق الشرعيَّة: أوَّلها: في القُرآن الكريم والسنَّة النبوية ربطٌ واضحٌ بين مُخالفة الشريعة الإسلاميَّة كليًّا (بالكفر)، أو جزئيًّا (بالمعصية)[1]، وبين إنْكار اليوم الآخر، أو الغفلة عنْه وعمَّا فيه من ثواب وعقاب.

وهذه بعض الأمثلة:
القلوب المنكرة للتوحيد هي قلوب الَّذين لا يؤمنون بالآخِرة؛ قال الله تعالى:
﴿
إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ﴾ [النحل: 22]، والذين لا يؤمنون بالآخِرة هم من يتنكَّبون الصِّراط ويسلكون السُّبل؛ {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [المؤمنون: 74].
والذين لا يؤمنون بالآخرة تشمئزُّ قلوبُهم حين يُذْكَر الله وحْدَه؛
﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: 45].
والذين لا يؤمنون بالآخرة هم الَّذين لا يؤمنون بالبعث إذا ضلُّوا[2] في الأرض؛
﴿ وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ [السجدة: 10].
والذين لا يؤمنون بالآخرة هم الذين يُصْغُون لأصحاب الشُّبهات والشَّهوات؛
﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ[الأنعام: 113].
والذين لا يَخافون عذاب الآخرة لا يستفيدون من مصارع الظالمين؛
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ [هود: 103].
وسلَّط الله إبليس على النَّاس ليُعلم من يؤمن بالآخرة ممَّن هو منها في شك؛
﴿ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ [سبأ: 21].
والعكس صحيح، فالمهتدون بِهدي النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - هُمُ الَّذين يرجون الله واليوم الآخَر؛
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب: 21].
والذين يظنُّون أنَّهم ملاقو ربِّهم يستعينون بالصَّبر والصَّلاة، ولا يكبر ذلك عليهم؛
﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة: 45 - 46].
ومثله:
﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ [النساء: 74].
ومثله:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [الممتحنة: 6].

والأمثِلة في السنَّة النبويَّة كثيرة؛ منها ما جاء في الصَّحيحين عن أُسامة بن زيد، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيامَةِ فيُلْقَى في النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أقْتَابُ بَطْنِه، فيَدُورُ بِها كَما يَدُورُ الحِمَارُ بِالرَّحَى، فيَجْتَمِعُ إلَيْه أهْلُ النَّارِ، فيَقُولُونَ: يا فُلانُ، مَا لَكَ؟ ألَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وتَنْهَى عَن المُنْكَرِ؟ فيَقُولُ: بلى، قدْ كُنْتُ آمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلا آتِيه، وأنْهَى عَن المُنْكَرِ وآتِيه))[3]، يُخوِّفُ الآمرين غيرهم اللاَّهين بأنفسِهم بما أعدَّ الله لهم في الآخرة.

ومن الأمثلة كذلك: ما رواه مُسلم في صحيحه عنْ أبي هُرَيْرَة - رضِي الله عنْه - عَنْ رَسُولِ اللَّه - صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ - قالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ فلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ فلْيُكْرِمْ جَارَه، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ فلْيُكْرِمْ ضَيْفَه))[4].


فهنا أعمال، و(الإحسان في القول)، و(إكرام الجار والضيف) - تطلب بِموجب الإيمان بالله واليوم الآخر، وفي أحاديث الإسراء والمعراج أمثلةٌ أخرى[5].

ثانيها: ارتكز الخطاب الدَّعوي في عرْض قضاياه على تعْريف النَّاس بربِّهم وعلى الثواب والعقاب، وهو يكلِّم المُصْلِحين، وهو يكلِّم المفسدين، فلا تجد قضيَّة تُعرض في كتاب الله إلاَّ والثواب والعقاب قائمٌ بين يديها، من التَّوحيد مرورًا بباقي أرْكان الإسلام، إلى فُروع الأحْكام الَّتي تخصُّ بعضًا دون بعض؛ كالظهار[6]، وكالحيض والنفاس، أو كأحْكام الحاج لبيْت الله الحرام.

فنجد التوحيد قسمين[7]: القسم الأوَّل: وهو الاعتقادي، ويقال له: العلمي الخبري، ويقال له أيضًا: المعرفة والإثبات، ويشمل: توحيد الرُّبوبيَّة، وتوحيد الأسْماء والصِّفات.
والقسم الثاني من التَّوحيد: هو توحيد القصْد والطَّلب، أو الإرادي الطَّلبي، أو التَّوحيد العملي، أو توحيد الألوهيَّة.

والقسم الأوَّل أصلٌ للقسم الثاني، أو مقدّمةٌ عقليةٌ له، أو كالسبب له؛ ولذا تجِد الله - سبحانه وتعالى - يأمر الخلق بإفْراده بالعبادة بما له من أسماء وصفات؛ قال تعالى:
﴿ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة: 255].

هذه الآية الكريمة بمقام الخبر والتَّعليل للخبر، فهي تقرِّر في بدايتِها أن لا معبود بحقٍّ إلاَّ الله، أو لا يستحقُّ العبادة إلى الله (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ)، ثم تبرهن على هذا الخبر - أحقيَّة الله بالعبادة وحده بلا شريك - بأسمائه وصفاته، وأثر ذلك في مخلوقاته - سبحانه وتعالى -
﴿ الحَيُّ القَيُّومُ، ﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ، ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، ﴿ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِه، ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، ﴿ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا، ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

وفي السنَّة أمثلة كثيرة على أنَّ التوحيد نسير إليْه بالثَّواب والعقاب بِما لله من أسماء وصفات، من ذلك مارواه مسلم، عن أبي هُرَيْرَة قالَ: لمَّا أُنْزِلَت هَذِه الآيَةُ:
﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214]، دَعا رَسُولُ اللهِ - صلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّم - قُرَيْشًا فاجْتَمَعُوا، فعَمَّ وخَصَّ، فقَالَ: ((يا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُم مِن النَّار، يا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُم مِن النَّار، يا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُم مِن النَّارِ، يا بَنِي عَبْدِ مَنافٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُم مِن النَّارِ، يا بَنِي هَاشِمٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُم مِن النَّار، يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، أنْقِذُوا أَنْفُسَكُم مِن النَّار، يا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِن النَّار، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُم مِن اللَّهِ شَيْئًا، غَيْر أنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأبُلُّها بِبَلالِها))، هنا يدعوهم للإيمان مخوِّفًا إيَّاهم من عذاب الرَّحمن.

والرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - هو النَّذير البَشر؛
﴿ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ [هود: 2]، يقول القرطبي: "﴿نَذِيرٌ؛ أي: مخوِّف من عذابِه وسطوتِه لِمن عصاه، ﴿ وَبَشِيرٌ بالرِّضْوان والجنَّة لمن أطاعه"[8].

والمقصود هو بيان أنَّ إفْراد الله بالعبادة، والَّذي هو الغاية من خلْق الخلق بداية؛
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56] - يُطلب بِموجب ما تفرَّد الله به من الرُّبوبيَّة والأسْماء والصِّفات، والتعرُّف على ربوبيَّة الله وأسمائِه وصفاتِه يستلزم - ولا بدَّ - معرفة ما أعدَّ للطَّائعين، وما توعَّد به العاصين، في الدُّنيا والآخرة، أو ذِكْر الأسماء والصفات الَّتي هي أصْل إفراد الله بالعبادة (التَّوحيد) - يستلزم استِحْضار الثَّواب والعقاب صراحةً أَو ضمنًا.

فالدَّعوة إلى التَّوحيد لا تكون إلاَّ بتعْريف النَّاس بثواب الله وعقابه، بما وعد الصَّالِحين، وبِما توعَّد الفاسقين، والدَّاعي للتَّوحيد لا بدَّ أن يرتكِز على الثَّواب والعقاب، منطلقًا من شرْح الأسماء والصفات أو من غيرها، هذا هو مرادي من هذه الفقرة.

وكذا الأحكام في خطاب الشَّرع، نجِد الحكم التكليفي[9] في كل صوره مشفوعًا بالثواب والعقاب، بإحْدى دلالات اللَّفظ المباشرة منها أو غير المباشرة[10].


ومثال ذلك قولُ الله تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك: 15]، هنا أمر أو حضٌّ على المشْي في جوانب الأرض (أو أعاليها)[11]، واستِحْضارٌ للثَّواب والعقاب في تذْييل الآية الكريمة (وإليه النشور)، وكأنَّه أمرٌ بالسَّعي، وضبطٌ لهذا السَّعي بالتذكير، بأنْ ثَمَّ بعد القبور نشور، وحساب على ما تجْنيه الأركان.

ومثل ذلك أيضًا:
﴿ إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة: 271]، فإن كان الله خبيرًا بما نعمل، فهو يرصد ما نعمل ويُحاسبنا عليه، إن خيرًا وإن شرًّا، نسأل الله العظيم الحليم أن يُعاملنا بعفوه وكرمِه.

ومثله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2]، هنا أحكامٌ للمُحْرِم، وضبط لتصرُّفاته بتذكيره بأنَّ الله يعاقب من خالَفَ؛ بل بأن الله شديد العقاب، ومن هذه النقطة أَنْتَقِل للنقطة التي تليها وهي:

ثالثها: لا تجد سؤالاً يُجاب عنه في كتاب الله إلاَّ والثواب والعقاب حاضرٌ مع الإجابة، وأبدأ بأمثلة من أسئلة المؤمنين لخاتم المُرْسَلين - صلَّى الله عليْه وسلَّم.
قال تعالى:
﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [المائدة: 4].
﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة: 215].
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: 219، 220].

هنا إجابة عن السؤال، وتذكير بالحساب؛ (وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ)، (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، (وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ).

ومن الأمثلة على سؤال الكافرين[12]: قولُ الله - تعالى - في سورة الأحزاب:
﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً * إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً [الأحزاب: 63 - 68].

سألوا عن السَّاعة فأجابهم: (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ)، ثم أردف بذِكْرٍ مفصَّل لما يحدث للمكذبين يوم القيامة.

ومثل ذلك:
﴿ وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 80 - 82].

أوردَ شبهتَهُم: (لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً)، وأجابَ عليْهَا باستفهام توبيخي تقريعي: (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، ثم جاء على حال من عملوا السيِّئات ومَن عملوا الصَّالحات في الآخرة، يعظهم.

ومثل ذلك قول الله
 تعالى:
﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً * تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً * بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً * إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً * قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيراً * لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً * وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً * فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلَا نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً * وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً [الفرقان: 7 - 20].
أوْرد شبهتَهم حول الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ثُمَّ جاء على الثَّواب والعقاب قبل الجواب في الآيةِ الأخيرة:
﴿ وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً [الفرقان: 20].

رابعها: الثَّواب والعقاب هو العامل الأساسي في ضبْط السلوك.
منشأ العمل هو القوَّة الكامنة في القلب، والَّتي هي المعرفة بِما تُنْشِئه داخل القلب من محبَّة أو بغض، فكلُّنا يحب ويبغض، وكلُّنا يسعى لتحصيل ما يُحبُّ، ودفع ما يبغض، شاء أم أبى.

فإن كانت الجنَّة (دار الثَّواب)، وإن كانت النَّار (دار العقاب) - مقيمة بِخاطر أحدِنا لا تفارقه، فإنَّه لا يكفُّ عن الطَّلب، ولا يكفُّ عن الهرب، "فإنَّ الجنَّة لا ينام طالبها، وإنَّ النَّار لا ينام هاربُها"[13].


خامسها: لمَّا كان للثَّواب والعقاب ما مضى من أهميَّة، ولمَّا كان هو الباعثَ للطَّاعة أجمعَ، المنحرفون من الوثنيِّين والمنتسبِين للرِّسالات السَّماويَّة على تشويه الثَّواب والعقاب، في حسِّ مَنْ تبِعَهم، أو من يسمع خطابَهم، فحديثُهم عن اليوم الآخر حديثٌ وسط، لا ينكر ولا يقدم تفاصيل تدفع أو تمنع.
في "العهْد القديم"[14] لا يوجد أيُّ تفاصيل عن الحياة بعد الممات، فقطْ كلامٌ مجملٌ وفي أماكن قليلة جدًّا، لا يلتفت إليْها إلا باحث حثيث؛ كما جاء في سفر دانيال: "وكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ في تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هؤُلاَءِ إلى الحَيَاةِ الأَبَدِيَّة، وهؤُلاَءِ إلى العَارِ لِلازْدِرَاءِ الأبَدِيِّ"[15].

وكَتَبَةُ "العهد الجديد" في النصرانيَّة لا تجد عندهم تصوُّرًا واضحًا عن (اليوم الآخر)، (الثَّواب والعقاب)، فقط كلامًا مجملاً، واستنْطِقْ كتبَهم أو مَنْ تلقى من علمائِهم، فلن تجد تفاصيلَ عن شيء مما سيحدث هناك بعد الممات؛ بل ويُنكر ما عندنا من تفاصيل عن الثَّواب والعقاب، وقد يسخَر ويستهزئ من الجِنَان ذوات الأفنان، والنَّخل والرمان، والحور الحسان!

وأهْل الجاهليَّة - في جملتهم - كانوا يُكذِّبون بالحياة بعد الممات، وحقيقة الأمر أنَّه لم يكن تكذيبًا حقيقيًّا، وإنَّما نفورٌ من الخبر الصَّادق؛ مخافةَ ما ينطوي عليْه، فقد كانوا قبل الإسلام يعتقدون في البعث، ويتردَّد ذكر اليوم الآخر في أشْعارهم وخطبِ بعضهم[16]، وقد كان فريقٌ منهم يأْمُر بالنَّاقة فتُعْقَل على قبره بعد موتِه؛ حتَّى تموت بجوارِه ليركبها بعد النشور! وتعرف بـ (البلايا)[17].


والمنكِرون للبعث من أهْل الإلحاد لا زالوا إلى يومِنا يتكلَّمون، والَّذي نعرفه ونستيقِن منه: أن أحدًا لا ينكر البعث بعد الممات، فهو مرْكوز في الفطرة؛ ولكنَّ شياطين الإنس والجنِّ حاولوا طمْس هذه الفِطْرة، فتركوها ظنونًا، صورةً مشوَّهةً لا يتَّضح منها تفاصيل ترْدَع عن الشَّرِّ أو تدفع للخير؛
﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [الجاثية: 24]، فهذا قولُهم يَحكيه القرآن ويرد عليه، يبيِّن أن ليس عند مَن ينفي البعثَ عِلْمٌ وإنَّما فقط ظنون؛ ﴿ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [الجاثية: 24]، "يتكلَّمون من غير دليل لديْهم أو برهان"[18]، حالهم أنَّهم في "ظنٍّ من ذلك وشكٍّ يخبر عنهم أنَّهم في حيرةٍ من اعتِقادهم حقيقةَ ما ينطقون من ذلك بألسنتهم"[19].

سادسها: وهي خاتمة هذا المقال والنتيجة منه، والحال هكذا فليس لأحد أن يُهوِّنَ من أمر الوعْظ - وعْظ المؤمنين أو وعْظ الكافرين - وليس لأحدٍ أن يرتكز على قضايا عقليَّة أو منطقيَّة فقط كبرهانٍ للإيمان؛ فإنَّ هؤلاء المنكرين ما أنكروا وما لجُّوا في طغيانهم؛ إلاَّ لغفلتهم عن اليوم الآخر.

والأمر هكذا؛ فأهل الإصلاح الدنيوي - المتحدِّثون باسم الدين - منحرفون، غافلون، أو خُبثاء ماكرون؛ فالله يريد الآخرة وهؤلاء يريدون الدنيا؛
﴿ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [الأنفال: 67]، والدنيا للآخرة، وصلاح الدنيا تابع لاستقامة النَّاس على شرع ربهم؛ ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [الأعراف: 96]، ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم: 41].
تتمة:

لماذا لا يمتثل كلُّ مَن يعرف؟
أو: لماذا لا تُنشئ المعرفة بالله واليوم الآخر أثرًا في القَلْبِ يظهر على الجوارح؟

مردُّ ذلك لسببين - من وجهة نظري -:
الأوَّل: أنَّ المعرفة تكون مُجْملة لا تفصيل فيها، والشَّأنُ في التفاصيل.
الثاني: الأمل، أو احتمالية النَّجاة؛ كقول القائل: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى [فصلت: 50]، ولكن منِ استيقن من العقوبة إن وقَع في الذَّنب، فزع ولم يهدأْ حتَّى ينجو.


ــــــــــــــــــــــ
[1]   أردت بالمعصية هنا ما دون الكفر.
[2]   مادة (ضلَّ) يدور معناها على الخفاء، انظر لسان العرب، ج 11/390؛ ولذلك تسمِّي العرب الدَّفن في الأرض إضلالاً؛ لأنه تغْيِيب في الأرض يؤول إلى استهلاك عظام الميت فيها، أضواء البيان 2/204.
[3]   البخاري: 3027، ومسلم: 5305، واللفظ من صحيح مسلم.
و (تَنْدَلِقُ أقْتَابُ بَطْنِه) الأقتاب هي الأمعاء، والاندلاق الخروج بسرعة، والمعنى تخرج أمعاؤه من بطنِه بسرعة من العذاب، انظر لسان العرب 10/ 102، وتاج العروس 1/ 840، وفتح الباري 13/ 52.
[4]   مسلم /67.
[5]   انظر: مسند أحمد: 13863، 20634، وانظر السلسلة الصحيحة: 291.
[6]   الظهار: هو قول الرَّجُل لامرأته: "أنت علي كظهر أمي"، وهو باب مشهور في كتب الفقه، وفيه نزلت الآيات الأولى من سورة المجادلة.
[7]   في هذه الفقرة أرتكز على فهمي لما قدمه شيخ الإسلام في كتاب الإيمان (الفتاوى المجلد السابع)، ولما قدمه صاحب فتح المجيد، وما قدَّمه الشيخ ابن عثيمين في (القواعد المثلى) و (تقريب التدمرية)، و(شرح رياض الصالحين).
[8]   الجامع لأحكام القرآن: 9/ 3.
[9]   الحكم التكليفي عند الأصوليِّين: هو خطاب الله - تعالى - المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتِضاء للفعل (الأمر والندب)، أو الترك (الحرام والمكروه)، أو التخيير بينهما (المباح)، وعند الفقهاء: هو مقتضى خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، وهو المقصود في النَّصِّ أعلاه.
انظر "أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله" (1/ 17) للدكتور عائض بن نامي السلمي.
[10]   قسم الأصوليون الدلالة إلى تقسيمات عدَّة باعتبارات مختلفة، وما قصدته هنا هو تقسيمهم إيَّاها إلى: دلالة لفظيَّة، ودلالة غير لفظية، انظر البحر المحيط (2/ 37)، رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (1/ 205)، شرح الكوْكب المنير: (1/ 125)، والأحكام للآمدي (1/ 36).
[11]   لسان العرب (1/ 770)، وانظر الطبري (23/ 511، 512) وانظر تعليق ابن القيم على الآية في الفوائد: 18.
[12]   الخطاب بـ (الناس) يدخل فيه أمَّة الدعوة، انظُر التحرير والتنوير 4/8، والسَّائل هنا هم قريش واليهود، سألت قريش تكذيبًا واستعجالاً، وسألت يهود امتحانًا، انظر تفسير ابن كثير 3/518، وأيسر التفاسير 3/305.
[13]   حادي الأرواح، لابن القيم: 65.
[14]   يتكون كتاب النَّصارى من: (العهد القديم)، (والعهد الجديد).
و (العهد القديم) يتكون من عدد من الأسفار، بعضُها ينسب لموسى - عليه السَّلام - وبعضها ينسب لآخرين من أنبياء بني إسرائيل، وبعضُها لا يُعرف كاتبه، وبعضها متَّفق عليه وبعضها مختلف عليه، ويطلق عليه التوراة تجوُّزًا، و (العهد الجديد) يتكوَّن من الأناجيل الأربعة والرَّسائل الملحقة بها، وظهر وأقرَّ بعد قرونٍ من المسيح - عليه السلام - ولحقته (القداسة) المزعومة من البشر وليس من الله، وإن شئت مزيدَ بيانٍ فراجع: هل العهد الجديد كلِمة الله؟! وهل العهد القديم كلمة الله؟! للدكتور منقذ محمود السقار.
[15]   سفر دانيال : 12 :2 .
[16]   يشتهر هنا كمثال قسّ بن ساعدة الإيادي، وله ذكر في كتُب السير والتراجم، انظر السيرة النبويَّة لابن كثير 1/141، وسمَّاه الشيخ محمد الأمين بمؤمن الجاهليَّة، انظر أضواء البيان 8/ 518.
[17]   وقد كان هناك تصوُّرات أخرى لما بعد الموت عند الجاهلين، ذكرها الدكتور جواد علي في "المفصل في تاريخ العرب" 11/129 وما بعدها.
[18]   السعدي: 1/ 777.
[19]   الطبري 22/ 80، والأمر عام لا يختص بقضية البعث وحدها، فإنَّ "الشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء" كما يقول شيخ الإسلام بن تيمية. اقتضاء الصراط 1/391.
شبكة الألوكة
 تم النشر يوم  الخميس، 16 مايو 2013 ' الساعة  7:48 ص


 
Toggle Footer