الخميس، 27 ديسمبر 2012

الدعوة القرآنية إلى الإصلاح الاجتماعي

الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي

الحمدُ لله وحْدَه، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده، نبيِّنا محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلى آله وصحْبه أجمعين.


أمَّا بعد:
فإنَّ الحياة في رِحاب القرآن الكريم حياةٌ لها من المعاني والإيحاءات والدلالات النفسية، ما يَعْجز قلمُ البيان عن الإفصاح عنها، وعن مكنون أسرارها وهِدايتها للقلوب الغافِلة، والعقول الحائرة.

إنَّ تلاوةَ هذا الكتاب العظيم، وتفهُّمَ ألفاظه ومعانيه،
جعلني أقف طويلاً أمام كمال هذا الكتاب في أسلوبه وبلاغته، وجمالِه ورَوْعته، وشموله البديع في عقائده وأخلاقه وتشريعاته.

ومِن صور ومجالات الدعوة القرآنية، وأصولها الجامعة:
دعوةُ القرآن إلى إصْلاح المجتمع كلِّه إصلاحًا شاملاً وكاملاً، يحفظ كيانَه وأفرادَه من الانحراف، أو الإفساد في الأرض، وإهْدار حقوق الخَلْق في سبيل المصالِح الشخصية، والأهواء الذاتية الفردية.
بل قد عرَضَ القرآن بأسلوبه البَلاغي، وندائِه الخطابي، وإعجازه التشريعي - كلَّ المجالات الهادية، والأصول الجامعة الواقية، والتي مِن شأنها النهوضُ بالمجتمع وأفرادِه إلى المدنيَّة الفاضلة، والعَدَالة الشاملة.

لأنَّ الإنسان لا يستطيع أن يعيشَ بمفرده في هذه الحياة دون الاحتكاك بغيرِه،
والاتصال به، فكان ولا بدَّ مِن إيجاد القواعد والتشريعات التي تحفظ هذا المجتمعَ وتُقوِّمه، وتُصلحه وتهذِّبه.
ومِن هنا نعلم قِيمةَ هذه الحقيقة الثابتة، والتي أشار إليها العلاَّمة ابن خلدون في مقدمته: أنَّ الاجتماع الإنساني ضروري، وهو ما يُعبَّر عنه بقول بعضهم: "الإنسان مدنيٌّ بالطبع"؛ ومعنى ذلك: أنَّ المجتمع ضروري للإنسان، وهو ما يؤيِّده الواقع، فالإنسان يُولَد في المجتمع، ويعيش فيه، ويموت فيه.

إذًا؛ فالمجتمع ضروريٌّ للإنسان،
ولا بدَّ من وجوده، فإنَّ النظام - على أيِّ نحو كان - ضروري للمجتمع لا يُتصوَّر وجوده بدونه؛ لأنَّ الأفراد لا يُمكنهم العَيْش بحريَّة مطلَقة داخلَ المجتمع، وإلا كان في ذلك هلاكُهم، أو اضطراب حياتهم، وانقلاب مجتمعهم إلى مجتمع حيواناتٍ كالذي نُشاهِده في الغابات.

ولهذا؛
كان لا بدَّ مِن نظام للمجتمع يتضمَّن الحدودَ التي يجب أن يقفَ عندها الجميعُ، والضوابطَ العامة التي يجب أن يلتزموا بها في سلوكهم، حتى يستطيعوا العَيْشَ بأمانٍ واستقرارٍ.
إذا كان لكلِّ مجتمع نظام على نحوٍ ما، فإنَّ هذا النظام لا بدَّ له من أساس وأصول وأفكار يَرْتضيها المجتمع، ويقوم عليها نظامُه الذي يسير بموجبه، والنظامُ يكون صالحًا أو فاسدًا تبعًا لصلاح أو فساد أساسه وأصوله وأفكاره، التي يقوم عليها؛ لأنَّ الفَرْع يَتبع الأصلَ في الصلاح والفساد.

وإذا كان نظامُ المجتمع صالحًا أو فاسدًا،
فإنَّ صلاحه وفساده ينعكس على أفراده، ويتأثَّرون به، ويتحمَّلون تَبعاتِه، فيسعدون به أو يشقون، وعلى هذا يجب على مَن يريد الخيرَ لنفسه ولمجتمعه أن يبحث ويتحرَّى عن الأساس الصالِح الذي يجب أن يقومَ عليه نظامُ المجتمع، ويسعى لتثبيت هذا الأساس، وإقامةِ نظام المجتمع عليه، وبهذا تتيسَّر للأفراد سُبلُ الخير والسعادة، ويتحقَّق أكبرُ قدرٍ ممكن من الحياة الطيبة المستقرَّة الهادئة لأفراده.
والواقع: أنَّ الإسلام كفانا مؤونةَ البحْث والتحرِّي عن هذا الأساس الذي يقوم عليه النظامُ الصالح والمجتمع، كما كفانا مؤونةَ البحث عن طبيعة هذا النِّظام الصالح وخصائِصه، مما يجعل الأمرَ سهلاً ميسورًا لبناءِ المجتمع الصالِح الذي يَسْعد به الناس جميعًا[1].

وقد فصَّلَتْ أصولُ الإسلام من القرآن والسُّنة كلَّ ذلك تفصيلاً واضحًا، وليس حديثي هنا عن السُّنة؛ فإنَّ لذلك مظانَّه في كتبها، أمَّا القرآن الكريم فقد بيَّن وأوضح المنهاجَ القويم، وخُطَّته الرائعة الشاملة لإصلاح المجتمع.

منهاج القرآن في الإصلاح الاجتماعي:
ولنقف الآنَ وقفةً متأنِّية مع الجانب الاجتماعي، والذي أولاه القرآنُ الكريم الجزءَ الكبير من تشريعاته الإصلاحية في الحياة الإنسانيَّة في القديم والحديث.
فمنذ ألف وأربعمائة عام وثلاثين سَنة نادَى محمد بن عبدالله - النبي الأُمِّي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بطْن مكَّة، وعلى رأس الصَّفا: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158].

فكانت تلك الدعوةُ الجامعة حدًّا فاصلاً في الكون كلِّه،
بيْن ماضٍ مظلم، ومستقبلٍ باهِرٍ مشرِق، وحاضرٍ زاخرٍ سعيد، وإعلانًا واضحًا مبينًا لنظامٍ جديد شارعُه الله العليم الخبير، ومبلِّغُه محمَّدٌ البشير النذير، وكتابه القرآن الواضح المنير، وجُنده السابقون الأولون مِن المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وليس مِن وضْع الناس، ولكنَّه صِبغة الله، ومَن أحسن مِن الله صبغة؟!

والقرآن الكريم هو الجامعُ لأصول هذا الإصلاح الاجتماعي الشامِل وقد أخذ يتنزَّل على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويُعلن به المؤمنين بين الآن والآن بحسبِ الوقائع، والظروف والمناسبات: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً * وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ [الفرقان: 32 - 33].

حتى اكتملَ به الوحيُ، وحُفِظ في الصدور والسطور في مدَى اثنتين وعشرين سَنَة ونيِّفًا
، وقد جمَع الله فيه لهذه الأمَّة تبيانَ كلِّ شيء وبيَّن أصول الإصلاح الاجتماعي الكامل الذي جاء به، ولقد طاردتْ هذه المبادئُ القرآنية الوثنيةَ المخرفة في جزيرة العرب وبلاد الفرس، فقَضَتْ عليها، وطاردتِ اليهوديةَ الماكرةَ فحصرتها، وصارعتِ المسيحية حتى انحصر ظلُّها[2]؛ لأنَّها جاءت بالمبادئ الكافية، والمثالية الفاضِلة، والتشريعات الكاملة، فكانتْ أوْلَى بالاتباع والعمل في نظام حياتها الجديد.

أمثلة الإصلاح الاجتماعي في القرآن:
وهذه بعضُ الأمثلة القرآنية الجليلة، والتي تُمثِّل المثَلَ الأعلى للمجتمعات الإنسانية؛ لكون القرآن المنزل مِن عند الله - تعالى - هو المنهاجَ الأعظم المشرعَ لها، والجامع لأصولها؛ ولأنَّ العقيدة الإسلامية هي النظامُ الأوحد الذي يربط هذا المجتمع بعضَه ببعض، ويحضُّ الجميعَ على الأخْذ بمبادئ الإسلام، ودستور القرآن الكريم، ومن هذه التشريعات والأصول والأُسس مايلي:
1- إصلاح الرجل والمرأة معًا:
عرَض القرآن الكريم في ثنايا آياتِه الكريمة عِدَّة أصولٍ وقواعدَ، يتمُّ بها صيانةُ الأعراض والأنساب في المجتمع، وذلك مِن خلال جملة من التشريعات للرجل وللمرأة أيضًا، فمن ذلك:
قول الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].
وقال - تعالى - للرِّجال: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].

وقال في حقِّ النساء: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

وقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33].

وقال سبحانه: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ﴾ [الإسراء: 32].

وقال - تعالى -: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا ﴾ [الأحزاب: 32].
2- إصلاح الأسرة بالتشريعات المناسبة:
ومِن ذلك: إصلاح الأسرة بالتشريعات القرآنيَّة المناسِبة لظروفها وأحوالها في الطلاق والنشوز، والإيلاء والظِّهار، وآداب الاستئذان، وحفْظ الفروج وغيرها؛ كما قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 19 - 20].

وقال - تعالى -: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 34 - 35].

وقال سبحانه: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228].

وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 59].

وقال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 3 - 4].
3- التكافل الاجتماعي:
القائم على العِناية والرِّعاية لحقوق الفقراء والمساكين، واليتامى والمحتاجين، إلى أنواع المساعدة والإنفاق:
قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 245].

وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 8 - 9].

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

وقال - تعالى -: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 2].

وقال أيضًا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10].
4- التزام مبدأ الأخوة:
قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].

وقال - تعالى -: ﴿ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾[آل عمران: 103].

وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].
5- التزام مبدأ التعاون:
قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ ﴾ [الصف: 14].
6- التزام مبدأ العدل:
قال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [الأنعام: 152].

وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40].

وقال سبحانه: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرينَ ﴾ [النحل: 126].

وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [المحل: 90].
7- التزام مبدأ التقوى:
قال - تعالى -: ﴿ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ ﴾ [النساء: 1].

وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].
8- التزام مبدأ الرفق والرحمة:
قال - تعالى -: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29].
9- التزام مبدأ الحب والإيثار:
قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].
10- التزام مبدأ الوفاء بالعهد والوعد:

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1].

وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 91].
11- التزام مبدأ لأمانة والصدق:
قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

وقال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المعارج: 32].
12- التزام مبدأ العفو والصفح الجميل:

قال الله سبحانه: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43].

وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 13].

وقال سبحانه: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

وقال سبحانه: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22].
13- التزام مبدأ الدعوة إلى الخير:
قال - تعالى -: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].
14- التزام طاعة أولي الأمر إلا إذا أعْلنوا كفرًا صراحًا فلا تجب طاعتهم:
قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 59].
15- رعاية الحُرُمات والآداب العامة للمجتمع:
قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور: 59].

وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ [النساء: 86].

وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِّسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 11 - 12].
وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].

إلى غيرِ ذلك مِن الآيات الجامعة لقواعدِ وأصول إصلاح المجتمع الإسلامي، الذي أراده اللهُ تعالى ورسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم -[3] لبناء مجتمع إنساني أرْقَى، يسمو به إلى معالِي العبودية الكاملة.






[1] أصول الدعوة؛ عبدالكريم زيدان.
[2] رسائل الإمام حسن البنا؛ بتصرُّف.
[3] "مجالات الدعوة في القرآن وأصولها"، عاطف الفيومي.



المصدر : شبكة الألوكة
 تم النشر يوم  الخميس، 27 ديسمبر 2012 ' الساعة  2:04 م


 
Toggle Footer