الجمعة، 28 ديسمبر 2012


دعوة للتثبيت

سامح محمد عيد

إنَّ مما يُكدِّر علينا صفو العيش وهناءه في هذه الأيام انتشارَ الفتن انتشارًا كبيرًا، وشيوعها شيوعًا مخيفًا، مع ما نراه من كثرة التثبيط وقلة التثبيت من عزائم وهمم رجال ونساء الأمة، وهو المنهج الذي يتبناه بعضُ من يدَّعون العلم، يساندهم في ذلك مُحبي وعاشقي التغريب، وإنَّا لله وإنا إليه راجعون، وأصبحنا كما أخبرنا نبينا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ))[1].

والتثبيت: من ثَبَتَ الشيءُ يثبت ثبوتًا؛ أي: دام واستقر فهو ثابت[2].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "التثبيت هو التثبُّت؛ كقوله - تعالى -: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66]... والتثبت: هو القوة والمكنة، وضده الزلزلة والرجفة"[3].

وقال ابن القيم: "الخلق كلهم قسمان: موفَّق بالتثبيت، ومخذول بترك التثبيت، ومادة التثبيت وأصله ومَنشؤه من القول الثابت وفعل ما أُمر به العبد، فبهما يثبِّت الله عبده، فكل من كان أثبت قولاً وأحسن فعلاً، كان أعظم تثبيتًا؛ قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66][4].

وقال أبو جعفر الطبري[5]: من قول القائل: "ثَبَّتُّ فلانًا في هذا الأمر" - إذ صححت عزمَه، وحققته، وقويت فيه رأيه - "أثبته تثبيتًا"، كما قال ابن رواحة:
فَثَبَّتَ  اللهُ   مَا   آتَاكَ   مِنْ   حَسَنٍ        تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
 
ومن صور تثبيت الرسل:
أولاً: تثبيت رب العالمين لمحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أفضل الخلق وأكملهم:
1 - تثبيته عن طريق الإخبار بقصص الأنبياء السابقين؛ قال تعالى: {وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [هود: 120 - 122].

قال ابن كثير: "يقول تعالى: وكل أخبار نقصُّها عليك، من أنباء الرسل المتقدمين قبلك مع أممهم، وكيف جرى لهم من المحاجات والخصومات، وما احتمله الأنبياء من التكذيب والأذى، وكيف نصر الله حزبه المؤمنين، وخذل أعداءه الكافرين - كل هذا مما نثبت به فؤادك يا محمد؛ أي: قلبك، ليكون لك بمن مضى من إخوانك من المرسلين أُسْوةً"[6].

وقال ابن الجوزي: "ومعنى تثبيت الفؤاد تسكين القلب هاهنا، ليس للشك، ولكن كلما كان البرهان والدلالة أكثر، كان القلب أثبت"[7].

2 - تثبيته على الدين وما كان عليه من الحق؛ قال تعالى: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم: 47]، قال ابن عطية: "وقوله: {فلا تحسبن الله} الآية، تثبيت للنبي - عليه السلام - ولغيره من أُمَّته، ولم يكن النبي - عليه السلام - ممن يحسب مثل هذا، ولكن خرجت العبارة هكذا، والمراد بما فيها من الزجر مَن شارك النبي - عليه السلام - في أنْ قصد تثبيته"[8].

3 - تثبيته بالصبر وغيره وذلك من أجل تسلية قلبه وتسكينه وحفظه؛ قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [غافر: 77]، قال ابن كثير: "أي: اصبر على مُخالفتهم وعنادهم؛ فإن الله - تعالى - منجز لك ما وعدك من نصره إياك، وجعله العاقبة لك ولمن اتَّبعك في الدنيا والآخرة؛ {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]؛ أي: بل اثبت على ما بعثك الله به، فإنَّه الحق الذي لا مرية فيه، ولا تعدل عنه وليس فيما سواه هُدًى يتبع، بل الحق كله منحصر فيه[9].

ثانيًا: تثبيت رب العالمين لإبراهيم - صلَّى الله عليه وسلَّم:
قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وسلامًا عَلَى إبْرَاهِيمَ * وأَرَادُوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ} [الأنبياء: 68 -70].

قال ابن عباس: "حسبي الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار"[10].

ثالثًا: تثبيت رب العالمين ليوسف الصديق - صلَّى الله عليه وسلَّم:
قال تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]، قال الزمخشري: "{كَذَلِكَ}؛ أي: مثل ذلك التثبيت ثبتناه؛ {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ} من خيانة السيد، {وَالْفَحْشَاءَ} من الزِّنا، {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} الذين أخلصوا دينهم لله، وبالفتح الذين أخلصهم الله لطاعته بأن عصمهم"[11].

رابعًا: تثبيت رب العالمين لموسى بن عمران كليم الله - صلَّى الله عليه وسلَّم:
قال تعالى: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [طه: 68]، قال الماوردي: "تثبيتًا لنفسه، وإزالة لخوفه"[12].

خامسًا: تثبيت رب العالمين لعيسى بن مريم كلمة الله - صلَّى الله عليه وسلَّم:
 قال تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [المائدة: 110].

قال الزمخشري: "وقيل: روح القدس: جبريل - عليه السلام - أُيِّد به لتثبيت الحجة"[13].

تثبيت المؤمنين:
ومن صور تثبيت المؤمنين ما يلي:
1- تثبيتهم بتنزيل القرآن وذلك ليزدادوا إيمانًا:
قال تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 102].
قال الطبري: "وقوله: {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} يقول تعالى ذكره: قل نزَّل هذا القرآن ناسخه ومنسوخه روح القدس عليَّ من ربي؛ تثبيتًا للمؤمنين، وتقوية لإيمانهم؛ ليزدادوا بتصديقهم لناسخه ومنسوخه إيمانًا لإيمانهم، وهدى لهم من الضَّلالة، وبُشرى للمسلمين الذين استسلموا لأمر الله، وانقادوا لأمره ونهيه، وما أنزله في آي كتابه، فأقرُّوا بكل ذلك، وصدقوا به قولاً وعملاً"[14].

2- تثبيتهم بالصبر كنوع من أنواع تأنيس قلوبهم:
قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]؛ قال السعدي: "يقول تعالى مشجعًا لعباده المؤمنين، ومقويًا لعزائمهم ومنهضًا لهممهم: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا}؛ أي: ولا تهنوا وتضعفوا في أبدانكم، ولا تحزنوا في قلوبكم، عندما أصابتكم المصيبة، وابتليتم بهذه البلوى، فإنَّ الحزن في القلوب، والوَهن على الأبدان، زيادة مصيبة عليكم، وعون لعَدوِّكم عليكم، بل شجعوا قلوبكم وصبروها، وادفعوا عنها الحزن، وتصلبوا على قتال عدوكم، وذكر تعالى أنَّه لا ينبغي ولا يليق بهم الوهن والحزن، وهم الأعلَوْن في الإيمان، ورجاء نصر الله وثوابه، فالمؤمن المتيقن ما وعده الله من الثواب الدنيوي والأخروي لا ينبغي منه ذلك؛ ولهذا قال تعالى: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}"[15].

3- تثبيتهم بالقول الثابت أدلةً أو إدامةً عليه:
قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27].
قال الماوردي: "فيه وجهان: أحدهما: يزيدهم الله أدلة على القول الثابت.
الثاني: يديمهم الله على القول الثابت، ومنه قول عبدالله بن رواحة:
فَثَبَّتَ  اللهُ   مَا   آتَاكَ   مِنْ   حَسَنٍ        تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
 
وفي قوله: {بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} وجهان: أحدهما: أنه الشهادتان، وهو قول ابن جرير، الثاني: أنه العمل الصالح، ويحتمل ثالثًا: أنه القرآن"[16].

4- تثبيتهم بالملائكة:
ويكونُ هذا في وقت القتال والمعارك بأساليب منها: القتال معهم، أو البشارة بالنَّصر، أو تقوية القُلوب أو تصحيح العزائم، أو تكثير السواد، ولا مانعَ أن تجتمع، فلا تعارض بينها، والله - عز وجل - أكرم الأكرمين.

- قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30].

- وقال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: 12].

قال الماوردي: "قوله - عز وجل -: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ}؛ معناه: مُعينكم"، ويحتمل أن يكون معناه: إنِّي معكم في نصرة الرَّسول، فتكون الملائكة لتثبيت المؤمنين، والله - تعالى - متولي النصر بما ألقاه من الرُّعب في قلوب المشركين.

{فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: فثبِّتوهم بحضوركم معهم في الحرب، والثاني: بقتالكم معهم يوم بدر؛ قاله الحسن، والثالث: بإخبارهم أنَّه لا بأسَ عليهم من عدوهم"[17].

تثبيت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأصحابه:
كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يثبت أصحابه مرة في القتال، ومرة عند التعذيب من المشركين، ومرة في الإنفاق في سبيل الله، ومرَّة من أجل الثبات على الدين، ومرَّة عند وفاته.

1- تثبيته لقلب الصديق في الغار عام الهجرة:
وذلك عندما جزع الصديق أن يَطَّلع عليهم أحد، فيصيب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - منهم أذى، فجعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُسَكِّنه ويَثبِّته ويقول: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟))[18].

2- تثبيته - صلَّى الله عليه وسلَّم - لقلوب أصحابه عند كثرة الأعداء:
قال تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الأنفال: 43].

وذلك أن الله - عزَّ وجل - أرى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في رُؤياه الأعداء قليلاً، فأخبر بذلك أصحابه، فكان تثبيتًا لهم، وتشجيعًا على عدوهم[19].

قال ابن الجوزي: "قال مجاهد: لما أخبر أصحابه بأنَّه رآهم في المنام قليلاً، كان ذلك تثبيتًا لهم"[20].

3- تثبيته لأصحابه بالنصر والفتوحات:
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، قَالَ: وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنْ الخَنْدَقِ لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، قَالَ: فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قَالَ عَوْفٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَضَعَ ثَوْبَهُ، ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ: ((بِسْمِ اللَّهِ))، فَضَرَبَ ضَرْبَةً، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: ((اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ، إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا))، ثُمَّ قَالَ: ((بِسْمِ اللَّهِ))، وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: ((اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ، إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا))، ثُمَّ قَالَ: ((بِسْمِ اللَّهِ))، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: ((اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ، إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا))"[21].

4- تثبيته لمن فَرَّ من أصحابه في غزوة حنين:
"عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ، فَانْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ، وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَقُولُ: ((أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عبدالمُطَّلِبْ))"[22].

5- تثبيته لخاله سعد بن أبي وقاص في القتال:
"عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي))، قَالَ: فَنَزَعْتُ لَهُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ، فَأَصَبْتُ جَنْبَهُ، فَسَقَطَ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى نَوَاجِذِهِ"[23].

6- تثبيته لآل ياسر وهم يعذَّبون من كفَّار قريش:
"عن ابن إسحاق قال: كان عمار بن ياسر وأبوه وأُمُّه أهل بيت إسلام، وكان بنو مخزوم يعذبونهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صبرًا يا آلَ ياسر، فإنَّ مَوْعِدَكُمُ الجنَّة))"[24].

وفي روايةٍ عن جابر: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بعمار وأهله وهم يُعذَّبون فقال: ((أَبْشِرُوا آلَ عمار وآلَ ياسر، فإنَّ مَوْعِدَكُمُ الجنَّة))[25].

7- تثبيته للزبير بن العوام حواري رسول الله - صلي الله عليه وسلم:
"عن ابن الزبير أنه قال: يا أَبتِ، لقد رأيتُكَ تحملُ على فرسكَ الأشقرِ يومَ الخندق قال: رأيتني يا بُنَي؟ قال: نعم، قال: فإن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يومئذٍ ليجمع لأبيك أبويه، يقول: ((ارمِ، فداك أبي وأمي))"[26].

8- تثبيته لبلال على الإنفاق في سبيل الله:
"عن أبي هريرة قال: عاد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بلالاً، فأخرج إليه صبرًا من تمر، فقال: ((مَا هَذَا يَا بِلال؟)) قال: تمر ادخرته يا رسول الله، قال: ((أَمَا خِفْتَ أَنْ تَسْمَعَ لَهُ بُخَارًا فِي جَهَنَّم؟ أَنْفِقْ بِلال وَلا تَخَافَنَّ مِنْ ذِي العَرْشِ إِقْلالاً))"[27].

9- تثبيته لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على تولي الأعمال مثل القضاء:
"عَنْ عَلِيٍّ - عليه السلام - قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُرْسِلُنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ، فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصْمَانِ، فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ))، قَالَ: فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا، أَوْ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ"[28].

10 - تثبيته لخباب بن الأرت - رضي الله عنه:
"عن خباب، قال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ - قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: ((كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ، لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ))"[29].

11 - تثبيته للأنصار لما سيلقونه بعد وفاته - صلَّى الله عليه وسلَّم:
"عَنْ عبداللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالاً، فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ، فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي))، كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَالَ: ((مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم؟)) قَالَ: كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَالَ: ((لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا، أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إِلَى رِحَالِكُمْ؟ لَوْلَا الْهِجْرَةُ، لَكُنْتُ امْرأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الْأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ))"[30].

التثبيت على الحق عند المصائب والابتلاءات:
1 - تثبيت أبي بكر - رضي الله عنه - للصحابة:
وعلى رأسهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عند وفاة أشرف المرسلين محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ - قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ، مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ، مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَقَبَّلَهُ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ، عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ"[31].

2 - تثبيت من مات ولده:
"عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: ((اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي))، قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: ((إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى))"[32].

3 - تثبيت الإمام أحمد عند فتنة خلق القُرآن:
"سخَّر الله - سبحانه وتعالى - لإمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد مَن يُثبته ويشد من عضده، في مِحنته التي بها صار إمامًا لأهل السنة والجماعة ومنهم:
 - أبو جعفر الأنباري: "فعن أبي جعفر الأنباري قال: لما حُمل أحمد إلى المأمون، أخبرت، فعبرت الفرات، فإذا هو جالس في الخان، فسلمت عليه، فقال: يا أبا جعفر، تعنيت، فقلت: يا هذا، أنت اليومَ رأسٌ، والناس يقتدون بك، فوالله، لئن أجبت إلى خلق القرآن، ليجيبن خلق، وإن أنت لم تُجب، ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا، فإنَّ الرجلَ إنْ لم يقتلك، فإنَّك تموت، لا بُدَّ من الموت، فاتق الله ولا تُجب، فجعل أحمد يبكي، ويقول: ما شاء الله، ثم قال: يا أبا جعفر، أعد علي، فأعدت عليه، وهو يقول: ما شاء الله"[33].

- سجين كان معه في حبسه: "وقال أحمد: لست أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلاَّ واحد، ولا قتلاً بالسيف، إنَّما أخاف فتنة السوط، فسمعه بعض أهل الحبس، فقال: لا عليكَ يا أبا عبدالله، فما هو إلاَّ سوطان، ثم لا تدري أين يقع الباقي، فكأنه سُرِّيَ عنه"[34].

- أبو الهيثم العيار اللص: "وعن محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة قال: سمعت (شاباص) النائب يقول: لقد ضربت أحمدَ بنَ حنبل ثمانين سوطًا لو ضربتها فيلاً لَهَدَّته، وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: كنت كثيرًا أسمع والدي يقول: رَحِمَ الله أبا الهيثم، غفر الله لأبي الهيثم، عفا الله عن أبي الهيثم، فقلت: يا أبَتِ، مَن أبو الهيثم؟ فقال: لما أخرجت للسِّياط، ومُدَّت يداي للعقابين إذا أنا بشاب يجذب ثوبي من ورائي، ويقول لي: تعرفني؟ قلت: لا، قال: أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرار، مكتوب في ديوانِ أمير المؤمنين أنِّي ضربت ثمانيةَ عشر ألف سوط بالتفاريق، وصبرت في ذلك على طاعةِ الشيطان؛ لأجلِ الدُّنيا، فاصبر أنت في طاعة الرَّحمن؛ لأجل الدين، قال: فضُرِبتُ ثمانيةَ عَشَرَ سوطًا بدل ما ضُرِبَ ثمانية عشر ألفًا، وخرج الخادم فقال: عفا عنه أميرُ المؤمنين"[35].

- جابر بن عامر: "قال صالح بن أحمد: حُمِلَ أبي ومحمد بن نوح من بغداد مُقيَّدَيْن، فصرنا معهما إلى الأنبار، فسأل أبو بكر الأحول أبي: يا أبا عبدالله، إن عرضت على السيف، تجيب؟ قال: لا، ثم سِيرا، فسمعت أبي يقول: صرنا إلى الرحبة، ورحلنا منها في جوف الليل، فعرض لنا رجل، فقال: أيُّكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له: هذا، فقال للجَمَّال: على رِسْلِكَ، ثم قال: يا هذا، ما عليك أن تقتلَ هاهنا، وتدخل الجنة؟! ثم قال: أستودعك الله، ومضى.

فسألت عنه، فقيل لي: هذا رجل من العرب من ربيعة يعمل الشعر في البادية، يقال له: جابر بن عامر، يذكر بخير"[36].

- أحمد بن أبي الحواري: "حدثنا إبراهيم بن عبدالله، قال: قال أحمد بن حنبل: ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كَلَّمني بها في رحبة طوق، قال: يا أحمد، إن يقتلك الحقُّ، متَّ شهيدًا، وإن عشت، عشت حميدًا، فقَوَّى قلبي"[37].

- أهل المطامير: "وعن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: وكتب أهلُ المطامير إلى أحمد بن حنبل: إن رجعت عن مقالتك، ارتددنا عن الإسلام"[38].

4 - تثبيت زوجة الفقيه القاضي أبي عبدالله بن شعيب له:
"لما ولي الشيخ الفقيه الصالح أبو عبدالله بن شعيب - رحمه الله - قضاء القيروان - ومحل تحصيله في الفقه وأصوله شهيرة - فلَمَّا جلس الخصوم إليه وفصل بينهم، دخل منزله مقبوضًا، فقالت له زوجته: ما شأنُك؟ فقال لها: عسر عليَّ علم القضاء، فقالت له: رأيت الفُتيا عليك سهلة، اجعل الخصمين كمستفتيين سألاك، قال: فاعتبرتُ ذلك فسَهُل عليَّ"[39].

التثبيت عند الدعوة إلى الله:
1 - تثبيت خديجة - رضي الله عنها - لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم:
"عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ في حديث بَدْء الوحي، وفيه: فَرَجَعَ بِهَا - أي: أول سورة العلق - رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقَالَ: ((زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي))، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، ثم أَخْبَرَ خَدِيجَةَ الْخَبَرَ، وقال: ((لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي)).

فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وتكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فانْطَلَقَتْ بِهِ خديجة حتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ..."[40].

2 - تثبيت أم سلمة - رضي الله عنها - لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم:
"ومن حديث الحديبية الذي رواه المسور بن مخرمة ومروان - رضي الله عنهما -: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لأصحابه: ((قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا))... فَوَاللَّهِ، مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ، ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ: نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا"[41].

3 - تثبيت النبي لعدي بن حاتم:
"عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: ((يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟))، قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: ((فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ))، قُلْتُ: فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي: فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلَادَ؟ ((وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى))، قُلْتُ: كِسْرَى بن هُرْمُزَ، قَالَ: ((كِسْرَى بن هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ، وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَلَيَقُولَنَّ لَهُ: أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ))، قَالَ عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَقُولُ: ((اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ))، قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ، لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ"[42].

قال الشيخ الألباني: "وكان عديٌّ قد وفد على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليدخل في الإسلام، وخشي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يفتَّ في عَضُده ويثبطه عندما يرى من ضَعْفِ أهله، وفقرهم، وعدم انتشار الأمن في أرْضِهم حينذاك، فألقى بالبشارات المذكورة في الحديث؛ ترغيبًا وتثبيتًا"[43].

التثبيت عند المرض:
عَنْ عبداللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةٍ حَسَنَةٍ مِنْ الْعِبَادَةِ، ثُمَّ مَرِضَ، قِيلَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ: اكْتُبْ لَهُ مِثْلَ عَمَلِهِ إِذَا كَانَ طَلِيقًا حَتَّى أُطْلِقَهُ أَوْ أَكْفِتَهُ إِلَيَّ))[44].

وعن جَابِر بن عبداللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ أَوْ أُمِّ الْمُسَيَّبِ، فقال: ((مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ - أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيَّبِ - تُزَفْزِفِينَ؟))؛ قَالَتْ: الْحُمَّى لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، فَقَالَ: ((لَا تَسُبِّي الْحُمَّى، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ))[45].

التثبيت بالدعاء والذكر:
وفي المواقف الصعبة ترى في الذكر تثبيتًا للذاكرين: "عن شَهْر بْن حَوْشَبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ دُعَاءَكَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ! قَالَ: ((يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ))، فَتَلا مُعَاذٌ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8]"[46].

فإذا كان المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - خاتم الأنبياء وأفضلهم، المعصوم من الكبائر والإصرار على الصَّغائر - يُكثر من هذا الدُّعاء، فما يصنع غيره من البشر، خصوصًا في هذا الزمان الذي يكون فيه زيادة على التقليبِ السُّرعة في التقليب؟! فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قَالَ: ((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا))[47].

وأخيرًا: فإنَّ التثبيت منهج رباني وطريق عتيق، فيه سار الأنبياء والرسل والصديقون، والعلماء والشُّهداء والصَّالحون، وهم قدوتنا وأسوتنا أمام دعاة التثبيط والتغريب، فعلينا أن نثقَ بنصر الله - عز وجل - فمهما طال الليل واشتدَّ الظلام، فلا بُدَّ أن يبزغ الفجر، ويحلَّ   النهار، ويعمَّ النور، فهذه عقيدة عميقة في قلوب أصحاب الدعوات؛ لأنَّهم استمعوا بهذه   القلوب إلى قول الله - تعالى -: {حَتَّى إذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ولا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ   القَوْمِ المُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا اله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
  
ـــــــــــــــــــ
[1] رواه الترمذي (2260) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وصححه الألباني.
[2] "المصباح المنير"، (1/80)، و"المغرب"، لأبي الفتح المطرز، (1/119)، و"لسان العرب"، (2/19)، مادة: (ثبت).
[3] "مجموع الفتاوى"، (14/94).
[4] "إعلام الموقعين"، (1/177).
[5] "تفسير الطبري"، (5/531).
[6] "تفسير ابن كثير"، (4/363).
[7] "زاد المسير"، (3/393).
[8] "المحرر الوجيز"، (4/114).
[9] "تفسير ابن كثير"، (6/328).
[10] رواه البخاري، (4287)، وانظر: "تفسير ابن كثير"، (5/351).
[11] "الكشاف"، (3/161).
[12] "النكت والعيون"، للماوردي، (3/413).
[13] "الكشاف"، (2/81).
[14] "تفسير الطبري"، (17/298).
[15] "تفسير السعدي"، (ص149-150).
[16] "النكت والعيون"، (3/135).
[17] "النكت والعيون"، (2/52).
[18] رواه البخاري (4386)، ومسلم (2381) من حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه.
[19] "الكشاف"، (2/368).
[20] "زاد المسير"، (3/116).
[21] رواه أحمد، (4/303)، (18716)، والنَّسائي في "السنن الكبرى"، (5/269)، وابن أبي شيبة في "المصنف"، (8/501)، والحديث صحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في "الأحكام الصغرى"، (ص: 510) كما أشار إلى ذلك في مقدمة كتابه، وقال ابن حجر في "فتح الباري"، (7/397): "إسناده حسن".
[22] رواه البخاري، (2864)، ومسلم، (1776).
[23] رواه مسلم، (2412).
[24] رواه الحاكم في "المستدرك"، (5/72). وقال الألباني في "فقه السيرة"، لمحمد الغزالي (103): "حسن صحيح".
[25] رواه الحاكم في "المستدرك"، (5/80). وصححه الألباني في "صحيح السيرة النبوية"، (154).
[26] رواه النَّسائي في "السنن الكبرى"، (5/60)، وأبو يعلى في "المسند"، (2/25). وقال محققه حسين سليم أسد: "إسناده صحيح".
[27] رواه أبو يعلى في "المسند"، (10/429)، والطبراني (1/240). وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": "صحيح".
[28] رواه أبو داود، (3582)، وأحمد، (1/83) (636)، وحسنه الألباني.
[29] رواه البخاري، (3612).
[30] رواه البخاري، (4330)، ومسلم، (1061).
[31] رواه البخاري، (3670).
[32] رواه البخاري، (1283).
[33] "سير أعلام النبلاء"، (11/238 - 239).
[34] "سير أعلام النبلاء"، (11/239 - 240).
[35] "صفوة الصفوة"، (2/351).
[36] "سير أعلام النبلاء"، (11/241).
[37] "سير أعلام النبلاء"، (11/241).
[38] "صفوة الصفوة"، (2/352).
[39] "الأشباه والنظائر"، لابن نجيم، (ص: 425).
[40] رواه البخاري (4)، ومسلم (160).
[41] رواه البخاري (2734).
[42] رواه البخاري، (3595).
[43] "تخريج أحاديث مشكلة الفقر، وكيف عالجها الإسلام"، (ص: 81).
[44] رواه أحمد، (2/203) (6856)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"، (3/185).
[45] رواه مسلم، (2575).
[46] رواه الترمذي، (3522)، وأحمد، (6/301) (26618)، قال الترمذي: "هذا حديث حسن، وقال الألباني في "صحيح سنن الترمذي": "صحيح".
[47] رواه مسلم، (118).

شبكة الألوكة


 تم النشر يوم  الجمعة، 28 ديسمبر 2012 ' الساعة  9:38 ص


 
Toggle Footer